لم تنته الاعتصامات الفئوية بعد، ولكن عندما تصل الإضرابات في الأمن الذي يمكن أن يواجه المواطن المصري.. فهذه هي الكارثة، خاصة أن مصر مقبلة علي مرحلة سياسية صعبة متمثلة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية ، ومع افتقاد الأمن والأمان يواجه المصريون أزمة كبري في مواجهة أعمال البلطجة والسرقة والقتل وجميع أنواع الجرائم التي بدأ المجتمع المصري يسمع عنها في الفترة الأخيرة وتحديدا بعد الثورة. اعتصامات وإضرابات أفراد وأمناء الشرطة نابعة من ضيقهم بالدخول المتدنية ومطالبهم بأجور عادلة ومناسبة للمخاطر التي يتعرضون لها إضافة إلي حصولهم علي الخدمات كاملة، "روزاليوسف" ناقشت أمناء الشرطة حول مطالبهم المشروعة في السطور التالية: أحمد رضا - أمين شرطة بقوات القاهرة - ينتقد الاتهامات الحادة التي يوجهها المصريون لأمناء الشرطة وبأنهم مرتشون ولا يؤدون الأعمال الموكلة إليهم علي أكمل وجه، ويقول: نحن نتقاضي أجورا بسيطة للغاية وتوكل إلينا مهام جسيمة ونسهر الليالي دون مقابل مناسب، إلا أن المواطنين يعاملونهم كما يجب أن تعامل قيادات الشرطة خاصة تلك التي تتلقي الرشاوي علي نطاق واسع ولا تفرق معهم الأجور الأساسية التي يتقاضونها من وزارة الداخلية. ويقول: إن البشوات الكبار يتقاضون عشرات بل مئات الآلاف من الجنيهات مقابل أعمالهم والتأمين وخلافه، ويعملون في مكاتب فخمة بها تكييفات مركزية وديكور يختارونه بأنفسهم، وفي الوقت ذاته وبعد مرور 20 سنة علي عمله في جهاز الشرطة لا يتعد إجمالي دخله من الداخلية 1300 جنيه شاملة البدلات والحوافز وخلافه، وكان يأمل أفراد وأمناء الشرطة تعديل الدخول الخاصة بهم بعد ثورة 25 يناير إلا أن الواقع كان خلاف ذلك خاصة بعد أن واجهت الشرطة انتقادات حادة وهجوما عنيفا من الشعب المصري، الأمر الذي كان صعبا معه تحمل المعيشة بهذا الشكل وكان لابد أن يقف الجميع يدا واحدة من أجل الحصول علي مستحقاتهم المالية التي يعيشون بها مع أسرهم في حياة كريمة دون مد يدهم للرشوة أو التسول من البشر. محمد طلبه - أمين شرطة - يقول أحصل علي راتب شهري من الداخلية يصل إلي 600 جنيه بينما يتقاضي لواء الشرطة 30 ألف جنيه ويصل بعد الحوافز والبدلات وخلافه إلي 70 ألف جنيه ، أي إنه يعادل دخل أكثر من 100 أمين شرطة يواجه المخاطر طوال الوقت بتعامله مع المجرمين والمسجلين خطر وتجار المخدرات وغيرهم من الخارجين علي القانون، وتساءل أين العدالة الاجتماعية التي تنادي بها الدولة، فنحن لا نشعر بهذا، ولذلك يلجأ الأمناء والأفراد إلي الإضراب والاعتصام والحرق والتكسير والتخريب من أجل المطالبة بحقوقهم، ورغم اعتراضي علي أعمال التخريب التي وقعت في بعض المحافظات إلا أنني ألتمس العذر لمن قاموا بذلك فهم طالما طالبوا بحقوقهم ولا حياة لمن تنادي من قبل قيادات الداخلية حتي أن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي كان يعتبر سلك الشرطة ينتهي بالضابط الذي يحمل رتبة ملازم مما أهدر حقوق باقي أفراد الشرطة من المدنيين والأمناء والمندوبين. يوسف عبده - أمين شرطة - يقول أعمل في الداخلية منذ 25 سنة، بينما يصل راتبي الشهري 1200 جنيه فقط، ورغم ذلك أؤدي عملي بأمانة مطلقة بل حتي أكون سببا في القبض علي المجرمين في القضايا بينما تنسب للضباط وهم الذين يكافئون علي ذلك، ولا أجني سوي التعب والمجهود المضاعف دون مقابل، والأغرب أن صندوق هيئة الشرطة الذي يمنح العاملين بالشرطة مكافآت نهاية الخدمة يمنح الضابط ما يزيد علي 50 ألف جنيه إضافة إلي 3 آلاف جنيه عن كل عام خدمة أي أن الضابط يتقاضي