قال المستشار محمد القاياتي الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة في حوار ل«روزاليوسف» إن المرشحين علي مقعد نقيب المحامين يستخدمون القضاة هدفا في حملاتهم الدعائية للحصول علي هذا المقعد بالدعوة باستبدال القضاة بشخصيات عامة للاشراف علي الانتخابات. وأشار «القاياتي»: إلي أن هناك لوما علي مجلس الوزراء الذي يدير الدولة الآن في صمته طوال هذه المدة علي تجاوزات المحامين ضد القضاة وأردف قائلا: هل نحن في حرب حتي يصدر مجلس الوزراء بيانا يشجب فيه الأحداث التي وقعت حتي دون أن يسميها.. نحن طوال عمرنا نعمل وبجوارنا المحامون.. فماذا حدث؟ وأضاف القاياتي: القوة لا يمكن أن تنشيء حقا ولكن القانون هو الذي ينشيء ويحمي الحقوق. • بداية كرئيس استئناف عال.. ما هو رأيكم في الأحداث الأخيرة التي طالت المؤسسة القضائية؟ شوف.. إذا كان هناك حديث عن نص المادة الثامنة عشرة التي يتحدث عنها المحامون.. أقول إنه لا توجد مشكلة لأن هذه المادة تم حذفها من تعديلات قانون السلطة القضائية مؤخرا وأثارت حفيظة عدد من المحامين.. وهذه المادة ألغيت بواسطة مجلس القضاء الأعلي.. كما أنه قد أرجأ تعديل مشروع قانون السلطة القضائية لحين تشكيل برلمان جديد بالدولة.. وبالتالي فالمشكلة هنا قد انتهت وانتفت أسبابها.. وللعلم أيضا.. مجلس القضاء الأعلي قد دعا عددا من المحامين كممثلين عن نقابة المحامين لحضور النقاش، أما أن يقوم عدد من المحامين باثارة المشاكل بشكل غير مسئول.. وأقول لك أيضا إنه حتي في أعتي الدول الديكتاتورية علي مستوي العالم أو حتي الدول المتقدمة.. لم يكن مسبوقا أن يحدث للقضاة.. مثلما يحدث لهم الآن في مصر لأنه إذا انهارت السلطة القضائية فسوف تنهار الدولة المصرية.. وهذا أصبح متفقا عليه.. المطلوب حاليا أن تظهر الدولة المصرية سلطاتها وتبسطها من أجل حماية المواطن وأن تحمي وفق هذه السلطة أيضا القضاة.. لأنه من غير المقبول أن يكون هناك جمعية عمومية للقضاة داخل مقر دار القضاء العالي.. أي داخل بيت القضاة.. ونجد مثل هذا التعرض القبيح من جانب المحامين وفق اشارات وإهانات وتطاول.. الأمر الذي يتعدي نطاق التعبير إلي الهمجية التي طالت منع القضاة من الخروج للشارع عقب انتهاء عموميتهم الطارئة.. وقبلها منعهم من دخول المحاكم.. وأقول أيضا ما هو الموقف هنا إذا تعرض أحد القضاة للموت أثناء خروجه نتيجة إلقاء الحجارة أو ضربه. • ماذا تقصد بهذه العبارة الأخيرة «موت أحد القضاة»؟ أقصد هنا أن من الطبيعي أن يتعرض أحد القضاة في مثل هذا الموقف للضرب.. أو الاعتداء بشكل غير لائق ويموت.. وبالتالي نصبح أمام موقف معقد.. والقضاة للعلم قدموا أرواحهم كشهداء أثناء الحروب التي خاضتها مصر وهذا ليس بجديد عليهم. وأقول أيضا كيف يمكن لقاض أن يحكم بين الناس بالعدل ويداه مرتعشتان مما يحدث له وحوله من انكار للعدالة من جانب المحامين! • هناك علامات استفهام تدور حاليا داخل المؤسسة القضائية حول صمت أجهزة الدولة عما يحدث لقضاة مصر من اعتداءات؟ نحن جميعا لانعرف.. وأنا شخصيا أتساءل مثل بقية زملائي.. لماذا تنكر الدولة علينا حق الحماية بالرغم من كون المؤسسة القضائية هي الحكم بين السلطات وهي السلطة التي يلجأ إليها الجميع عندما يريدون الحصول علي حقوقهم.. وهذا يدعون للقول أيضا إذا كانت الدولة «مش عارفة تحمي القضاة أثناد مزاولة واجبهم علي المنصة داخل المحاكم فكيف لها أن تحمي 54 ألف لجنة فرعية في انتخابات البرلمان المقبلة سواء للشعب أو الشوري وهذا معناه أيضا أن هناك خطراً ما يلوح في الأفق. • هذا يدعوني لطرح سؤال حول مسألة احتمالية دفع القضاة بهذه الاعتداءات للاعتذار عن الاشراف علي الانتخابات البرلمانية برمتها؟ الاشراف القضائي قرار ليس للقضاة يد فيه وهونص دستوري وقانوني والقضاة عندما يشرفون علي العملية الانتخابية منذ البداية حتي النهاية فهم هنا يؤدون واجبا قوميا ووطنيا حتي تخرج الانتخابات ويعلن عنها بنزاهة وربما يمكنني القول هنا أيضا إن هناك من يريد هدم مسيرة بناء الديمقراطية ويكفيني هنا أن أقول لك.. إن القضاء المصري العريق لايعرف الانتماء للاحزاب السياسية أو غيرها لأنه أعرق قضاء حاليا في العالم.. فأمريكا علي سبيل المثال قضاتها يتم اختيارهم من القضاة المنتمين للاحزاب السياسية التي تخوض الانتخابات هناك.. وهذا في مصر غير موجود.. لأن القاضي في مصر لا يحكم إلا وفقا لنص القانون وضميره.. وهذا أيضا مدعاة للاستغراب من المطالب التي تنادي بضرورة عزل النائب العام الذي هو في الأساس قاض والقاضي بنص الدستور لايعزل. • إذن كيف تصف لي المرحلة التي تمر بها العلاقة بين القضاة والمحامين؟ هناك حالة انهيار خلقي.. وطوال عمرنا في علاقة طيبة مع المحامين.. ولكن أن يتحول الأمر إلي تطاولات من جانبهم فهذا أمر لا أري له تفسيرا. • ولكن هناك من يربط بين هذه الاعتداءات الممنهجة علي القضاة من جانب المحامين وبين الأحداث التي تمت خلال العام 2010 من تعد أيضا علي مدير نيابة طنطا وتم حبس اثنين من المحامين علي ذمة القضية؟ هذا وارد.. ولكنه ليس السبب الرئيسي لأنه لاتوجد خصومة ثأرية بين القضاة والمحامين نتيجة هذه الواقعة.. ولكن أري أن المرشحين الثلاثة لموقع نقيب المحامين والذين يتحدثون علي غير الحقيقة وفق إدعاءات متواصلة بأن القضاة متعنتون سبب مباشر لما يحدث.. بالرغم من أنه يفترض احترام كبرياء القاضي.. خاصة أن قضاة مصر هم مصدر الحماية لكل شخص في مصر. • ولكن يلوح في الأفق اتهام لما يسمي «بالفلول» في اشعال الأزمة بين القضاة والمحامين؟ أنا عموما لا أومن بنظرية المؤامرة.. ولكن أنا أمامي أشخاص يحاولون هدم العدالة في مصر.. وأغلقوا دور العدالة والمحاكم.. وقد يكون هناك بالفعل بعض الفلول ولكن ليس كلهم.. لأنه ليس كل من كان يعمل في نظام مبارك فاسداً ويوصم بالعار وعدم الوطنية.. لأنه لاتزر وازرة وزر أخري. • أضيف لكم هنا.. أن المستشار حسام الغرياني رئيس محكمة النقض أثناء انعقاد عمومية نادي القضاة وأنا كنت متواجداً بها قال ما نصه: هناك حكومة خفية تدير مصر الآن من فلول الحزب الوطني الذي يقبع أعضاؤه في السجن؟ هذه وجهة نظر.. ربما لديه تفسير حولها وهو هنا قاض.. وأنا قاضي أيضا وكل منا له وجهة نظره. • ما هورأيكم في خطاب رئيس الوزراء الموجه لكل من القضاة والمحامين علي صفحته بالفيس بوك يشجب فيه الاحداث؟ يا أخي هل نحن في حرب حتي يصدر رئيس الوزراء بيانا للشجب والاستنكار هذا غير مقبول علي الاطلاق.. بل رئيس الوزراء حتي قبل لقائه المسئولين عن المؤسسة القضائية كان يقف موقف المتفرج. • إذا ما هو الحل كقاضي منصة.. ولكم خبرة في التعامل مع المحامين خلال ثلاثة عقود متصلة؟ الحل في تطبيق نص القانون.. الذي جرم الاعتداء علي المرافق العامة بالدولة وجعلها جناية أي أن كل من يقطع طريقاً أو خطوط السكك الحديدية أو الاعتداء علي المحاكم يطبق عليه نص القانون يعني «إللي يغلط ياخد فوق دماغه» لأنه ليس هناك أحد فوق القانون.. أيضا أقول لك.. إذا كانت القوة هي التي تنشيء الحق وتحميه وليس القانون فقل علي الدنيا السلام.. لأننا في هذه الحالة سوف نتحول إلي غابة.. وهذا النظام قد عفي عليه الزمن منذ عقود طويلة. • بصراحة.. هل تري أن هناك مؤامرة علي القضاء في مصر؟ هناك حالة كراهية لمفهوم السلطة عموما وأوضح لك معني هذا.. هناك موروث ثقافي وشعبي من القهر والاستبداد وكتم الحريات والافواه من جانب السلطة عموما خلال الفترة الماضية وهذا خلق حالة من الكراهية العامة.. وهذا في حد ذاته اعتقاد خاطئ.. لأن السلطة القضائية غير معنية بهذا الأمر.. ولكن ما رأيناه من اعتداءات علي القضاة من جانب المحامين به سبب من هذا الذي ذكرته.. وهو أن القاضي في امكانه أن يحبس محاميا إذا تجاوز.. والمحامون لايريدون هذا بالرغم من كون القاضي يطبق نصا قانونيا فقط. • قررت الجمعية العمومية الطارئة لقضاة مصر تعليق العمل بجميع محاكم الجمهورية؟ يا أخي أقول لك هنا «مرغم أخاك لابطل» لأنه لا يعقل أن يذهب القاضي لمحكمته وينضرب هناك!! • قرار آخر من نفس العمومية ولكنه مرتبط بالقضاة أنفسهم «مساءلة رؤساء المحاكم الابتدائية وعرض أمرهم علي مجلس القضاء الأعلي إذا ثبت تعنتهم ضد القضاة من نفس المحكمة مستخدمين سلطة التفتيش القضائي»؟ هذا يحمي القضاة أنفسهم العاملين بالمحاكم الابتدائية من سلطة رؤسائهم.. لأن رئيس المحكمة الابتدائية سلطته إدارية فقط.. وقرار عمومية نادي القضاة وفق هذا المعني يرسي من جديد قاعدة أصولية داخل القضاء. • هل تعتقد أن سلاح البلطجية تم استخدامه لترويع القضاة خاصة أنه ألقي القبض علي ثلاثة أشخاص من غير المحامين عقب انتهاء عموميتكم الطارئة؟ عموما سلاح البلطجة لا يستهان به.. وقد يكون هناك من قام باستئجارهم.. والتحقيق هو الذي سيكشف من المتورط. • وكيف تري مطالب عدد من المحامين بالتعيين في القضاء ومهاجمة البعض منهم مبدأ ما يسمي بالتوريث في القضاء؟ من هو المقصود بالتوريث أصلاً.. إذا كان المحامون يتحدثون عن التوريث فنجل سامح عاشور يعمل الآن بالمؤسسة القضائية.. ونجل حمدي خليفة نقيب المحامين السابق يعمل بهيئة النيابة الادارية.. وغيرهم كثير!! وكثير من أبناء القضاة لم يعينوا في القضاء لأنهم لم يحصلوا علي التقدير المنصوص عليه في قانون السلطة القضائية وشرطه «جيد علي الأقل». • ما رأيكم في الدعوات الخاصة من جانب أحد مرشحي نقابة المحامين باستبدال القضاة والمشرفين علي الانتخابات بشخصيات عامة.. وآخر يدعو إلي استبدال القضاة بمحكمين؟ هذا أولا لا يقلل من شأن القضاة وإذا استطاع المحامون أن يعدلوا الدستور بعد موافقة الحكومة ويستبدلوا القضاة بشخصيات عامة ومحكمين وخلافه للاشراف علي الانتخابات فليفعلوا.. عموما مثل هذه الأقاويل نوع من التخبط ونوع من الدعاية الانتخابية لأصحابها.