رئيس جامعة القاهرة يشهد انطلاق العام الدراسي الجديد بكليات الجامعة ومعاهدها    القوات المسلحة تنفذ مشروعًا تكتيكيًا بجنود وبالذخيرة الحية - فيديو    "الشيوخ" يعود للانعقاد في الدور الخامس الأربعاء المقبل    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والحديد والذهب    رئيس الوزراء يشهد احتفالية تسليم جائزة التميز العالمية للمنصة الجغرافية لجنوب سيناء    بعد إلغاء الاشتراطات البنائية، التنمية المحلية تعلن موعد العودة لقانون البناء الموحد    بث مباشر.. رئيس الوزراء يشهد احتفالية فوز جنوب سيناء بجائزة التميز العالمية    حزب الله ينعى الأمين العام السيد حسن نصرالله    الخارجية الإيرانية ناعية حسن نصر الله: المسار المجيد لقائد المقاومة سيستمر    نجم آرسنال السابق يثير الجدل حول انتقال هالاند للدوري السعودي    "قالوا عليا مجنون".. مالك وادي دجلة يعلق على مباراة السوبر الأفريقي    أستاذ تزوير مستندات وشهادات.. سقوط "ابن القنصل" في عين شمس    شبورة كثيفة ونشاط رياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    أبرزها تجاوز السرعة.. تحرير 26 ألف مخالفة مرورية متنوعة في يوم واحد    الأحد.. وزارة الثقافة تنظم حفل "كلثوميات" في معهد الموسيقى العربية    أشرف زكي ومحسن منصور في جنازة زوجة إسماعيل فرغلي (صور)    دفاع طليقة المطرب سعد الصغير: «نطالبنا بتعويض مليون جنيه»    ما حكم كشف قَدَم المرأة في الصلاة؟.. تعرف على رأي الإفتاء    مؤتمر الأهرام للدواء.. الجلسة الأولى تناقش لوائح وقوانين لمواجهة تحديات الصناعة وتوطينها    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة إلى 41586 شهيدا و96210 مصابين    الإسكان تكشف الاستعدادات فصل الشتاء بالمدن الجديدة    إحالة شخصين للجنايات بتهمة خطف فتاة لطلب فدية بالمطرية    رئيس جامعة عين شمس يتفقد الحرم الجامعي والأنشطة الطلابية (فيديو)    زراعة الشرقية: التصدى لأى حالة تعد على الأرض الزراعية    «تربية رياضية كفر الشيخ» تحصل على الاعتماد من «الضمان والجودة»    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    كم حقق فيلم عنب في شباك تذاكر السينما بعد 72 ساعة عرض؟.. مفاجأة    برلماني: التحول للدعم النقدي يسهم في حوكمة المنظومة ويقضي على الفساد    وزير التربية اللبناني يعلن تعليق الأنشطة التدريسية في الجامعات لأسبوع    وزير الشباب والرياضة يفتتح أعمال تطوير الملعب الخماسي بمركز شباب «أحمد عرابى» في الزقازيق    منة فضالي تعلن بدء تصوير الحلقة الأولى من مسلسل سيد الناس    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    أول قرار من كولر تجاه لاعبي الأهلي بعد العودة من السعودية    رئيس جهاز السويس الجديدة تبحث مع مستثمري منطقة عتاقة تنفيذ السياج الشجري بطول 7 كيلو    الضرائب: إتاحة 62 إتفاقية تجنب إزدواج ضريبى على الموقع الإلكتروني    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    اختتام فعاليات اليوم العلمي للعلاج الطبيعي ب"صدر المنصورة"    بعد إعلان إسرائيل اغتيال حسن نصر الله.. «رويترز»: نقل المرشد الإيراني لمكان آمن    وكيل صحة البحيرة يزور مركز طب الأسرة بالنجاح| صور    رانيا فريد شوقي وحورية فرغلي تهنئان الزمالك بحصد السوبر الإفريقي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    