عند خروجه علي المعاش ما لا يقل عن 130 ألف جنيه بينما لا يزيد فرد الشرطة عن 7 آلاف جنيه كمكافأة علي مدة خدمته حتي لو وصلت إلي 30 عاما من العمل المتواصل لخدمة البلد وحماية وحفظ أمنها. لم يكن الإضراب والاعتصام لأمناء الشرطة فقط بل ضم العاملين المدنيين بجهاز الشرطة أيضا سواء كانوا مهندسين أو إداريين أو موظفين عاديين يقدمون الخدمات للجماهير في أقسام ومديريات ومراكز الشرطة المختلفة لأنهم غير راضين عن طمس مستحقاتهم مثلهم مثل أمناء الشرطة تماما، لذلك تجمعوا أمام وزارة الداخلية ومديريات الأمن المختلفة في المحافظات للمطالبة بحقوقهم من قيادات الداخلية، حتي إن هتافاتهم لم تنفصل عن أفراد الأمن وكان الجميع يهتف في نفس واحد منددين بالظلم الذي يعانون منه طوال سنوات مضت ، وعدم الاستجابة لهم من قبل المسئولين في وزارة الداخلية كل في قطاعه أو تخصصه أو مكانه بالمحافظات. وكان الأفراد المدنيين قد قرروا الاعتصام احتجاجا علي التعسف والتعنت نتيجة خصم نسب متفاوتة تتراوح ما بين 15 و25% من رواتبهم عن شهر أكتوبر الجاري، في الوقت الذي يحتفظ به الضباط بأجورهم كاملة مع الزيادات المعروفة التي يتقاضونها علي سبيل المنح والبدلات والعلاوات وخلافه، الأمر الذي فجر ثورتهم مطالبين بالعدالة والمساواة مع ضباط الشرطة الذين يكافئهم منصور العيسوي وزير الداخلية علي حساب باقي العاملين بالوزارة من أفراد ونظاميين، وكان ذلك بعد أن قرر زيادة رواتبهم في الفترة الأخيرة بشكل غير مدروس وقرارات غير سليمة ومتجنية علي باقي الهيكل التنظيمي للشرطة ووزارة الداخلية عموما. راضي عباس - موظف بوزارة الداخلية ذ قال: إنه هو المباشر للأعمال الموكلة إليه من قياداته بينما هم لا يعلمون عنها شيئا، فهم يصدرون التعليمات له ولزملائه ولا يتابعون طرق التنفيذ وكل ما يسألون عنه هو هل انتهي تنفيذ التعليمات أم لا؟... وفي الوقت ذاته يحصل الضابط علي آلاف الجنيهات عند قيامه بأي مهمة وفي المقابل يتقاضي المدني عشرات الجنيهات مقابل نفس المهمة، وتساءل: لماذا هذا التفريق بين الزملاء العاملين في وزارة واحدة؟ مشيرا إلي أن هذا يتسبب في الضغينة بقلوبهم ، وعدم إنجاز الأعمال المطلوبة منهم علي أكمل وجه. السيد إبراهيم - موظف مدني بالشرطة قال: إنه مصاب بفيروس سي ، ويتم علاجه في مستشفيات هيئة التأمين الصحي مثله مثل أي موظف في الدولة هذا بالرغم من وجود مستشفيات تابعة للشرطة لا يتلقي العلاج فيها سوي الضباط وكبار وزارة الداخلية، أما الفئات البسيطة فليس لها نصيب في علاج تلك المستشفيات، ويقول : الجميع يعلم مدي الإهمال الذي تعاني منه مستشفيات التأمين الصحي ناهيك عن العلاج غير الفعال بالمرة والزحام الشديد والأماكن غير الآدمية التي نعالج فيها، لذلك لا نطالب سوي بأقل حقوقنا في العلاج الآمن والسليم في المستشفيات الشرطية لكي نجد الرعاية الكاملة مثل زملائنا من الضباط. ونفس الأمر يعاني منه العاملون المدنيون بمستشفيات الشرطة الذين يرون أمامهم المعاملة الحسنة لزملائهم من الضباط وأسرهم في المستشفيات التي يعملون بها بينما يعالجون هم في إسطبلات الخيول ذ حسب تعبيره قاصدا مستشفيات التأمين الصحي. عزب خالد - فرد مدني بالشرطة - غير مصدق لتصريحات منصور العيسوي وزير الداخلية بأنه تم الاستجابة لغالبية الطلبات المالية والإدارية لأفراد وأمناء الشرطة لكي ينهوا إضراباتهم ويعودوا لأعمالهم، مشيرا إلي أن أفراد الشرطة يفطنون لموجة التهدئة التي يقوم بها المسئولون في الداخلية من أجل عودة الأوضاع الآمنة خاصة أن مصر مقبلة علي انتخابات برلمانية