رغم الأموال التي تنفقها يعتبر الشيخ علي أحمد طه مفتي تشاد هو الرجل الثاني في مجال الدعوة والإرشاد الديني بعد الشيخ أبو بكر حسين رئيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية، تعلم في كتاتيب تشاد منذ الصغر وظل في حلقات العلم وذاع صيته حتي وصل إلي منصب مفتي الدولة، وهو منصب رسمي ليس له راتبًا من الدولة ، ولذلك فإن حياة مفتي الدولة هي حياة بسيطة لا تختلف عن بقية الأفراد العاديين في تشاد. أجرت« روزاليوسف» حوارا مع مفتي تشاد واكد خلاله ان رمضان لا يمثل خلافا بين الناس في بداية صومه وأن تشاد لا تعرف الحسابات الفلكية في الصوم ، وأشار إلي أن الدعاة في تشاد يعملون تطوعيا بلا رواتب، وأن الدولة غير مسئولة عن مسار الدعوة في البلاد لأن دستورها علماني، وأن الشعب التشادي صوفي ورغم ذلك فلقد حارب من يريدون إقامة الموالد ، كما أن الوهابية لم تنجح حتي الآن في تشاد رغم كثرة الأموال التي تنفق، إلي غير ذلك من الأمور التي تحدث عنها مفتي تشاد في سياق الحوار التالي: كيف تبدأون صوم شهر رمضان وهل لديكم خلافات في هذا الأمر؟ - باعتباري مفتي الدولة فنحن مسئولون عن رؤية رمضان، فنحدد رؤية هلال رمضان بأي دولة إسلامية وثبت لديها شرعا رؤية الهلال فنحن نصوم معها، ولا نأخذ بالأمور الحسابية، ونتمني لو أن الدول الإسلامية جميعا تصوم في يوم واحد لأن هذا هو الأصل. وفي أي موضوعات تفتي بها في تشاد؟ - انا افتي في قضايا الأحوال الشخصية "الطلاق والنكاح والميراث" ولا نفتي في أي موضوعات السياسة إلا في الحلال والحرام. وهل يوجد تضارب في الفتوي؟ - تشاد لم تعرف يوما التضارب في الفتوي او الخلاف المذهبي حيث ان المجتمع التشادي كله يؤمن بالمذهب المالكي. وبماذا تنصحون الدول التي تعاني من تضارب الفتوي؟ - كان لي شيخ في الأزهر هو الدكتور مصطفي الشكعة لديه كتاب "إسلام بلا مذاهب" وفيه عالج قضية الانقسامات وكيف ان الإسلام واحد والمذاهب ما هي إلا وسيلة للوصول لأفضل عبادة لله وليس للتناحر بها ، ولابد من نشر الوعي في دولنا الإسلامية بالأمر الإلهي للمسلمين بعدم التفرق والتناحر حيث يقول " ولا تفرقوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، فالتضارب والتعصب المذهبي يؤدي إلي عدم الاحترام بين الطوائف الدينية. نود التعرف علي كيفية مسار الدعوة الإسلامية في تشاد؟ - تشاد كانت قبل عشرين عاما ليس بها أي جهة تختص بمسألة الدعوة الإسلامية، ولكن عندما جاء الرئيس إدريس ديبي إتنو تم تأسيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية وهو بمثابة وزارة أوقاف ، وهذا المجلس له فروع في كل المحافظات والمقاطعات فلدينا225 مقاطعة و53 محافظة، و22 ولاية، وكلها بها فروع للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية. وكانت المساجد قبل أربعين عاما في العاصمة إنجمينا أربعة مساجد أما الآن فبها 465 مسجداً، أما تشاد كلها فهناك مساجد كثيرة لا يمكن أن نحصيها. وماذا عن حال الدعاة ماديا؟ - الدعاة الموجودون في المساجد الدولة غير مسئولة عنهم ماديا والعمل بالدعوة والمناصب الدينية في تشاد كله تطوعي، فأنا كمفتي للدولة وقاض في الأحوال الشخصية ليس لي راتب بحكم الدستور، وأعيش منذ صغري علي التجارة، فالمناصب الدينية ليس لها رواتب ولا رئيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية، ونأمل تغيير هذا الوضع، خاصة أن رئيس الدولة بدأ الانتباه لمسألة الدعوة فبني مسجدًا كبيرًا في كل محافظة بلغت حتي الآن عشرين مسجدا، وبدأ يساعد الأئمة لكن بدون راتب. التشدد والتطرف عانت كثير من الدول ظهور فئات متشددة دينية، فهل تمر تشاد بمثل هذا الأمر؟ - التطرف والتشدد موجود في كل مكان حتي عندنا في تشاد رغم الظروف المادية الصعبة، إلا أنه لا يأخذ نفس الشدة التي نسمع عنها في الدول الأخري كنيجيريا التي يسبب التطرف الديني فيه إلي حروب وسفك دماء، ونواجه التطرف بالتصجي لها بالعلم. وما مظاهر التطرف التي ظهرت في تشاد؟ - الشعب التشادي بطبيعة الحال صوفي منذ مئات السنين ، لكن جاءت الدعوة الوهابية مؤخرا وسببت الخلافات بين المسلمين، حيث إن الشعب التشادي صوفي تابعين للطريقة التيجانية. أما الفكر المنحرف فلم يظهر في تشاد إلا من خلال أناس انشقوا وأسسوا طريقة تسمي "الفيض الجاري" وبداوا يقومون بافعال مخالفة للشريعة وأقاموا الموالد التي يرقصون فيها، وما وجدوا إلا الأطفال واناسًا جهالاً، فواجهنا تلك الطريقة، وقررت الدولة حظر تلك الطريقة. وماذا عن وجود الوهابية في تشاد اليوم؟ - الوهابية لاتزال موجودة وتحاول الانتشار لأن معها المادة ، وبعض المنظمات الخيرية تحاول نشرها من خلال الأعمال الخيرية، ومن اجل المادة قد يتبع اناس الوهابية ، لكنها لم تدخل في قلب احد، والاعداد التابعون لها قليلون. إذا انتقلنا للتعليم الديني في تشاد فإلي أي مدي وصل؟ - التعليم الإسلامي داخل تشاد مبني علي النمط القديم من خلوات قرآنية كقنوات للتعليم ثم الحلقات العلمية التي تعقد غالبا في المساجد والزوايا ويقودها شيوخ من العلماء ويدرسون العلوم الشرعية الفقه والتفسير والحديث واللغة العربية والعقيدة الإسلامية، ومازال هذا النمط هو السائد في تعليم المسلمين في القري وغير المحافظات، أما في المحافظات فتوجد مدارس رسمية طبقا للنمط الحديث، سواء حكومية او أهلية، اما المعظم فمازالوا يعتمدون علي الخلوات والحلقات القرآنية، وحلقات العلم في المساجد، فعندنا الحلقات القرآنية الأساس في التعليم الديني، وعندما يكون هناك شخص له مقدرة مادية فيقوم بعمل حلقة قرآنية في بيته. أما المرحلة الجامعية فالطالب عندما يبلغ خمس سنوات يدرس في المدارس لكن هذا النوع غير متوفر للجميع نتيجة للحالة المادية وكذلك البعد الجغرافي، وصعوبة الانتقال، ولذلك فنسبة التعليم الرسمي لا تتجاوز حوالي 40%، ونصف هذا التعليم هو ديني، وهناك تعليم ديني جامعي تمثله جامعة الملك فيصل الإسلامية التي بها كليات للغة العربية والحقوق والقراءات.