منذ أن أغلق المخلوع تليفونه في وجه أوباما.. انهيار النفوذ الأمريكي في مصر لم يكن انهيار نظام حسني مبارك وحده في مصر هو المؤشر علي بداية انهيار النفوذ الأمريكي في مصر لكن ثمة معلومات ووقائع ودراسة وأفلاماً داخلية وأحداثاً سياسية واقتصادية.. جميعها تعتبر مؤشراً قويا علي انهيار هذا النفوذ. ففي جلسات سرية عقدت في البيت الأبيض ووزارة المالية الفيدرالية والمخابرات المركزية الأمريكية تتحدث كلها عن هذا الأمر. وفي تسجيلات خاصة داخل مادة فيلمية للمرشح الجمهوري المحتمل ميت رومني بالإضافة إلي مادة فيلمية عالية الأهمية خرجت من البيت الأبيض تؤكد انهيار النفوذ الأمريكي في مصر بداية من سقوط مبارك تزامناً مع فقد اتصالات الإدارة الأمريكية مع عملاء «C.I.A» بالإضافة إلي هروب معظم هؤلاء العملاء من مصر بشكل غير مسبوق طبقا لما جاء في الأفلام التي حصلت «روزاليوسف» علي نسخة منها كان أول شواهد فقد النفوذ الأمريكي في مصر هو تفضيل النظام الحاكم بالقاهرة لكرسيه علي تفعيل الطلبات الأمريكية التي نادت في البداية بالتعقل ثم بوقف التصعيد ثم بوقف العنف ضد المتظاهرين ثم بشجب القتل المنظم نهاية برفع الغطاء كلية عن النظام الذي لم يكن بسبب انحيازهم لحرية وإرادة الشعوب بل لفقدهم ولأول مرة السيطرة علي مبارك. المعلومات الأمريكية سجلت انهيار النفوذ الأمريكي بداية من ليلة الجمعة الموافق 28 يناير 2011 والشهيرة تاريخيا ب«جمعة الغضب» ويومها عقب إلقاء مبارك لخطابه الأول اتصل به الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكانت نهاية الحديث بمثابة جرس إنذار واضح للإدارة الأمريكية وإعلانا صريحا كما ذكروا عن بداية انهيار النفوذ حيث أغلق الرئيس المخلوع حسني مبارك الخط في وجه باراك أوباما. ذلك التصرف لم يكن في تقريرهم الأخير ففي ليلة 9 سبتمبر 2011 أثناء ما سمي بجمعة تصحيح المسار وعقب أحداث السفارة الإسرائيلية قام المشير «محمد حسين طنطاوي» تقريبا بذات التصرف عندما غضب من لهجة الإدارة الأمريكية وحافظ علي الكرامة المصرية وتوقف عن الحديث بينما راح المتصل ينادي في التليفون «ألو.. ألو» حتي أغلق الخط. علامة عدم الرد فسرت بقوة في تقاريرهم علي أنها انهيار واضح للنفوذ وفقد القوة الناعمة للولايات المتحدةالأمريكية بالكامل وللتفسير أرجعوا السبب لتذبذب وتوقف الدعم الأمريكي الاقتصادي لمصر عقب الثورة. وهو ما جعلهم يعترفون في تقريرهم أن النفوذ الأمريكي كان طيلة الوقت نفوذا هشا غير حقيقي كانت تحكمه الحاجة المصرية للمعونات ولما قطعت أو توقفت تلك المعونات كما حدث حاليا انتهي النفوذ.. إذا كان يمكن الآن الاستمرار في تسميته سياسيا «نفوذ أمريكا في مصر». كان لابد أن نتعرف علي معني مصطلح النفوذ كما ذكر في التقارير الأمريكية كي ندرك ما توصلوا إليه لنجد: «النفوذ مرادف للسلطة من التسلط ويعني امتلاك قوة اجتماعية ضمن نسيج العلاقات الاجتماعية التي تكونه دولة داخل مجتمع الدولة المراد بسط النفوذ عليها مما يمكن الدولة الأولي من تنفيذ رغباتها مهما كانت مدي شرعيتها أو مطابقتها لقوانين الدولة الثانية أو حتي لأعرافها الاجتماعية، بينما النفوذ لا يحتاج بالضرورة لممارسة أي إكراه عن طريق القوة أو التهديد المباشر ويمكن أن يكون بشكل ربط المعونات والمميزات الاقتصادية برضوخ الطرف الآخر لطلبات الطرف الأول». الغريب أن المعونات في الشأن المصري الأمريكي ليست هبة أمريكية كما فسر البعض لكنها نشأت منذ معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية في 26 مارس 1979 ففي دهاليز التفاوض نجح الرئيس الراحل «محمد أنور السادات» في إلزام أمريكا بدفع مبلغ سنوي قابل للزيادة قدره 1.3 مليار دولار سنويا كمعونة لمصر بينما تحصل إسرائيل علي 2.6 مليار دولار أمريكي