وتليها الرئاسية وتحتاج لتأمينها وفض النزاعات والقضاء علي الفوضي التي قد تنشأ نتيجة تصارع التيارات الدينية والسياسية علي الفوز في الانتخابات ، الأمر الذي يحتم وجود الشرطة وبشكل مكثف لحفظ الأمن، مما يدعوا القيادات في وزارة الداخلية لمنع التصعيد ، ولكننا لا نري سوي كلام فقط ولا تنفيذ. وقال: إن أفراد الشرطة لا يصرون علي الوقفات الاحتجاجية كما تدعي قيادات الداخلية ولكنهم يطالبون بحقوقهم المشروعة، منتقدا تصريحات وزير الداخلية بأن الأفراد يصعدون الأمور بشكل غير مبرر وأنهم يقومون بتصرفات من شأنها الإضرار بأمن البلد والمواطنين وتعطيل العمل بالمنشآت الشرطية، مؤكدا أن الأمر لم يتخط حاجز المطالبات الأساسية الخاصة بحقوق العاملين بجهاز الشرطة المادية والإدارية والحق في العلاج الأمن والآدمي وغيرها من الحقوق التي طالما نادوا بها. وعن وجود محرضين بين أفراد الشرطة علي الاعتصام والإضراب والإضرار بالصالح العام وإثارة الفوضي في البلاد وزعزعة الاستقرار كما نص البيان الأخير لوزارة الداخلية قال عزب: إنه لا يعلم عن ذلك شيئا، وإنه لن يتحدث سوي عن نفسه فقط ولا يسأل عن غيره، مشيرا إلي احتمال حدوث ذلك من قبل بعض القيادات المستفيدة من الثورة المضادة والتي كانت تتربح من النظام السابق، وينفذ أوامرهم مندسون بين المعتصمين للمطالبة بحقوقهم. مساعد وزير الداخلية الأسبق لأمناء الشرطة: مطالبكم مشروعة.. لكن عودوا إلي أعمالكم آلاف الأمناء والأفراد والعاملين المدنيين بجهاز الشرطة نظروا حولهم ليجدوا جميع فئات الشعب تستغل الفترة الانتقالية للضغط من أجل إصلاح ما أفسده النظام السابق من تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، عدوي الاعتصام والإضراب انتقلت إلي الجهاز المنوط به إعادة الأمن المفقود والاستقرار للشارع المصري في الوقت الذي يتطلع فيه المجتمع بأكمله إلي عودة الاستقرار والأمن إلي الشارع المصري. اللواء حسن عبدالحميد مساعد أول وزير الداخلية سابقا والخبير الأمني أكد أحقية الأمناء والأفراد في تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وأنهم يعانون من تدني الأجور ومشاكل أخري من أهمها عدم أحقيتهم في العلاج بمستشفيات الشرطة وأنهم يخضعون للعلاج وفقا لنظام التأمين الصحي وأن الوزارة أعلنت إقامة ناد لهم بطريق جسر السويس ولم يتم افتتاحه حتي الآن فضلا عن تخصيص أراض لهم أمام معسكر قوات الأمن بطريق مصر السويس لبناء مساكن لهم حتي الآن لم يبدأ العمل في هذا المشروع. وقال ل«روزاليوسف» إن علي الوزارة أن تسعي لتحسين أوضاعهم المادية حتي لا يضطروا إلي «مد أيديهم» وهذا يجب أن يتم بشرط ألا يكون علي حساب حقوق الضباط. في المقابل أوضح اللواء حسن عبدالحميد أن هذا الاعتصام أضر كثيرا بالوضع الأمني للبلاد ولو استمر سيؤدي إلي حدوث حالة من الانفلات الأمني أشبه بالانفلات الذي شهدته البلاد أثناء الثورة، وكان لهذه الاضربات والاعتصامات أن عملت العديد من المرافق الشرطية بنصف طاقتها مما أدي إلي تعطيل سير العمل فيها، كما شجع الخارجين علي القانون والبلطجية إلي زيادة نشاطهم وابرز مثال لذلك هو احتلال البلطجية لمشروع بيت العيلة بمدينة 6 أكتوبر وكلف جهاز الشرطة مجهودات كبيرة لاعادة تلك المساكن ومازالت الآثار عالقة حتي الآن، فضلا عن محاولات العديد من المحتجزين داخل السجون وأقسام الشرطة الهروب. وطالب بعودة الأمناء إلي عملهم حتي لا يكونوا سببا في الانفلات الأمني واختيار مندوبين عنهم للتفاوض مع الوزارة للتوصل لحل لمشاكلهم وعلي الوزارة أن تسعي بجدية وبعيدا عن الوعود لحلها.