يأتي الشهر الكريم العظيم الرحيم الطيب شهر رمضان المعظم، كأول مرة بعد الثورة المصرية. أعتقد أن شهر رمضان هذا العام سيختلف كثيراً عما عشناه في ثلاثين عاماً مضت، وربما أيضاً مختلف عن ثلاثين عاماً قبل 1981 عشناها، حيث يأتي هذا الشهر الكريم في مجتمع استطاع أن ينهي عصراً من (الزيف)، عصراً من (الفساد الممنهج) ، عصراً من سيطرة البعض علي الأغلبية العظمي من الشعب. يأتي هذا الشهر الكريم وينتظر المصريون الطيبون البسطاء المحدودو الدخل ، ينتظرون من القادرين من المصريين أكثر تعاوناً وأكثر كرماًُ وأكثر توافقاً، وهي ليست بحسنة يعطيها القادر لغير القادر، ولكنها واجب طبقاً للدين الإسلامي الحنيف ، حيث زكاة الفطر وزكاة المال حق لفقراء الأمة. ولكن هذا ما كنا نكتب عنه كثيراً بأن المصريين عاشوا في السنوات السابقة بالتراحم فيما بينهم، حيث كتبنا عن اقتصاد رمضان، فقد سجلت وسجل غيري في مقالات كثيرة بل في أحاديث إعلامية ، أكدت هذا الاقتصاد التكافلي في مصر. إن اقتصاد التراحم والتكافل بين المصريين هو العصب الحيوي للحياة في مصر ، وبدونه كانت ثورات كثيرة قامت في هذا الوطن. فلا يوجد في مصر جائع أو محتاج في مثل هذا الشهر الكريم. موائد الرحمن في الشوارع وفي الزقاق بل والريف والصعيد أكثر مما هو حادث في الحضر! بل أذكر مرة، حينما كنت في زيارة لمدينة "قفط" الصناعية بمحافظة (قنا) للإفطار مع عمال مصانع هناك، وكنت برفقة صديقي الدكتور "إبراهيم فوزي" وزير الصناعة الأسبق. وحينما حل موعد الإفطار أوقف الصعايدة علي الطريق الزراعي الأتوبيس الذي كان ينقلنا إلي هناك لكي يفطرونا علي جانب الطريق، حيث قدم هؤلاء البسطاء والفلاحون الصعايدة، مائدة عامرة من بيوتهم للراكبين والمارين علي الطريق السريع، أوقفونا وأعدوا الإفطار لنا. هكذا المصريون قبل الثورة فماذا بعد الثورة بعد أن زالت الغمة عن المصريين. أعتقد أن رمضان الكريم هذا العام سيأتي بشيء جديد بين الناس ولكن يستحق هذا الشهر من المصريين أن نبدأ بالعودة بالعمل والإنتاج والاتحاد علي فكرة واحدة ، هي مستقبل أفضل لأولادنا ولأجيالنا القادمة، يارب بحق هذا الشهر الكريم ، أدم علينا نعمتك ونعمة شهر رمضان، يارب وحد صفوف شعبنا، يارب وحد قلوبنا وقربنا من بعضنا، يارب أبعد الفرقة عنا، يارب احفظ بلادنا، يارب احفظ مصر، وأبعد عنا الطامعين والحاقدين ولا تولي علينا من ليس له قلب، وليس له دين أو ليس لديه رحمة من الله، اللهم انصرنا علي أنفسنا يارب!!