رئيس هيئة الدواء: أزمة النقص الدوائي تنتهي خلال أسابيع ونتبنى استراتيجية للتسعيرة العادلة    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    30 يومًا.. خريطة التحويلات المرورية والمسارات البديلة بعد غلق الطريق الدائري    أوستن: لا علم للولايات المتحدة بيما يجري بالضاحية الجنوبية لبيروت    توافد العشرات على ضريح عبد الناصر فى ذكرى رحيله ال 54    اليوم.. محاكمة سعد الصغير بتهمة سب وقذف طليقته    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    كولر: لم نستغل الفرص أمام الزمالك.. والخسارة واردة في كرة القدم    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    "ظهور محتمل لمحمد عبدالمنعم".. مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرومانسية وحدها لا تكفى الشعب يحكم فى «بلاد السعادة»

بلاد عنوانها السعادة وواقعها البؤس يحمل العنوان سخرية لاذعة من حال هذه البلدة التى احتلها مجموعة من الناس واستوطنوا بها لتكون لهم بلادا للسعادة ووبالا على شعبها، الذى لا يشعر سوى بالتعاسة والفقر، نص كتبه المؤلف وليد يوسف عام 1994 لينفذه احترافيا المخرج مازن الغرباوى على مسرح السلام عام 2018 دون اى تعديل أو تغيير وكأن الواقع العربى لم يتحرك قيد أنملة من وقتها وحتى هذه اللحظة، كتب يوسف النص بعنوان «مات الملك» ثم تم تغييره إلى «حدث فى بلاد السعادة».
يتناول العرض قصة حاكم محتل جاء من أقصى البلاد كى يستوطن أرض بلاد السعادة هو وجنوده، فيثور عليه أحد أفراد الشعب ويطالبه بالتغيير، هنا يقترح عليه مستشاره ترك الملك لهذا الثائر تحت رقابة الوزير عجبور ونتابع الأحداث اثناء تولى «بهلول» سدة الحكم ماذا سيفعل هل سيتغير اى شيء على يده باعتباره صادقاً مخلصاً لفكرته ورسالته؟!، فتح وليد يوسف لخياله العنان كى يسبح إلى عالم غير معلوم فأخذنا فى رحلة ليس لها مكان أو زمان وكأننا خارج كوكب الأرض ثم سار المؤلف على ثلاثة خطوط فى نقد شكل الواقع العربى وأسلوب الحكم فيه فأنت امام أكثر من رؤية وقراءة نقدية على مر العصور، لم يتوقف الكاتب عند السخرية من الحاكم الديكتاتور الذى يحيا فى رفاهية وترف ولا يشعر بشعبه، بل ذهب إلى أبعد من ذلك وتطرق لنقد الشعب نفسه فمن وجهة نظر الكاتب أو هكذا يطرح فى عرضه أن الشعب دائما هو المسئول الأول عن شكل الحكم الذى يقع عليه فالشعوب هى التى تصنع الديكتاتور، بجانب الرؤية الثالثة فى مدى إمكانية واستطاعة وصول أحد افراد الشعب إلى الحكم؛ هنا كانت المفارقة الكبرى والطرح الأقسى فى تعرية وطرح أزمة السؤال الأهم هل يستطيع أن يحكم الثائر؟! أم أنه خلق كى يثور فقط؛ عادة ما يكون الثائر رومانسياً حالماً قد لا تتوافق هذه الرومانسية الشديدة مع الواقع وقد تصنع منه ضحية لثورته؛ وليس شخصا قادرا على حكمة اتخاذ القرار، لذلك عندما قابل بهلول الحكيم واراد أن يخرجه من السجن رفض ونصحه بأن الناس لا تحترم الحاكم الضعيف، أراد بهلول أن يحقق الحب والخير والجمال على ارض الواقع برفع الظلم لكن المفارقة ان الشعب نبذه ورفضه، رفضوا الخروج عن إطار ما اعتادوا عليه من ذل وظلم وجبروت فأصبحت الأزمة خللا نفسيا يعانى منه الشعب وارتباط شرطى بالطاعة العمياء باتباع سياسة القطيع أيا كان الحاكم فالأشخاص تتغير لكن الواقع لن يتغير؛ ولم يكن سهلا عليهم قبول الوضع الجديد فهؤلاء شكلت نفوسهم على الخضوع فقط..!
