ليست هناك حرية بلا ضفاف أو شطآن وإلا كانت فوضى.. فالحرية لها حدود وهى مسئولية والتزام.. وهذا الكلام البديهى يفترض أن يعيه كل من يحمل هموم الوطن وكل من يسعى للاصلاح وكل من يعمل بالاعلام والصحافة.. ولكننا نعيده لان هناك فى الصحف الخاصة وبرامج ال«توك شو» فى بعض الفضائيات من يزيفون الحقائق.. ومن يحاولون إظهار من كانوا يحاصرون مقر مجلس الوزراء على مدى عشرين يوما ويصرون على منع رئيس الحكومة الدكتور الجنزورى من مباشرة عمله وتعطيل احدى سلطات الدولة على أنهم «ثوار» وأنهم كانوا يمارسون حق الاعتصام! ولا يتطرق مقدمو برامج الاثارة والتهييج فى القنوات الخاصة إلى جهود الوساطة التى بذلها الاساتذة حافظ أبو سعدة وناصر أمين وجورج اسحق ومحمد حنفى لاقناع من كانوا يحاصرون مجلس الوزراء بأن يفضوا حصارهم واعتصامهم من تلقاء أنفسهم - ولكنهم رفضوا وهو ما اضطر قوات الشرطة العسكرية للتدخل لفض الاعتصام بالقوة وبكل ما نتج عن ذلك من تداعيات.. ولا تتطرق تلك البرامج أيضا إلى من كانوا يحملون زجاجات المولوتوف من البلطجية والغوغاء الذين كانوا بين صفوف المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء وفى ميدان التحرير.. كما لا تتطرق أيضا إلى قضية أن الموجودين فى ميدان التحرير لا يمكن أن يكونوا أوصياء على كل شعب مصر لأن ثورة 25 يناير قد انتقلت فى استفتاء 19 مارس 2011 وفى المراحل الثلاث لانتخابات مجلس الشعب من شرعية الشوارع والميادين إلى شرعية صناديق الانتخابات.. وأنه يجب التأكيد على هذه النقطة الجوهرية من أجل دعم مسيرة الاستقرار ودفع عجلة الانتاج ووضع حد للفوضى والانفلات.. وهذا الموقف الذى تسير عليه برامج الإثارة فى بعض القنوات الخاصة هو نفسه موقف صحف الاثارة التى لا تزال تحاول تسويق الاكاذيب بأن المجلس الاعلى للقوات المسلحة يريد البقاء فى السلطة وأن رجاله متآمرون مع مبارك.. وتحاول دوما التطاول على القادة أعضاء المجلس بعناوين لا تخلو من الجليطة وقلة الذوق.. كما تسخر فى عناوينها من الكلام عن وجود طرف ثالث وقوى خارجية وداخلية تعمل لاحداث وقيعة بين القوات المسلحة وجماهير الشعب متناسية قصة الاسرائيلى إيلان جرابيل وتصريحات رئيس المخابرات العسكرية الاسرائيلية السابق الجنرال عاموس يادلين فى أكتوبر 2010 بأن اسرائيل نجحت فى اختراق مختلف طبقات وطوائف المجتمع المصرى وأنها أججت النزاعات الطائفية والعرقية والدينية بحيث يستحيل على أى رئيس آخر بعد مبارك أن يحكم مصر.. والمصيبة الأكبر من كل هذا وذاك هى قضية التمويل الاجنبى المباشر الذى قدمته الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الاوروبى وجمعيات وشخصيات خليجية من وراء ظهر الحكومة المصرية إلى بعض المنظمات الحقوقية والجمعيات الدينية والذى بلغ خلال الشهور التى تلت ثورة 25 يناير نحو 3 مليارات جنيه مصرى.. وهو رقم يجعلنا نقلق بشدة على ما يجرى داخل مصر.