في المقابل. طبعا سيسارع المتربصون لاتهام السادات كالعادة لكننا نفك الاشتباك بمعلومة موثقة فالفارق في المعونات كان بسبب استرداد مصر لكامل أراضيها المحتلة أي بمعني مبسط السادات ضحك علي إسرائيل بمبلغ ال1.3 مليار دولار الزائدة عن معونات مصر من جيب أمريكا في مقابل انتزاعه لكل الأرض المصرية المحتلة واسترداد سيناء بالكامل بينما إسرائيل فقدت أهم إنجازات التوسع وانهار لديها حلم التوراة اليهودية في الأرض من الفرات لنهر النيل وهو الشعار الذي لا يزال حتي يومنا هذا مسجلاً في شكل خريطة كبيرة مرسومة علي حوائط القاعة الخارجية للكنيست الإسرائيلي كما يوجد علي أحد أوجه العملة فئة العشرة "أجورات" التي رسمت عليها خريطة إسرائيل من الفرات في العراق لنهر النيل في مصر. لقد أرجعت المعلومات الأمريكية أسباب انهيار النفوذ الأمريكي عامة في الشرق الأوسط وخاصة في مصر بداية من يناير 2011 إلي سوء الإدارة الاقتصادية للرئيس الأمريكي باراك أوباما ، بينما دافعت إدارة أوباما عن نفسها بدعوي أنها ورثت إمبراطورية مهزومة ومثقلة بالديون في العراق وأفغانستان وباكستان. في الواقع قدمت وزارة المالية الأمريكية تقريرا مفصلا عن أسباب إضافية لانهيار النفوذ بداية من فقد الولاياتالمتحدة السيطرة علي إدارة الاقتصاد الداخلي أولا مما تسبب في ارتفاع البطالة من 37 ألف في كل مليون نسمة إلي أن تصل في 29 سبتمبر 2011 بناء علي التقرير ل391 ألف نسمة بين كل مليون مع تحذير أن النسبة ستبلغ في ديسمبر القادم إذا لم تتدارك الأمور نسبة 417 ألف عاطل بين كل مليون. استنادا علي تلك التقارير الرسمية وجدنا صحيفة "النيويورك تايمز" في عددها الصادر في 30 سبتمبر 2011 تخرج بعنوان بارز "بيع أمريكا في أوكازيون علني" تهكمت فيه الصحيفة علي إدارة أوباما الاقتصادية وكشفت في تقريرها حقائق فعلية وافق فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما علي بيع عدد كبير من أملاك الحكومة الفيدرالية الأمريكية للقطاع الخاص بما فيها مبان عملاقة وطرق كاملة وقطعة ساحلية تقع علي ساحل مدينة نيويورك مساحتها 3400 فدان مشهورة باسم منطقة "بالم إيلاند" من أجل توفير 22 مليار دولار أمريكي لسد عجز الموازنة الأمريكية في الربع الأخير من عام 2011 . إذا الاقتصاد الأمريكي منهار وفي نفس تاريخ تقرير النيويورك تايمز نجد منشوراً فيدرالياً برفع الضرائب علي طبقة المليارديرات الأمريكيين وتصريحاً رسمياً علي لسان "جون باينر" المتحدث الرسمي للبيت الأبيض بالموافقة علي رفع الضرائب علي عدد 1031 مليارديراً أمريكياً للمساعدة في سد عجز ميزان المدفوعات الأمريكي حتي ديسمبر 2011 . تقرير داخلي آخر بالبيت الأبيض كشف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد لجأت لدول عربية كبري مثل السعودية بطلب المساعدة الاقتصادية العاجلة في الوقت الراهن حتي علاج الأزمة الأمريكية وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ الإمبراطورية الأمريكية الحديثة. من هنا ربما نفهم سر المماطلة الأمريكية في دفع المعونات اللازمة لمصر وقيام أمريكا بدفع دفعات عبارة عن بضعة ملايين من الدولارات علي طريقة "مشي نفسك إلي ما تفرج" وهو ما فسره العشرات بأن أمريكا تهدد مصر بقطع المعونات أو أنها ستلغي المعونات وراح كل عبقري يرجع السبب إلي أقرب تفسير فهمه بينما الواقع أن أمريكا منهارة اقتصاديا ولا يمكنها توفير سد العجز الداخلي فما بالنا بدفعها مليارات لدول أخري كمساعدات وبين تلك الدول مصر. في الواقع لا يمكن أن نغفل أو نخفي ان الدولة الوحيدة التي حصلت علي الدعم كاملا حتي الآن هي إسرائيل بالرغم من الأزمة الأمريكية الطاحنة والسبب أن اللوبي اليهودي المعروف نجح في توفير المعونات لتل أبيب وربما يفسر البعض ذلك ضد