كتب: كامل عبد الفتاح في خاصرة الإعلام المرئي خنجر صدأ اسمه «قطاع الأخبار» وبدلا من احترام مهنيته اختار أن يكون قائد كتيبة في جيش التوريث وسخر حرفيته لخدمة لجنة السياسات وإرضاء شاب اسمه جمال مبارك ومداعبة راقصي السيرك السياسي وعلي رأسهم المهندس أحمد عز الذي عوض قصر القامة بالوقوف بحذائه فوق كل الرؤوس.. ذهب المناوي كما ذهب مبارك ونجله وبقيت «المناوية» بقطاع الأخبار لكن الحق يقال بلا مهنية عبداللطيف المناوي الذي أقصي في عهده كل كبار السن وقالها صراحة لرئيس القطاع الحالي «إن أنس الفقي يريد شاشة شابة تبشر بعصر رئيس شاب اقترب من وقته» لكن المشكلة الكبري أنه علي حد سواء جيل الشباب أو كبار السن الذين عادوا عودة الخيل العجوز للميدان كلهم بلا استثناء ليس بينهم صحفي واحدة وظلت فلسفة العمل علي الشاشة في قطاع الأخبار وأن المذيع وجه وسيم وربطة عنق وشعر كثيف وعقل فارغ.. وحتي يومنا هذا من المدهش والمؤسف بدءا من رئيس القطاع وحتي أصغر موظف لا يوجد صحفي واحد بمعني مهني قادر علي تحرير النشرة وكتابة تحليل وصياغة حوار سياسي واحتراف إعداد المادة الوثائقية والعامل المشترك بين كل قيادات الأخبار وأجيال المذيعين السطحية المفجعة والتباهي بألوان البدلات وربطات العنق ومن قبل ومن بعد التنقل بين المكاتب متابعة لترقية وبحثا عن علاوة أما الشاشة فلها شعب يبلعها كاذبة ساذجة مضللة تفتقر لأبسط ألوان المهنية التي تراعي في تليفزيون الصومال وموريتانيا. أم الكوارث أن يعرف الشخص العادي أو المتخصص أن من يظهرون علي شاشة الأخبار منذ ربع قرن كل خبرتهم أن يقرأوا نشرة آبار ولو بحثنا في السيرة الذاتية لسيدات ورجال شاشة الأخبار فلن نجد غير أن فلان أو فلانة قارئ نشرة وهذا البؤس المهني أرسي قواعده وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف عندما جعل التنافس لدخول التليفزيون منذ ثلاثة عقود مجرد تنافس بين عائلات ورثت هذاالعمل بجهل وبين وجهاء يتوسطون لأجيال من المذيعين الذين قدر لهم أن يتولوا مهمة تسطيحًا لمشاهدين وتفريغ الوعي الجمعي للمصريين من أي ملكة نقد أو تحليل أو محاولة لفم ما يجري حولنا.. هل معقول أن يكون نائب رئيس قطاع الأخبار شخصًا مثل مسعد أبوليلة الذي قفز من مدير عام إلي نائب رئيس قطاع وهو الذي عرف عنه طوال ربع قرن كراهيته للثقافة والقراءة والاطلاع وظل يتخيل أن مؤهلات قارئ النشرة الوجاهة وليس مهما أن يكون صحفيا أو محققا تليفزيونيا.. هل معقول أن تتولي السيدة حنان منصور اختبار وتدريب المذيعين والمذيعات وهي سيدة لم تعرف في حياتها من محطات المهنية إلا القراءة اليتيمة للنشرات وهو عمل أستطيع أن أدرب عليه عشرة وجوه جديدة في عشرة أيام.. هل معقول حتي اليوم أن يغلق قطاع الأخبار أبوابه في وجه أي كفاءة حقيقية من خارج القطاع لأن السادة نواب رئيس القطاع والمديرين العموم يتعاملون مع هذا الأمر علي أن القطاع ملك عضوض وإرث غير قابل للتقسيم إلا علي أبنائهم وبناتهم وفي الوقت الذي تم رفض أي كفاءة من خارج القطاع دخلت رغدة مسعد أبوليلة إلي القطاع وهي مذيعة بقناة النيل الدولية تتقاضي ثمانية آلاف جنيه شهريا وكذك دخلت ياسمين محمد القفاص لقطاع الأخبار وهي التي تتقاضي ثمانية آلاف جنيه شهريا بقناة النيل الدولية أيضا ولمن لا يعرف فإن رئيسة قناة النيل هي السيدة ميرفت القفاص عمة ياسمين وخالة رغدة أبوليلة.. إذن علينا أن نترحم علي الحقبة «المناوية» التي اقترنت بها المهنية مع الفساد لأن الحقبة «الصيادية» الحالية اقترن بها الفساد باللامهنية - فالسيد إبراهيم الصياد رئيس القطاع لا حول له ولا قوة وأعتقد أن أي رئيس قطاع يستمد قوته من مهنيته لكن في حالة أن كلاً من قطاع الأخبار في هموم الفقر المهني سواء فإن الرءوس متساوية وهذا ما سمعته من السيد الصياد عندما قال لي مؤخرا أنا أستطيع بجرة قلم أن أختار الأصلح لكني لست راغبا في إغضاب أحد. يا قادة الرأي العام ويا جماعات ائتلافات الثورة المباركة ويا مثقفو مصر.. قطاع الأخبار ليس مجرد شاشة يمكن أن ندير وجهنا عنها ولكن هذا القطاع مهمته صياغة خطاب إعلامي سياسي بغرض دعم اتجاهات قائمة أو دفع الناس لتبني توجهات بعينها وعندما يكون قطاع كهذا علي هذه الدرجة من الفقر المهني والفساد الإداري ولهاث الكثيرين بداخله وراء الكسب بأي شكل وبأي وسيلة بغض النظر في مشروعيتها فنحن إذن أمام كارثة إعلامية وطنية في فترة تحول تاريخي تعيشها مصر لم تقترب الثورة خلالها من قطاع هزيل ومريض استوطن به الجهل المهني والفساد والأمية الإعلامية.. ولا ينسي أحد أن مصر الخمسينيات والستينيات تبوأت مكانتها العربية والإقليمية والدولية بقوتها الناعمة وعصبها كان الإعلام واليوم ليس صدفة أن قطاع الأخبار هو الوحيد من بين كل قطاعات التليفزيون الذي سجن أحد رؤسائه السابقين «محمد الوكيل» وسجنت إحدي مذيعاته الشهيرات «أماني أبوخزيم» وسجن المذيع إيهاب صلاح الذي قتل زوجته وكان معروفًا عنه جنوحه الشديد في تعاطي المخدرات وهناك العشرات من الذين فصلوا بسبب تهم مالية وعادوا بعد ثورة 25 يناير عبر حناجرهم الملتهبة متخفين وراء لافتة فساد المناوي إذن نحن أمام خرابة اسمها قطاع الأخبار علي شاطئها يجلس صياد في نهاية الخمسينيات أعتقد أنه لا هو قادر علي اصطياد سمة ولا هو راغب في ركوب البحر لأنه بكل تأكيد يخشي من الغرق.. فهل بمقدور وزير الإعلام الأستاذ أسامة هيكل أن يقترب من بحيرة قطاع الأخبار أم سيكتفي بحديث اللائحة.