هل سيكون للرئيس القادم مطرب يتغني باسمه وينافقه أم سيكون الغناء فقط من أجل الوطن؟ سؤال بسيط ولكنه يحمل في طياته الكثير فعلاقة الغناء بمؤسسة الرئاسة طويلة جدا وان كانت بدأت في العصر الحديث من خلال أم كلثوم التي قدمت ثماني أغان للملك فاروق وعائلته كان اشهرها "اجمعي يا مصر" من كلمات رامي والحان السنباطي، و"يا أغاني السماء" من أشعار محمود حسن إسماعيل و"مبروك علي سموك" من كلمات بديع خيري.، غناء كوكب الشرق للملك جعلها تحصل علي "نيشان الكمال " والذي يعني "صاحبة العصمة وهو اللقب الذي لم تحصل عليه سوي الاميرات. ثم جاءت فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهي الفترة الاكثر غناء للحاكم ولكن جميع من قدموا خلالها كانوا يشعرون بأنهم يغنون للوطن وليس لعبد الناصر والدليل ان عبدالحليم حافظ ابرز من غني لهذه الفترة لقبه الجمهور بمطرب الثورة وليس مطرب ناصر ولذلك لم يكن غناء حليم لناصر تملقا وانما كان حبا صادقا له وتعبيرا عن تقدير الشعب لرئيسهم وأكثر الاغاني التي جسدت العلاقة بين حليم وناصر هي "اخترناك من قلب الشعب" وغني له أيضا "يا جمال يا حبيب الملايين ماشيين في طريقك ماشيين للنور طالعين للخير رايحين "وكانت معظم أغاني حليم لناصر تحمل طابع الشعب لذلك لم تكن اغاني شخصية للحاكم . ثم جاءت بعد ذلك فترة أنور السادات وكانت فترة شد وجذب لانه جاء بعد نكسة ثم حقق انتصاره التاريخي في حرب أكتوبر وكان السادات لا يهتم بالغناء والمغنين لدرجة أنه لم يعرف له مطرب من الاساس وان كانت أشهر الاغاني التي تم غناؤها له هي " عاش اللي قال " لعبدالحليم ثم غني له أيضا "سيد مكاوي "تعيش يا سادات " وغنت له فايدة كامل "حبيبنا يا سادات " لذلك تعتبر فترة هدوء بين المطرب والرئيس . ثم جاءت فترة المخلوع مبارك الذي كثر مغنوه ومنافقوه وكان الجميع يغني له اما بالاجبار او التملق أو الخوف من حاشيته ولذلك فان الكل غني لمبارك وكانت أشهر الاغاني "اللي ضحي لاجل وطنه " كلمات مدحت العدل وألحان وغناء عمرو دياب كما كان أوبريت "اخترناه" "واول طلعة جوية " من ابرز ما تم غناؤه لمبارك واشترك فيهما العديد من المطربين كان أبرزهم لطيفة ومحمد ثروت كما غنت له المطربة شيرين عبدالوهاب أغنية "ريسنا " كلمات أيمن بهجت قمر وألحان تامر علي وغنت له أيضا نادية مصطفي أغنية "سلامات" وغني له هاني شاكر "يا معلي راية الحرية " وفي عهد مبارك وجدنا مطربين شعبيين يغنون للحاكم فغني له شعبان عبدالرحيم في مؤتمر الحزب الوطني المنحل "طوّر الاعلام.. وبقينا في الريادة.. اثنين قمر صناعي ولسّه فيه زيادة.. وكمان مدن جديدة ومترو مش معقول.. الريف فيه نور وَميه ومشيوا بالمحمول ياللي أنت لا حاسس ولا داري.. ولا حتي فاهم ولا قاري.. شوف كام مصنع ومدينة.. وكمان طرق وكباري.. ومشروع توشكي يسر العين.. وكل يوم مشروع واتنين.. واتقدمنا كتير وكتير وبقينا حاجة تفرح جيل.. يا أبوقلب أبيض فيه سماحة كل يوم نسمع