مازالت وثيقة المبادئ الأساسية للدستور التي دعا إليها د.علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء تثير الجدل بين القوي الوطنية حيث من المقرر أن يتم استكمال مناقشتها بعد الانتهاء من إجازة عيد الأضحي مباشرة حول المواد المعدلة بها خاصة المادتين «9» و«10».. وفي هذا السياق شدد عدد من السياسيين علي ضرورة عقد حوار مجتمعي جاد في هذا الشأن واصفين الدستور بالوثيقة التوافقية التي لا يجوز أن ينفرد بإبداء الرأي فيها فصيل واحد.. فيما شدد آخرون علي أن الشرعية هي للشعب وليس لأي سلطة أخري. في هذا السياق شدد وحيد عبدالمجيد رئيس اللجنة التنسيقية للتحالف الديمقراطي علي أن غالبية القوي السياسية والشعب ترفض ما ورد في وثيقة المبادئ الدستورية لأنها تمثل وصاية صارخة علي الشعب المصري وتعيد إنتاج النظام السابق في صورة جديدة وهذا ما نرفضه جميعا، لافتا إلي أنه من غير الممكن في الوقت الحالي قبول أن يحدد شخصًا أو هيئة من يحمي الدسور ويتحكم في البلاد. وأضاف في تصريحات ل«روزاليوسف»: إن الجزء الأول من الوثيقة من الممكن مناقشته والوصول إلي صيغة توافقية فيما يخص البنود أما الجزء الثاني الذي يضع القوات المسلحة علي رأس الشرعية فهو أمر غير مقبول ولا يقبل المناقشة لأنه من المفترض أن الشعب هو من يحمي شرعيته وليس الجيش أو غيره متسائلا من يحمي الشرعية الدستورية في الجيش معتبرا أن ميزانية القوات المسلحة قابلة للنقاش فيما يخص العلنية أو السرية ولكن من غير المقبول أن تتم المصادرة علي حق الشعب والوصاية عليه. وأكد عبدالمجيد ضروة أن تكون المرجعية الأساسية للهيئة التأسيسة التي تصنع الدستور يجب أن يكون الإعلان الدستوري الذي تم الإعلان عنه بعد نتيجة الاستفتاء ولا مرجعية غيره وأن كل ما يتعارض معه يجب عدم الالتزام به. منتقدا من يعتبرون أن أزمة الوثيقة منحصرا في مناقشة ميزانية الجيش فقط واعتبارها علانية أو سرية وأنهم يريدون أن يجدوا سببا للموافقة علي الوثيقة. كشف د.عماد جاد عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وأحد المشاركين في اجتماعات وثيقة المبادئ فوق الدستورية أن المناقشات بين د.علي السملي نائب رئيس الوزراء والقوي السياسية ستستكمل بعد العيد مباشرة لاستكمال المناقشات حول مواد الوثيقة المعدلة خاصة المادتين التاسعة والعاشرة فضلا عن الاتفاق علي معايير أكثر موضوعية لاختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. ولفت جاد إلي أن هناك نقاط خلاف حول آليات اختيار اللجنة التأسيسية مثل تحديد عدد من القيادات بالنقابات ضمن اللجنة وعدم ترك الأعداد مفتوحة فضلا عن عدم التدخل في حالة عدم إنهاء تشكيل وإعداد الدستور خلال 6 أشهر من عمل اللجنة التأسيسية واختيار لجنة لتشكيله في ثلاثة أشهر وأوضح أنه في حال التوافق حول الوثيقة من جانب القوي السياسية سترفع إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإصدار مرسوم بإعلان دستوري يتضمن موادها. فيما طالب نبيل زكي قيادي بتحالف الكتلة المصرية باستبعاد المادتين التاسعة والعاشرة من وثيقة المبادئ الدستورية لتحرير الوثيقة وعن تصعيد الجدل الذي صاحب تلك المادتين وتفويت الفرصة علي قوي التيار الإسلامي في رفضها وتشكيل رأي عام معارض حولها فقال إن ما جاء في تلك الوثيقة يتفق تماما مع أهداف ومبادئ ثورة 25 يناير وكذلك كل الدساتير في دول العالم. وأضاف: إن الوثيقة طمأنت نفوس المصريين والمطالبين