قضت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار كمال اللمعي بإلزام المجلس العسكري ورئيس الوزراء بحل المجالس المحلية علي مستوي الجمهورية. جاء قرار حل المحليات بعد أن قام 7 محامين برفع دعاوي قضائية ضد المجلس العسكري ورئيس الوزراء ووزيري الداخلية والتنمية المحلية، موضحين أن عدد تلك المجالس علي مستوي الجمهورية حوالي 1750 مجلساً والتي يسيطر الحزب الوطني المنحل علي أكثر من 98% من تشكيلاتها. وأكد أن المجالس المحلية القائمة الآن ولدت بطرق غير شرعية من رحم السلطة الفاسدة، وجاءت بعملية انتخابية باطلة ومزورة بجميع مراحلها لصالح الحزب الوطني الفاقد للشرعية والمنحل بحكم الإدارية العليا، وتمثل امتداداً جذرياً للفاسدين، وأرست الفساد في العمل المحلي فانتشرت المحسوبيات والهبات وتعطلت مصالح الشرفاء، مما يستلزم حلها كأحد المطالب الأساسية لثورة 25 يناير. وجاء في حيثيات المحكمة أن هذه المجالس المحلية الشعبية قد فقدت أصل شرعية بقائها في الحكم كأثر مباشر لنجاح ثورة الشعب وكنتيجة حتمية لتعطيل الدستور السابق الذي كان ينص عليها ويجعلها من أجهزة نظام الحكم وجزءاً من السلطة التنفيذية، وكانت إحدي أدواته في تنفيذ سياسته التي دمرت كل شيء جميل في هذا الوطن. وقالت المحكمة: إن تلك المجالس لم تقم باختصاصاتها المحددة لها وفقاً للقانون وتبرأ منها الشعب بعد نجاح الثورة بعد أن سقط نظام الحكم الذي يرعاها ويوفر لها أسباب البقاء، حتي سقطت جميع رموزه وقادته وزال حزبه عن الوجود، وبذلك صار وجود هذه المجالس لا سند له من الدستور أو القانون ولا في ضمير هذا الشعب وثورته الناجحة، وصار من غير المقبول في القانون أو الواقع أن يسمح لها بالاستمرار في حياة هذا النظام الجديد الذي اختاره الشعب الثائر وهي تحمل أفكاراً وسياسات تنتمي إلي زمن ولي ونظام وأفراد انتزعوا نزعاً من سدة هذا الوطن، وأصبحت هذه المرحلة في حاجة ماسة لمجالس شعبية محلية تعبر حقيقة عن هذا الشعب وتسهر علي رقابة حكومته حتي تحقق آماله وطموحه. وأضافت المحكمة في حيثياتها: بذلك تكون البلاد في حالة ضرورة قصوي لحل تلك المجالس ويكون علي مجلس الوزراء أن يتدخل فوراً دون تراخ أو تأخير لإصدار قرار بحلها في جميع وحدات الإدارة المحلية دون انتظار لعرض من الوزير المختص بالإدارة المحلية. ولما كان مجلس الوزراء لم يتدخل حتي الآن ليحل تلك المجالس فإن موقفه بذلك يشكل قراراً سلبياً يتنافي مع مبدأ المشروعية الذي تخضع له جميع سلطات الدولة مما يتوافر معه ركن الجدية. وأشارت المحكمة إلي أنه بالنظر إلي الظروف التي تمر بها البلاد والمصلحة العامة فيستوجب حل تلك المجالس ولا يتعارض ذلك مع ما تنص عليه المادة 44 من قانون الإدارة المحلية التي تنص علي عدم جواز حل تلك المجالس بإجراء شامل لأن ذلك الحظر مقصود به الظروف العادية التي تجيز هذا الحل ولا تنطبق علي الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد حالياً. ومن جانبه يناقش مجلس الوزراء اليوم في اجتماعه الأول مع المحافظين قرار حل المجالس وتعهدت الحكومة بتنفيذ حكم القضاء وأكدت التزامها بتنفيذه. وفي أول رد فعل علي قرار حل المجالس المحلية ببطلان انتخاباتها قام اللواء محسن النعماني وزير التنمية المحلية بعقد اجتماع طارئ أمس لقيادات الوزارة لبحث سبل الخروج من هذه الأزمة بتوفير البديل المناسب للمجالس المحلية للقيام بمهامها لحين إجراء انتخابات لها والتي لن تتم إلا العام المقبل بعد الانتهاء من انتخابات مجلسي الشعب والشوري والانتخابات الرئاسية. وأكدت مصادر مطلعة باللجنة المشكلة من الوزارة لمتابعة ملف المجالس المحلية ل«روزاليوسف» أن الاجتماع تطرق إلي البدائل المطروحة أمامها وبالرغم من أن القانون أعطي مهلة 60 يوماً لإجراء الانتخابات للمجالس المحلية، إلا أننا في الظروف الراهنة يستحيل تطبيق هذه المادة وأنه من المتوقع صدور تعديلات من جانب رئيس الوزراء د. عصام شرف بإرجاء الانتخابات للعام الجديد مع تشكيل لجنة من التنمية المحلية تحت إشراف مجلس الوزراء لاختيار الأسس والمعايير التي سوف تقوم عليها اختيار اللجان المؤقتة التي سوف تدير عمل المحليات لحين إجراء الانتخابات بالتعاون مع المحافظين. وأكدت المصادر أن كل محافظ سيقوم باختيار لجنة مؤقتة عن كل مجلس تضم 11 عضواً للمجلس المحلي للمحافظة ولجنة من 5 أعضاء وللمجلس المحلي للمدينة أو المركز أو الحي و3 أعضاء للمجالس المحلية القروية علي أن تتولي إدارة المجالس تخصيص الأراضي ومراقبة أعمال الجهاز التنفيذي. علي أن يتم مراجعة أعمال هذه اللجان فور إجراء الانتخابات بالتصديق عليها من المجالس المحلية الجديدة المنتخبة أو الطعن علي القرارات الصادرة منها أو تحويلها للنيابة في حالة ثبوت أية مخالفات أو تجاوزات من جانب المحافظين أو اللجان.