ونشوف بلدنا مليانة سياح " وغني شعبان ايضا خلال احد اعياد ميلاد مبارك " عيد سعيد يا ريس يا وش الخير والنصر.. ربنا يحميك ودايماً تعلي اسم مصر.. وقتك ضايع في شغلك مبتحسبش الساعات.. دايماً شباب وهمة.. وعلي طول كلك نشاط، علشان إنت إنسان كويس من كل الناس محبوب.. رمز السلام يا ريس وبتكره الحروب.. " الكل اجمع ان اسوأ اغنيات للحاكم كانت في فترة المخلوع التي اتسمت ما بين جهل وتملق واضح ونفاق ظاهر ولكن هل بعد ثورتنا الجميلة سنري تملقا من خلال المطربين للرئيس ام لا وهل ستكون هناك مواصفات خاصة لمن سيغني للرئيس القادم أم لا وهل هناك شاعر أو ملحن سيقبل علي نفسه أن يكتب كلمات أغنية للرئيس أو يلحن للرئيس أم لا كل هذه الاسئلة تحتاج الي اجابات واضحة من المختصين في عالم الطرب والمزيكا من مطربين وملحنين وشعراء . وكانت البداية مع الملحن حلمي بكر : الذي بدأ كلامه قائلا : العلاقة بين الحاكم والمطرب لم تكن وليدة العصور الحديثة ولكنها كانت منذ الجاهلية فكان لكل ملك حاشيته التي تتغني له وكانت أزهي العصور في الغناء لحاكم هي فترة ناصر فقد حاول الجميع أن يتغني له فكان كل من يقف علي مسرح يقول الحان في ناصر ولكن هذه الفترة لم تعتبر فترة نفاق أما في عصر السادات فلم توجد أغان له فكان دائما محاطا بالمشاكل أما المخلوع مبارك فقد طلب عدم الغناء له وتحدث عن طهارة يده ولكنه أمر الجميع بالغناء له وكان اكبر الحرامية وأنا اعتقد ان الفترة القادمة ستشهد مطربا للرئيس لانها علاقة وقتية فكل رئيس سيجد منافقيه الذين يتغنون باسمه واضاف : لم أتعاون نهائيا في لحن اغنية باسم شخص حتي لو كان رئيس جمهورية وانا امتنعت عن التلحين لمن رحلوا رغم الدعوات التي تلقيتها من قبل الموسيقار عمار الشريعي يقول : كنت دائما ضد فكرة الغناء لشخص بعينه حتي ولو كان مسئولاً رفيع المستوي مثل الرئيس لأن الفن لابد أن ينفصل عن السياسة ومتطلباتها ولا يكون طرفًا فيها، ولا أعتقد أن الفترة المقبلة سيكون هناك مصطلح مطرب الرئيس ولا يمكنني أن أعمل مع هذه النوعية من الفنانين. اما الموسيقار هاني مهنا فقد كان له رأي آخر وقال: أري ان الفنان الذكي هو الذي يبتعد عن استخدامه كآداة من أدوات عالم السياسة ودائما أقول أن "المتغطي بالسلطة عريان" لأن السلطة لا تدوم لأحد ولكن حب الناس هو الذي يدوم أكثر من أي شيء آخر، فعندما غني العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ لثورة يوليو 52 وللرئيس الراحل جمال عبدالناصر واقترب منه أبناء عبدالناصر في ذلك الوقت قرر حليم الابتعاد عنهم نهائيا وعدم الاختلاط بهم أو بأي مسئول سياسي، والرئيس المصري القادم إذا كان لديه تذوق فني حقيقي سيصبح كل مطربي مصر مطربيه وسيستمع للجميع ولآرائهم دون تدخل منه، واذا حدث وتواجد مطرب للرئيس القادم فلن أتعامل معه فنيا. وأكد الشاعر جمال بخيت: للأسف نحن كنا نعيش في نظام فاسد سياسيا وفنيا واقتصاديا وكان من الطبيعي أن يتواجد مصطلح