المؤشرات المبدئية عقب مرحلتين من الانتخابات، تشير إلي أن التيار الاسلامي السياسي سوف يحتل أغلبية مقاعد البرلمان، ورغم أن المرحلة الثالثة للانتخابات لم تبدأ بعد في تسع محافظات، ولكن واضح بأن الصورة سوف تكتمل علي هذا الشكل! أغلبية إسلامية منقسمة إلي طائفتين (الحرية والعدالة) والممثلين للاخوان المسلمين، و(حزب النور) ممثلين للسلفيين، وواضح جداً من المناقشات والحوار الذي بثته وسائل الاعلام جراء الدعاية الانتخابية، وما حدث في مقار لجان الانتخابات بأن هناك إنقساماً بين ضفتي التيار الاسلامي رغم ثبوت المرجعية لدي الطرفين، إلا أن السياسة تلعب دورها عادة في التنافس السياسي سواء في الشارع أو تحت قبة البرلمان بالطبع. وأمام هذا التكتل (الأغلبية) التي لم يحدد عدد مقاعدها في البرلمان، حتي آخر لحظة، حينما يعلن المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات عن الفائزين بمقاعد البرلمان، وتفريغ الأصوات بين القوائم، والخروج بشكل نهائي عن عدد المقاعد لكل من التيارات السياسية التي شاركت في المعركة الانتخابية! ولعل من التحليل المبدئي لتوجه البرلمان القادم، أعتقد أن أولي أولويات الأجندة السياسية هي إنتخاب هيئة تأسيسية من مائة عضو، لوضع الدستور الدائم للبلاد، وسوف يكون الاختلاف أو الاتفاق حول إسلوب إختيار هذه اللجنة، وربما يكون من السابق لأوانه أن نتوقع المصائب قبل وقوعها، ولكن واضح بأن خلافاً سوف يحدث، لاختلاف التوجه لكل من التيارين الرئيسيين تحت القبة، فهناك ظلال من الشك، حول هدف التيار الاسلامي المصاب بلوثة الزهو والافتخار، بحصولهم لأول مرة في تاريخهم، علي رخصة شعبية بالتمثيل في البرلمان كأغلبية عن الأمة، بغض النظر تحليلياً عن أسباب هذا النجاح، الذي هو بالحق، جاء نتيجة، نشاط وكفاح ، وتنظيم هذه التيارات من جانب، أما الجانب الأخر هو عكوف 48% من كتلة الناخبين المصريين عن الذهاب إلي صناديق الانتخابات، وبالتالي فإن التمثيل داخل البرلمان لأغلبية غير حقيقية لشعب مصر، لعدة أسباب أهمها ما ذكرته بالاضافة إلي تقاعس النظم السابقة في تحقيق العدالة الاجتماعية وقيام هذه الجماعات بدور الحكومة في تخفيف العبء عن بعض الأسر المصرية. وهنا فإن التوافق بين التيارات السياسية تحت القبة، يجب أن يكون هو الهدف الرئيسي لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور. وربما يكون المجلس الاستشاري المعين من السلطة الادارية في البلاد، وشموله لكل الاتجاهات، وأيضاً كل الخبرات، إلا أن الأهمية تعود من وجود هذا المجلس، بأنه يعاون الجهه الادارية العليا، في أن تستصدر ما يمكن أن يحدد المحاور التي يجب ألا تمس من خلال مشاكل وخلافات ينتظر أن نشاهدها تحت قبة البرلمان. أي المحددات التي يجب ألا نخرج عنها كأمة، حينما نضع دستوراً للبلاد، مثلاً بأن الشرعية الاسلامية هي مصدر رئيسي للقوانين، وهي المادة الثانية في الدستور وهي أساس في البيان الدستوري المؤقت الذي نعمل تحت لوائه. . وربما هذا المشروع بقانون المنتظر صدوره من اللجنة أو المجلس الاستشاري، يلقي رفضاً من بعض التيارات السياسية والتي أحتلت الجزء الأكبر من هيئة البرلمان القادم. . إلا أننا كشعب يجب التمسك بأن الأغلبية ليست هي صاحبة الحق في وضع الدستور، ولكن الشعب كله وبتوافق الجميع، حيث يجب إختيار ممثلي هذه الاختلافات الأيكلوجية في المجتمع، لكي تمثل علي الطاولة المستديرة وضع لبنات الدستور الذي سيستمد منه مجلس النواب قوانينه وعليه سوف ننشيء التشريعات التي سوف يكون لنا أمل عظيم كمصريين أن تقفز بنا من هذا النفق المظلم!