السياسة الأمريكية بينما يغفلون المعاهدات الأمنية الخاصة بين واشنطن وتل أبيب وهي معاهدات ملزمة لا يوجد مثلها لمصر فحتي المعونات التي تحصل مصر عليها استنادا لمعاهدة السلام هي التزام شفهي غير موقع عليه ولا يوجد له ملحق يمكننا التمسك به ، وهو ما حول مفهوم المعونات حاليا لنوع من الهبة الأمريكية التي بدأ يرفضها الكثيرون. هنا كان يجب التوقف قليلا لنفسر نقطة حائرة أثارت الرأي العام مؤخرا في مصر وهي قضية الجاسوس الإسرائيلي "إيلان جرابيل" الذي كان قاب قوسين أو أدني من ركوب الطائرة عائدا لبلاده لولا عدم توفر الدعم المادي الذي التزمت به أمريكا في الصفقة أولا وثانيا رفض إسرائيل عدداً من الشروط المصرية من بينها استلام مصر كافة المساجين المصريين من السجون الإسرائيلية ودفع إسرائيل التعويضات اللازمة لأسر شهداء حادثة الحدود الأخيرة وموافقة موقعة من تل أبيب علي رفع أسعار الغاز المصري وبالقطع المعونات التي تحتاجها الخزانة المصرية حاليا قبل أي وقت مضي. كلها شروط مشروعة لا تدخل نهائيا في نطاق التفكير المغرض وغير الوطني أو مصري الزاعم أننا نفرط في الجاسوس الذي يمكن بسبب مرضه الوراثي الخطير أن يموت في السجن دون أي فائدة لمصر سوي السمعة غير الطيبة عالميا لأسباب لا علاقة للنظام الحاكم في القاهرة بها. المهم سجل تقرير انهيار النفوذ الأمريكي في مصر عدداً آخر من الشواهد الرسمية حيث يكشف التقرير أن الإدارة الأمريكية تحايلت لتوفير الثلاثة مليارات دولار التي ستساعد أمريكا مستقبلا بشكل سنوي مضمون للوفاء بالمعونة المصرية وذلك بعد الاتفاق مع الحكومة العراقية علي توفير فرص عمل لعدد 16 ألف موظف أمريكي مدني للعراق وتوقيع عقود حصانة ملزمة للحكومة العراقية مع تسجيلها في هيئة التحكيم الدولي في جنيف وكلها بالقطع لحفظ حقوق الموظفين الأمريكيين وبالقطع ضمانا للمليارات العراقية سنويا وكذلك لحل جزء من مشكلة البطالة الأمريكية بوسيلة جديدة لم تجربها الولاياتالمتحدة من قبل في شكل التوظيف لدي الغير، وفي النهاية أرادت أمريكا بدهاء شديد توفير المعونات لمصر من جيب الخزانة العراقية. أما أقوي شواهد انهيار النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط كله كما ذكرت التقارير الفيلمية فقد سجل منذ القرار الدولي رقم 1973 الخاص بليبيا ويومها طبقا لما ذكر لم تتمكن الآلة العسكرية الأمريكية من إكمال العمليات العسكرية بسبب نفاد التمويل وخواء الخزانة الأمريكية فخرجت أمريكا تاركة المجال لحلف النيتو الذي بدأت دوله هي الأخري تعاني حاليا من عجز الموازنات بسبب تكاليف الحرب الباهظة التي ينتظرون حصد غنائمها من النفط الليبي عقب القضاء علي فلول العقيد المجنون. غير أن ما زاد وأكد سياسيا ودوليا علي انهيار النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط بشكل عام هو القرار الذي صدر عن روسيا والصين باستخدام حق الفيتو ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية في فجر 5 أكتوبر 2011 بشأن منع استصدار قرار جديد ضد سوريا وكانت تلك سابقة منذ عام 2008 حينما كانت آخر مرة استخدمت فيها روسيا والصين الفيتو ضد رغبة الولاياتالمتحدة عندما أرادت فرض عقوبات علي ديكتاتور زمبابوي "روبرت موجابي". لقد تقدم عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي في 30 سبتمبر 2011 بمشروع قرار يربط بين العملية الديمقراطية في مصر وحصول القاهرة علي المعونات الأمريكية بواقع 1.3 مليار دولار أمريكي حصلت عليها مصر بشكل منتظم منذ عام 1979 وفي طيات القرار حرج أمريكي من عدم التمكن من الوفاء بالالتزامات الأمريكية السنوية المبنية علي معاهدة السلام بين القاهرة وتل أبيب أما قصة الديمقراطية فهي بالقطع كانت (تلكيكة) سياسية بالمعني المصري الدارج.