يعتبر عيد العرش بالمغرب ترجمة لفعل سياسى وطنى مغربى مقاوم للاستعمار وخططه. بل إنه يعتبر تحولًا فى الوعى السياسى للمغاربة، والذى يبنى للفكرة الوطنية فى أذهان المغاربة بمختلف المناسبات. وكانت مناسبة عيد العرش واحدة منها، حينها، تترجم خيارات ومواقف مغربية لها معناها السياسى الواضح. بل إن إقرار الاحتفال بهذا العيد، يرسخ شكلًا جديدًا فى معنى الدولة لدى النخبة المغربية حينها. الدولة فى وحدتها الجغرافية وأيضا فى وحدتها السياسية من خلال ما يرمز إليه الجالس على العرش من عنوان للسيادة. وهو القرار السياسى الذى جاء ليرد على مخططات استعمارية فرنسية بالأساس، كانت تهدف إلى تقويض الوجود الدولى القائم بالمغرب، من خلال محاولة فرض قوانين تنظيمية، تلحق المغربى بالفضاء السيادى الفرنسى، تماما مثلما كان عليه الحال بالجزائر. واليوم، فإن من مجالات تسجيل الإختلاف فى أسلوب الحكم منذ تولى الملك محمد السادس السلطة، هو شكل الإحتفال بعيد العرش. والرسالة فى هذا المجال كانت واضحة، وهى أن «الأسلوب هو الرجل». لقد اختفت تماما أشكال الاحتفال السابقة وحلت محلها أشكال احتفال مؤسساتية أكثر، تجعل من عيد العرش لحظة لقراءة حصيلة سنة من الحكم. وحتى خطاب العرش أصبح خطابا مفكرا فيه، لا تحكمه اللحظة الزمنية بأحداثها الآنية، بل إنه خطاب يؤسس لقراءة سنة مضت ويستعرض ملامح خطة طريق سنة قادمة. أى أنه نوع من التعاقد السياسي. وتراجعت أشكال الاحتفالية العمومية لتصبح محصورة فى شكل أكثر حداثة، يجعل الاحتفالات فى ذلك اليوم، ليست مناسبة للتعبير عن الولاء العام (كان مفروضا فيما قبل لأسباب لها ظروفها التاريخية والسياسية)، بل مناسبة رسمية لخصوصية مغربية كدولة. وأصبح الهم هما مؤسساتيا، عقلانيا وحداثيا أكثر، ليس فيه منطق الإكراه السابق، بقدر ما فيه منطق القراءة لحصيلة عمل سنة فى طريق تحديات التنمية المفتوحة. وأصبح عيد العرش اللحظة السياسية الأسمى على مدار السنة، التى يمارس فيها الملك الدور الثلاثى لرئيس الدولة وأمير المؤمنين والقائد الأعلى للجيش فى الآن نفسه، لأنه يخاطب الأمة حول التراكم فى الخطة الإستراتيجية لتنمية الدولة والمجتمع. وهنا أصبح لعيد العرش معنى مؤسساتي. ومن جانبه أعرب السفير محمد سعد العلمي، سفير المغرب بالقاهرة مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، عن اعتزاز بلاده بعمق وقوة روابط المحبة الخالصة التى تربط بين الشعبين المصرى والمغربى عبر السنين. وأضاف السفير العلمى فى كلمته خلال حفل الاستقبال الذى أقامته السفارة المغربية فى مصر اليوم بمناسبة مرور 17 عامًا على مناسبة جلوس الملك محمد السادس على عرش المملكة - أن تلك المحبة ستظل تشكل القاعدة الراسخة لمواصلة العمل سويا من أجل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين والارتقاء بها إلى مستوى علاقات استراتيجية تكاملية تعود بالنفع على الشعبين الشقيقين وتسهم فى ترسيخ التضامن والتكامل بين شعوب الأمتين العربية والإسلامية. وأوضح السفير المغربى أن هذه المناسبة «عيد العرش المجيد» تعد لدى مجموع الأمة المغربية أعز الأعياد وأغلاها لما تمثله من تلاحم تاريخى وثيق بين العرش والشعب، وأكد أن المغرب استمد من تلك العلاقة الراسخة التى ربطت العرش بالشعب أقوى مصادر مناعته وصموده عبر مختلف مراحل تاريخه الحافل، واشار السفير