علي موقع البحث الشهير "جو جل"، اكتب تنحي الملك فاروق. في الحال سيظهر أمامك عشرات المواقع التي قامت بتغطية الحدث بشكل إخباري، يقارن بين تنحي آخر ملوك مصر، وتخلي «مبارك» عن السلطة، لكن غالبية تلك المواقع اشتركت دون أن تدري في مؤامرة "جو جل" علي الرئيس السابق. يشهد التاريخ انه في 26 يوليو 52 غادر الملك فاروق بحرا علي ظهر المحروسة، عقب أداء الجيش التحية العسكرية له، وغادر مبارك إلي شرم الشيخ، وأدي الجيش ممثلا في المجلس العسكري، التحية العسكرية لأكثر من 500 شهيد، قتلوا بدم بارد قبل أن يضطر الرئيس، إلي أن يغادر السلطة. المفارقة أن الملك ، قال في خطاب تنحيه ،انه يغادر عرش مصر نزولا علي الإرادة الشعبية، بينما لم يذكر الرئيس سبب تخليه عن السلطة. وقال الملك والرئيس في خطابيهما إلي الشعب، إنهما يتركان السلطة في ظروف عصيبة تمر بها البلاد. والمنطق يقود إلي أن الرئيس الذي غادر دون أن يذكر سبب تخليه- كما قال - عن السلطة ،كان يقتضي أن يواجه تلك الظروف العصيبة، لكن الإرادة الشعبية رفضت! بدأت ثورة 25 يناير ،بنزول رمزي لشباب من التيارات السياسية المختلفة، باستثناء "الإخوان" الذين أعلنوا عدم مشاركتهم ، كما نزل إلي الشارع أعداد كبيرة من أعضاء صفحة خالد سعيد علي "الفيس بوك"، للاحتجاج علي ما آلت إليه الأوضاع بعد 30 عاما من حكمه الرئيس. وأسلوب تعامل الشرطة مع المصريين. و25 يناير ،هو اليوم الذي أعلنه النظام إجازة رسمية بمناسبة عيد الشرطة. وجاء بعد 11 يوما من فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. ولأن "مصر" ليست "تونس"، قام عدد من الصحف القومية التي سيطر عليها الحزب الوطني "المنحل"، بالإعلان لدي صدورها صباح السبت 15 يناير، في اليوم التالي لفرار الرئيس التونسي، عن توفير شقق سكنية بالمجان لمحدودي الدخل، بالإضافة لإقرار إعانة البطالة التي ظل الرئيس "المخلوع" بحكمته يرفضها علي مدي سنوات ،كما وعدت حكومة "نظيف" بالقضاء التام علي مشاكل المرور ،والصرف الصحي ،والالتزام برعاية محدودي الدخل ،" قرة عين الرئيس، وبوصلة جميع قراراته ".مع إبراز ما تتكبده وتعانيه "تونس" جراء ما أقدمت عليه. وحسب ما أعلن عنه في المؤامرة الالكترونية ،نزل الشباب إلي الشارع، واستمر «جوجل»، بالتنسيق مع مندسين حملوا أجهزة "لاب توب"، و" آي باد" في متابعة تطور المظاهرات، وكان يكفي كتابة المظاهرات في مصر، في نافذة البحث للموقع الشهير، لتكتشف حجم المؤامرة،حيث كان يجري تغطية الحدث علي مئات المواقع لحظة بلحظة، وأيقن النظام أبعاد المؤامرة فقام بقطع الانترنت، لمدة 5 أيام، وعادت الخدمة جزئيا يوم الأربعاء 2 فبراير، بعد أن تكبد الاقتصاد خسائر قدرها الخبراء ب 90 مليون دولار. ويعود الفضل في تطور خدمات الانترنت والمحمول في مصر، إلي نظام مبارك، حيث كان حريصا علي رفاهية الشعب، وليس تسهيل "البيزنس" وبيع خدمات الانترنت "أغلي" عدة مرات من نظريتها في أوروبا وأمريكا. ولا يسجل التاريخ الآن أن عصر "مبارك" كان الأكثر إقطاعا وفسادا في تاريخ مصر.. ومع استمرار المؤامرة التكنولوجية، في توثيق ما أنجزه الرئيس في الصحة والتعليم والزراعة والصناعة، وفي الحفاظ علي ثروات مصر، وفي كبح نهم وجشع رجال الأعمال الذين التفوا حوله.. يظل من المؤكد أن يسحل التاريخ الرئيس ورجاله. تنحي فاروق عن عرش مصر، وفق الأخلاق الملكية، دون قطرة دماء واحدة، وتخلي مبارك، وقيادات "الوطني المنحل" عن السلطة، ووفق الأخلاق "الوطنية الديمقراطية"، بعد قتل أكثر من 500 وسحل وإصابة ما يقرب من 5500 شاب، بعاهات مستديمة . وبعد أن أنجز المهمة بموقعة الجمل، وفي جمعة الغضب، وبعد الظروف التي وصفها بالعصيبة ،ذهب الرئيس، إلي شرم الشيخ، حيث منعته انجازاته التاريخية من الفرار، أو التحليق بطائرته في سماء الدول، رغم تأكيده أثناء افتتاحه أحد الكباري في التسعينيات، انه لا يريد دخول التاريخ، ولا الجغرافيا، وكان ذلك تعقيبا ب "خفة دمه المعهودة" علي وصلة نفاق قالها ركن من أركان الحزب، أثناء الافتتاح التاريخي للكوبري. الرئيس السابق تمكن علي مدي 30 عاما من حفظ كرامة المصري ، وصان حقوقه في السكن والعمل، والتظاهر السلمي ،كما فعل في قضايا التعبير عن الرأي، وفي منع تزوير الانتخابات، وإتاحة الفرصة لجميع المصريين في المنافسة الشريفة. فلم يكن الطموح في عهده تهمة، ولا رأت الأكاذيب النور، ولم يحترف فنون "الإلهاء" ،ولم يتحالف مع "البلطجة" ضد الأطباء والمهندسين والصحفيين، وجميع فئات الشعب، كما لم يدخل ولم يباشر صفقات تجارية أو سياسية مشبوهة، كما انه فتح الباب واسعا أمام البحث العلمي، ولم يسرق عمر وأحلام أجيال.. يكفي الرئيس فخرا "مترو الأنفاق" ،وانه لم يكذب ولم يقل انه يترك السلطة نزولا علي الإرادة الشعبية.. عزاؤه الوحيد بعد جحود الملايين ، في شباب "إحنا آسفين يا ريس".