بدولة مدنية تجاه التصريحات المشهورة التي خرجت علي لسان مسئولي القوي الدينية بالمطالبة بدولة دينية لافتا إلي أنها كشفت نواياهم الحقيقية تجاه شكل الدولة التي يريدونها والدستور الذي سيشكله مجلس الشعب في حال حصولهم علي أغلبية في البرلمان المقبل لافتا إلي أن أبرز نقاط التوافق في الوثيقة أنها أقرت الحفاظ علي مبادئ المواطنة والفصل بين السلطات وتداول السلطة وحرية التعبير عن الرأي واصفا الوثيقة باستبعاد تلك المادتين الخلافتين المتعلقتين بحفاظ الجيش علي الشرعية الدستورية ومناقشة ميزانية القوات المسلحة بأنها تعد وثيقة ممتازة، واستطرد: إنه لا يوجد مبرر لاقحام تلك المواد في الوثيقة لأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيظل محتفظًا بدوره كحام للوطن إلا أنه تجاوز بتلك التعديلات الشرعية الشعبية. من جانبه قال صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة «القاهرة»: إن المهم هو أن يستمر الحوار بين القوي الوطنية حيث إن هناك بعض القوي التي ترفض حتي مناقشة المبادئ الرئيسية مقترحا أن يتم ترك تشكيل اللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور لأعضاء مجلسي الشعب والشوري. وأضاف عيسي: إن أصحاب التيارات الإسلامية يرفضون التوصل إلي أن أي توافق وطني معتمدين في ذلك علي فكرة أنهم أغلبية، ولكن الدساتير المصرية تقوم علي مبدأ التوافق الوطني وليس بالأغلبيات. ولفت عيسي إلي ضرورة تعديل النص الخاص بموافقة كل من القوات المسلحة والقضاء علي القوانين التي تنظم أعمالها حيث إن ذلك يعني مصادرة حق البرلمان في التشريع ووضع القوانين بالإضافة إلي أنه يتيح لباقي الفئات أن تطالب بنفس الحق. واستطرد عيسي: إن النص الوارد بشأن الأحزاب وأنه لا يجوز أن تقتصر عضويتها علي دين واحد هو أقل بكثير من النصوص الواردة في الإعلان الدستوري مضيفا: إن النص المتعلق بالصحافة نص خطير للغاية لأنه يتيح تعطيل الصحف بحكم قضائي حيث إن هذه النصوص أغلبيتها من قانون العقوبات في عام 2006. واتفق معه في الرأي د.عبدالجليل مصطفي المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير قائلا: إن الوثيقة يجب أن ينظر لها علي أنها ليست مكتملة البنود والمطلوب هو إجراء حوار مجتمعي جاد مشيرا إلي أن الدستور وثيقة توافقية ولا يجوز أن نخضع لاعتراضات فصيل واحد حتي إذا كان يشكل الأغلبية في البرلمان المقبل. وأشار عبدالجليل إلي أن الجمعية قدمت اقتراحاتها في هذا الشأن حيث طالبت بإعادة صياغة المادتين «9»، «10» من الوثيقة التي طرحت للنقاش داعيا لضرورة إعلاء المصلحة العامة علي المصالح الفردية لأي فصيل. وانتقد عبدالجليل فكرة استئثار فصيل بعينه علي الحياة السياسية قائلا: هناك فصائل لم نرها من قبل في العمل السياسي وهذا لا يجوز علي حد قوله. أكد جورج إسحاق مؤسس حركة كفاية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن هناك اعتراضًا علي ثلاث نقاط أساسية بوثيقة المبادئ الدستورية وعلي رأسها البند التاسع المتعلق بميزانية الجيش مشددا علي أنه يجب أن تكون هذه الميزانية معلنة علي أن تتم مناقشة تفاصيلها داخل مجلس الشعب بشكل داخلي دون إعلان ذلك. وأن اختيار الهيئة التأسيسية التي تضع الدستور يجب أن تكون جميعها بالانتخاب وليس بالتعيين حتي ولو كان جزءًا من هذه الهيئة. معتبرا أن رفض التيارات الإسلامية لهذه الوثيقة مزايدة غير مقبول ولا يجب أن يتم الحديث عنها في الوقت الحالي.