سوء استغلال الفرص
من هنا تنطلق الرؤية الجوهرية للعمل التى اراد المؤلف الإشارة إليها هل يمتلك الثوار او الحالمون القوة الكافية لتحقيق أحلامهم؟!؛ ليست القوة المادية فقط بينما قوة معنوية داخلية نابعة من الإيمان وسلامة اليقين فيما ثار واعتقد تدفعه لتحقيق أحلامه وجعلها أمرا واقعا، فإذا لم تكن قويا واكتفيت بالحلم ستظل تحيا داخله، وظل بهلول يحلم حتى انتهى به الأمر باليأس والإحباط وقرر التخلى عن هذه السلطة والبقاء تحت رحمة الحلم ولم يحسن استغلال فرصة وصوله إلى أعلى منصب فى الدولة، فهل ستتعاطف كمشاهد مع موقف بهلول أم ستعتبره كائنا هشا ضعيفا يعيش فى خياله؛ هنا تأتى براعة الكتابة فى تباين موقف المشاهد من العرض فلك أن تتعاطف معه أو تحمله ذنب ما وصل إليه؛ وبالتالى لك أن تتوقع وتقرأ مشهد النهاية المفتوحة بلا قيود فلم يفرض المؤلف عليك رأيا أو مشاعر محددة بل ترك العمل كتابا مفتوحا يأخذ منه المشاهد ما شاء، دوامة كبيرة تدور فيها شعوب بأكملها وأمنيات طالما تمنى كثيرون تحقيقها لكنهم حتى الآن لم يمتلكوا القدرة والقوة والإصرار الداخلى لجعلها أمرا واقعا.
البناء المحكم والمبهم

ساهم الديكور فى خروج هذه البلاد بشكل مبهم ليس له معالم فجاء طيع الاستخدام بسهولة تحويله وتشكيله من مكان لآخر، وخروجه ودخوله ومبهم لعدم إلتزامه بشكل او واقع بلاد بعينها بل أوحى لنا وكأننا فى بلاد غير موجودة على الخريطة من الأساس، كما اوحت الملابس بالحالة المزرية التى يمر بها أهل هذا المكان فكانت ملابس المجاميع وأهل المدينة أشد إيحاء بأوضاع هؤلاء البؤساء وتشتت حالهم فمنهم من يرتدى ملابس مرقعة وكأنه هو شخصيا لا يعلم ماذا يريد وماذا يفعل وكذلك ملابس حكام البلدة، أما بهلول فكانت ملابسه والوانها صريحة واضحة لأنه شخصية مستقيمة تعلم ما تريد بلا مواربة.
الواقع المكرر

برغم جودة النص الذى كتبه وليد يوسف حتى وإن بدا قديما أو بدا وكأنه عاد بعجلة الزمن إلى الوراء فكأننا دخلنا فى أحدى حكايات «ألف ليلة وليلة» إلا أن هذا يعد عيبا وميزة فى نفس الوقت، العيب فى عدم حداثة النص المقدم أو معاصرته، والميزة فى أنه برغم هذا العيب إلا أن العمل يبدو وكأنه يناقش أوضاع حالية أو كأنه كتب بالأمس مما يؤكد على ثبات الأحداث والأوضاع السياسية والإجتماعية أو كأننا نعيش تاريخاً مكرراً يعيد إفراز الواقع من جديد بلا جدوى أو تغيير يذكر، استخدم المخرج تقنية ال3D mapping فى تقديم أحداث الثورة وتعبيرا عن معاناة هؤلاء الشعب وهو ما كان موفقا فيه المصمم رضا صلاح لأنه ساهم فى صنع حالة وصورة مسرحية مختلفة قد تبدو أكثر حداثة، كما وفقت كريمة بدير فى تقديم أداء حركى لمجموعة الشحاذين والراقصين، وكذلك شكلت الأغانى واشعار العرض تكميل ما نقص من الأحداث فقد تحكى وتعلق أحيانا وقد تطرح حلولا أحياناً أخرى فكانت جزءا آخر ملتحما ومكملا لدراما بلاد السعادة.