العلمى الى محطتين مضيئتين برز خلالهما هذا التلاحم المتين، حيث انطلقت عام 1953 الشرارة الاولى لثورة الملك والشعب حين هبت الجماهير المغربية الى الكفاح المسلح ضد الاستعمار مباشرة بعد أن تطاول المستعمر الغاشم على رمز السيادة الوطنية الملك المجاهد محمد الخامس، حيث اقدم المحتل على خلعه عن العرش ونفيه بعيدًا عن بلاده، وهى الثورة التى لم تخمد إلا بعد أن عاد الملك الشرعى مظفرا إلى عرشه ووطنه، ليعلن عن بزوغ عهد الحرية والاستقلال. أما المحطة الثانية التى أشار لها السفير فتجلى فى ذلك الالتحام القوى الذى تحقق بين الملك والشعب فى معارك استكمال للوحدة الترابية للبلاد وتحرير باقى مناطقها المغتصبة والتى كان من علاماتها البارزة الاعلان التاريخى للملك الحسن الثانى عن تنظيم المسيرة الخضراء عام 1975، وهى المسيرة الشعبية الشعبية السلمية التى فرضت على سلطات الاحتلال الرضوخ للتفاوض مع المغرب، والتسليم بحقوقه المشروعة فى استكمال وحدته الترابية وباسترجاع الأقاليم الجنوبية من الصحراء المغربية. واشتعل حماس حضور حفل العيد الوطنى المغربى حينما هتف سفير المغرب قائلا: «تحيا مصر.. يحيا المغرب»، حيث كانت تلك هى الكلمات اختتم بها السفير كلمته فى الحفل. حضر الحفل عدد كبير من الدبلوماسيين من بينهم السفير حسام زكى مدير مكتب الامين العام لجامعة الدول العربية والسفير طارق عادل مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، والسفير احمد قطان سفير السعودية بالقاهرة ومندوب المملكة الدائم بجامعة الدول العربية وعميد السلك الدبلوماسى العربي، والسفير بركات الفرا سفير فلسطين السابق لدى القاهرة، والسفير جمال الشوبكى سفير فلسطين فى القاهرة، وعبداللطيف بوعشرين الامين العام لاتحاد المحامين العرب، والسفير محمد العرابى عضو مجلس النواب، والمستشار خليفة الطنيجى نائب السفير الاماراتي، والمستشار ياسر العبدالله الدبلوماسى بالسفارة القطرية، وسفير عمانبالقاهرة على العيسائي، والسفير حلمى فوزى سفير اندونيسيابالقاهرة، وسفير باكستان مشتاق على شاه كما حضر الحفل الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، والمستشار عادل الشوربجى النائب الأول لمجلس القضاء الأعلى والمستشار خالد القاضى رئيس محكمة الاستئناف والسفير محمد العرابي، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، والسفير حسام زكى مساعد أمين عام جامعة الدول العربية، والدكتورة لوتس عبدالكريم رئيس صالون الشموع الثقافى، والدكتورة هدى يس رئيس جمعية سيدات الأعمال العرب،وعدد من الفنانين مثل سامح الصريطى والمطربة جنات وسامى المغاورى. يأتى هذا فى الوقت الذى طالب فيه العاهل المغربى الملك محمد السادس، جميع الأحزاب السياسية، بالبعد عن تصفية الحسابات، داعيًا، الناخبين للتصويت بعيدًا عن أى اعتبارات. وأضاف العاهل المغربى ، فى خطابه، إلى الشعب، بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين، أن محاربة الفساد هى واجب على الدولة والمجتمع. وأكد العاهل المغربي، أن المغرب سيبقى وفيًا لتعهداته لحلفائه، مشيرًا إلى أن التقدم السياسى يجب أن يكون مواكبا للتنمية. وأشار العاهل المغربى، إلى استعداد الحكومة، للحوار لإيجاد حل لقضية الصحراء، مؤكدًا على الالتزام بالشراكة مع دول مجلس التعاون الخليجى، وتعزيز مكانة المملكة فى إفريقيا.