الحياة رحلة طويلة، زمناً وأحداثاً، تتراكم هذه الأحداث لتكوين الشخصية، ويصبح الماضي تاريخاً، مرة يحكي علي أنه حدث جميل، ومرات يحكي علي أنها أحداث مريرة في الحياة. ولا شك بأن الجميل من أحداث الماضي "نتندر عليها ونسميها مرة "بالزمن الجميل" ونطلق عليها تعبير "كانت أيام" مع (مصمصة ) الشفاه تندراً، واشتياقاً للماضي، ونستنشق عبير الماضي الجميل في تاريخنا كبشر، عبر ذكري مع زميل أو صديق أو سماعنا لأغنية من ذلك الزمن القديم. فلا يمكن أن ننسي ذكرياتنا ونحن طلاب بالجامعة، وأول قصة حب أو التعبير عن هذه الحالة في هذا التوقيت القديم، بفيلم أو مسرحية أو أغنية عاطفية حين نسمعها اليوم، فنستعيد تلك الذكريات بكل ما عشنا فيها من حزن وفرح ومن ألم وشفاء منه. ونتفق جميعاً بأحاسيسنا في التاريخ، بأحداث عشناها كمصريين ما بين فرح بنصر وحزن لهزيمة والفرح في حياتنا كمصريين يعم، وأيضاً الحزن يعم (في الذكريات الوطنية).. أما الذكريات الشخصية فالفرح والحزن يخص صاحبه!! هذه المقدمة الطويلة تقودني إلي الإحساس بأن ما نعيشه اليوم من توجهات سياسية واقتصادية في الوطن، وبعد هذا العمر الطويل لا يشعرني بالقلق، كما أسمع علي القهوة أو في منتدياتنا الثقافية، وأشهد علي ذلك بأن الوطن قد مر بفترات عصيبة، كنا نتخيل جميعنا بأننا في نهاية الدنيا، وأننا مقبلون علي المجهول، كما يحدث اليوم لبعض الآثار السلبية لثورة 25 يناير، حيث الإيجابيات قد تحققت بزوال رأس النظام وأعوانه وتحرر المصريون من كابوس سلطة فقدت وعيها وفقدت أيضاً ذاكرتها. وأقول: إن القارئ للتاريخ، والمستدعي للذكريات الوطنية سيجد بأن المحروسة "مصر" بعناية إلهية وبجهد أبنائها، سنجد أن بر الأمان هو المرفأ الأخير الذي يصل إليه ركب الوطن بسلام. ولعل أهم تلك الأحداث المريرة في حياتنا والقريبة جداً لأذهاننا في عصرنا هذا، نكسة (يونيو 1967) والهزيمة التي لحقت بنا، دون حتي مشاركتنا في حرب حقيقية ضد العدو الإسرائيلي، نتيجة تسيب، واستهتار في الإدارة العسكرية المصرية، فقدت مصر استقلالها الكامل, باحتلال إسرائيل لكل جزيرة (سيناء)، وأطراف في الأراضي العربية في (سوريا، والأردن، ولبنان)، وابتلعت كل (فلسطين) هكذا في حرب الست ساعات، كانت نهاية الدنيا في عيون المصريين، كنا شبه منهارين من الصدمة، وخلال ثلاثة أيام من النكسة، خرجنا جميعنا (شعب مصر)، لنبقي علي الزعامة الوطنية (لجمال عبد الناصر) لكي نعيد الحياة للمصريين، والكرامة للأمة العربية، التي تحققت والحمد لله بعد ست سنوات في (6أكتوبر 1973) علي يد الراحل " محمد أنور السادات" وسواعد ودم وعرق الشباب المصري البطل علي جبهات (القنال) وصمود أكثر بطولة من الشعب المصري . استدعيت فقط (نكسة 1967) كأحد الأحداث المريرة في الذاكرة الوطنية المصرية، لكي أدلل للذين يعيشون حالة من فقد الذاكرة اليوم، ويسود الإكتئاب أفكارهم . من أحداث تدور في الساحة السياسية المصرية، نتيجة تشرذم القوي السياسية عقب ثورة قام بها الشعب دون قيادة محددة وبالتالي كدنا نفقد البوصلة للمستقبل مما أكد لدي بعض المتشائمين بأننا مقبلون علي المجهول, وأنا أراهن بقراءتي للتاريخ الوطني المصري، أبداً بلدنا للنهار بتحب موال النهار لما يعدي في الدروب. و يغني قدّام كل دار), هكذا قال شاعرنا "عبد الرحمن الأبنودي"، وهكذا تغني بها "عبد الحليم حافظ" في عز النكسة وفي سواد الليل الدائم علي المصريين، (عدّي النهار .. و المغربية جاية تتخفّي ورا ورق الشجر) هكذا تغنينا بهذا الشعر وسرعان ما تغنينا (عاش اللي قال للرجال عدي القنال) أيضاً "عبد الحليم حافظ " والمصريين جميعا يوم (6أكتوبر 1973) !!