مباراة تمثيلية ممتعة

لم يتوقف العمل عند جودة وإحكام النص، بينما كان للممثلين دور كبير فى نجاح العرض والخروج به فى شكل شديد الانسجام على تنوع واختلاف أدوراهم جميعا، بداية من سيد الرومى الذى لعب دور الحاكم التافه المحتل قدمه ببساطة وتلقائية وخفة ظل جاذبة وخاطفة لانتباه الجمهور من الدقائق الأولى للعرض، ثم محمد الخيام مستشاره الغاضب دائما قدم هذا الرجل دوره بإتقان ومهارة شديدة حتى بدت وكأنها طبيعته، أما الفنان علاء قوقة يستحق المزيد من التوقف والمزيد من جوائز التفوق فى التمثيل والتشخيص حتى دون انعقاد مهرجانات فنية، فلم تقتصر مهارته على اتقان هذا الدور فقط، بل يجب أن تتأمله جيدا عندما تشاهده بعرض «مسافر ليل» للمخرج محمود فؤاد فى دور عامل التذاكر وهنا فى دور الوزير المنافق الساعى للوصول إلى السلطة؛ فى العملين يقدم قوقة دورين شر متناقضين إلى حد كبير ليس التناقض فى الشر ذاته بينما يأتى التناقض من أداء هذا الرجل الذى تشعر وكأنك ترى شخصا آخر فكأنه يحيا بروحين أو كأنه ترك قرينه فى «مسافر ليل» وجاء الآخر فى «حدث فى بلاد السعادة» فنحن هنا أمام مدرسة تمثيلية كبيرة تقدم قدوة ونموذجاً يحتذى به فى عمق التقمص والإتقان ببساطة ونعومة فى أداء الشخصيتين ولم يتكرر اسلوبه هنا أو هناك، بل بدا وكأنه شخص آخر فأنت على موعد مع مشاهدة علاء قوقة فى ثوبين مختلفين، فهذا الرجل يمتلك الكثير الذى لم نره بعد فهو حقا «عشرى السترة»!!، قامت بأداء شخصيتين أيضا الفنانة فاطمة محمد على داخل العرض فكانت زليخة زوجة بهلول الناقمة على حياته ورومانسيته ومرة مطربة تعلق على أحداث العرض بأدائها الصوتى واتقنت فاطمة عملها فى تبادل الدورين كثيرا، شاركها نفس الإتقان وجمال الصوت فى التعليق على الأحداث الفنان وائل الفشني، كما أضاف الفنان مدحت تيخة الكثير للوحة العمل فى دور الثائر الحالم والحاكم الرومانسى وكذلك الفنان أسامة فوزى فى دور السقا وحسن العدل فى دور الحكيم قدموا جميعا أدوارهم بمهارة واحتراف شديد، وكذلك محمد حسنى فى دور بائع الغلال ونسرين ابى سعد وخدوجة صبرى وعبد العزيز التونى ومنة المصرى وحسن خالد وعمر طارق وميدو بلبل، إجتمع هؤلاء ليقدموا معا عملا فنيا محكم الصنع فكل منهم يحمل موهبة تمثيلية مستقلة بذاتها فتحت المجال لصنع مباراة فنية ممتعة؛ وربما يحسب للمخرج والمؤلف فكرة الاستعانة بنجوم من دول عربية لبنان وليبيا والعراق، فهذه خطوة جديدة ومختلفة على المسرح المصرى تفتح مستوى أرحب واوسع من الإنتاج الفنى بجانب فتح خيال المتلقى لقراءة العرض بنظرة نقدية أرحب من النظرة القاصرة على الواقع المحلي.
«حدث فى بلاد السعادة» تأليف وليد يوسف، إخراج مازن الغرباوي، تأليف موسيقى محمد مصطفى، تصميم أزياء مروة عودة، ديكور حازم شبل، تصميم حركى كريمة بدير، إضاءة مصطفى التهامي، 3D mapping رضا صلاح أشعار حمدى عيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.