حفل تاريخنا الإسلامى بالحديث عن العديد من الأمهات اللاتى كان لهن دور كبير فى مسار هذه الأمة، ومن بين هؤلاء امهات علماء الفقه والحديث حيث قمن بتربيتهم التربية التى جعلت منهم علماء للأمة يتم الاقتداء بهم إلى الآن، ومن تلك الأمهات أم الإمام مالك الذى انتشر علمه وفقهه وكان إمام دار الهجرة، حيث يقول الإمام مالك بن أنس: كانت أمى تلبسنى الثياب، وتعممنى وأنا صبي، وتوجهنى إلى ربيعة بن أبى عبد الرحمن، وتقول: ( يا بني! ائت مجلس ربيعة؛ فتعلم مِن سمته وأدبه، قبل أن تتعلم مِن حديثه وفقهه). ومن الأمهات اللاتى قدمن علماء للأمة أم الإمام الشافعى، حيث مات والد الإمام الشافعى، فكان وفاء الأم أن تجعل ابن محمد بن إدريس الشافعى إمامًا، فأخذته من غزة إلى مكة وهناك تعلم. القرآن الكريم وهو بن 7 سنوات، ثم أرسلته إلى البادية ليتعلم اللغة العربية، ثم تعلمه الفروسية والرماية، وأجازه الإمام مالك للفتوى وهو فى الخامسة عشرة من عمره. ومن المواقف التى تروى عن أم الإمام الشافعى أنها أوقفت ابنها بين يدها و قالت له : أى بنى عاهدنى على الصدق، فعاهدها الشافعى أن يكون الصدق له فى الحياة مسلكاً ومنهاجاً. كما يذكر لنا التاريخ الإسلامى صفية بنت ميمونة بنت عبدالملك (أم الإمام أحمد بن حنبل)، حيث مات زوجها محمد بن حنبل شابا فى الثلاثين، وهى كانت دون الثلاثين، و رغم ذلك لم ترض بالزواج، وإنما أرادت أن تملأ على ولدها حياته حنانا وأنسا، فأهدت إلى دُنيا المؤمنين، وعالم الموحدين إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. ومن الأمهات المعروفات أيضا فى تاريخ أهل العلم والدة الإمام البخارى حيث نشأ البخارى يتيما فى كنف أمه، لتقوم بتربيته أفضل تربية، فتتعهده بالرعاية والدعاء وتدفعه للعلم والصلاح، وترحل به فى سن السادسة عشرة إلى مكة للحج، ثم تتركه هناك وترجع ليطلب العلم بلسان قومه، ليرجع البخارى أمير أهل الحديث، ذلك الذى يقول عنه أستاذه : ليس أحد أفضل منه.