لا يزال القرآن الكريم نبراسا مضيئا نهتدي به للتعرف على حقيقة الأشياء التي منها معاني الأمومة وقيمتها، وكيف إذا اختلطت الأمومة بالإيمان أصبحت نموذجا رائعا للتربية والتوكل على الله في التنشئة ولقد حكى القرآن الكريم أعظم نماذج للأمهات أمهات قانتات عابدات فى تاريخ البشرية لنقتدى بإيمانهن تأتي من بينهن – أم موسى عليها وعليه السلام . وأم موسى تعرضت إلى امتحان شديد القسوة لا يمكن النجاح فيه بالحسابات العقلية والعاطفية مهما حاولنا التفكير فيه.. وهو أن تلقى برضيعها صاحب اليوم أو يومين من مولده فى نهر أو كما قال عنه القرآن م (اليم)؛ لتنقذه من القتل على يد فرعون مصر، وفعلت هذا استجابة لوحى الله وإيمانا به، وبوعده سبحانه الذى لا يُخلف الميعاد ..وصبرت وكان وعد الله لها ان رده اليها كما وعدها، وأصبح إيمانها وفعلها قرآنا يُتلى إلى أن تقوم الساعة. فى أكثر من سورة وفى أكثر من آية فى قصصه عن فرعون وموسى وبنى إسرائيل حين قال عنها وعن رضيعها، وأخته ( واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه فاذا خفت عليهفالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين) .. (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).. (وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ )؛ (فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).. وهنا تتجلى قوة الإيمان بالله، وبوعده، والصبر على ابتلائه حتى أتى نصر الله وتحقق وعده الصدق. وتأتي مريم ابنة عمران .. أم المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام نموذجا رائعا في العفاف والامتثال لأمر الله ونزل فيها قرآن يتلى ليوم القيامة، فنسبها طاهر عن طاهر عن طاهر، وهى ممن قال رب العزة فيهم: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)، وقال عنها وعن أمها: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).. (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ).. (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ). وبرأها القرآن وشهد بطهارتها وعفتها حين قال عنها (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)..لقد ضربت السيدة مريم ابنة عمران، مثلا رائعا في الإيمان قنوتها وإيمانها، وتصديقها بكلمات ربها وكُتبه لنتعلم منه، واصبحت أما تتحمل مسئولية جنينها الذي كان هبة من الله لها وهداية لمن حوله.