مطرب الرئيس، اما الفترة المقبلة إذا تحولت مصر إلي ما نتمناها جميعا وهي ان تكون بلدًا ديمقراطيا به حرية حقيقية في التعبير فلن يكون هناك تأثير سلبي علي الفن وبالتالي فلن نجد المنافقين لرجال السلطة وأصحاب النفوذ داخل الحقل الفني وهذا هو ما أتمناه في مصر الجديدة واضاف : الفنان الذي ينافق الرئيس او أي من رجال السلطة لا يمكن اعتباره فنانًا حقيقيا وبالتالي لا يمكنني أن أتعامل معه علي المستوي الفني والشخصي أيضا. ويقول الشاعر أمير طعيمة: المطربون الذين يغنون للرئيس نوعان الأول مجبر علي فعل ذلك والثاني منافق يطلب الاقتراب لأصحاب السلطة والنفوذ لذلك فلا أريد أن أظلم أحدًا من المطربين الذي قاموا بالغناء للرئيس السابق او أحد مسئوليه ولكن بالتأكيد لا أريد أن يتكرر مثل هذا الأمر في الفترة المقبلة وأن يتحرر الفن والغناء من التحكم السياسي وفرض آرائه علي العمل الفني سواء كان عملاً غنائيا او اي عمل فني آخر وأنا كشاعر لا يمكنني ان أكتب كلامًا أنافق فيه أحدا أيا كانت سلطته وبالتالي فلن أتعاون مع اي فنان لأنني أرفض الدخول في هذه الفكرة من الأصل. المطرب علي الحجار والذي تعرض لظلم في عهد مبارك علق قائلا : الغناء لمصر فقط ولمستقبلها في المرحلة المقبلة أمرًا هام فنيا ولكن لا أعتقد أن الغناء لشخص مهما كان حب الشعب له أمر مرغوبًا فيه، فالفن هو صوت الشعب الذي لابد أن يصل لأي مسئول وبذلك سيصبح للفن قيمة حقيقية، فأنا مع فصل الغناء عن السياسة وان يظل دون رقابة من الجانب السياسي حتي يكون للفن هدف ورسالة مؤثرة سواء للنظام أو للشعب دون ضغوط، وانا لا يمكنني تحديد مواصفات لمطرب الرئيس إلا انه يريد الوصول لمكانة كبيرة ونفوذ من خلال هذا الأمر، وانا كفنان أفضل الغناء لمصر التي أعتز بها دون اللجوء للغناء لأشخاص بعينها لأن مصر هي الأبقي. أما المطرب حمادة هلال فتحدث عن العلاقة قائلا : بعد ما حدث خلال ثورة 25 يناير المجيدة وسقوط النظام فلا أعتقد أن هناك فنانًا عاقلاً يستطيع ان يخسر الشعب المصري بأكمله من أجل شخص مهما كان نفوذه في وقت معين وأعتقد ان هذا كان واضحا لكل من هاجم الثورة ثم عاد وعرف انه كان مخطئا في حق الشعب بأكمله، ولابد للفن ان يخدم مصالح مصر العظيمة وليس مصالح أفراد بعينهم، والحمد لله فأنا لم ولن أغني لأي شخص لان مصر أولي بكل كلمة أغنيها. المطربة نادية مصطفي والتي تغنت للرئيس من قبل أكدت : أنا ضد فكرة مطرب الرئيس ولماذا يغني فنان لشخص ما حتي ولو كانت له سلطة ونفوذ سياسي، والفنان الذكي الحقيقي ان يلجأ للغناء الوطني أفضل من الغناء لشخص بعينه وهي في العادة تأتي بصورة مجاملات او إجبار من أصحاب السلطة كنوع من أنواع التوجه السياسي للشارع المصري وأتمني ألا تتكرر هذه الأمور مستقبلا، لأن هناك مطربًا يفعل ذلك من أجل الاقتراب لأصحاب السلطة والنفوذ ونيل الحماية منهم وهناك كما قلت من يجبر علي ذلك في أوقات معينة وهذا ما لاحظناه خلال النظام السابق.