شباب فنانون "زي الورد"، خريجو أكاديمية الفنون بتفوق، حكمت عليهم الظروف الفاسدة والمنطق المقلوب أن يبقوا عاطلين عن العمل، مثلهم مثل الكثير من القوي البشرية المهدرة ببلدنا، توجهوا لوزارة الثقافة مطالبين بحقهم في العمل ليستفيدوا ويفيدوا بلدهم، لكن اتضح لهم أن تعيينهم "المهين" بنظام "اليومية" مثل عمال التراحيل، ليس أكثر من إجراء لامتصاص غضبهم وإيقاف تظاهرهم، تفاصيل الأزمة كما يرويها أصحابها، بالإضافة لرأي بعض المتخصصين في هذا التحقيق: وظف قطاع الفنون التشكيلية 13 خريجا لأكاديمية الفنون في مجال الفنون المسرحية بأجر يومي 13 جنيها تحت بند "غير العاملين" وبدون عقود، وقد قدم الموظفون الجدد شكوي إلي مكتب وزير الثقافة الدكتور عماد أبو غازي لعدم تعيينهم في مجالهم، ولقلة أجرهم اليومي الذي لا يصل في الشهر ل286 جنيها، لكنهم قوبلوا بسوء معاملة من مكتب الوزير وعدم الرد علي شكواهم منذ توليهم وظيفتهم منذ أكثر من أسبوعين. قالت المهندسة نهي نبيل ل"روزاليوسف": توظفنا الثلاثة عشر خريجا من فنون مسرحية قسم ديكور دفعات مختلفة تحت بند "غير عاملين"، وبدون حتي عقود، نظير أجر يومي 13 جنيها، للأيام التي يعملونها ويخصم منها الإجازات الرسمية، مع العلم أنني دفعة 2006 حاصلة علي تقدير جيد جدا وكنت الخامسة علي دفعتي، ولا يتعدي المرتب 286 جنيها شهريا!! كما أن مواعيد العمل من 9 صباحا وحتي 3 عصرا، وحتي الآن لم يجدوا لنا مسمي للعمل. اجتمع معنا رئيس قطاع الفنون التشكيلية الدكتور أشرف رضا مرة واحدة وعدنا فيها بإنشاء إدارة جديدة لنا مهمتها تطوير المتاحف، ثم سافر وبدأنا القيام بعمل أبحاث ميدانية علي نفقتنا الشخصية عن المتاحف التابعة لقطاع الفنون التشكيلية، ولم يجتمع بنا مرة أخري، فذهبنا إلي مكتب وزير الثقافة الدكتور عماد أبو غازي مرتين، لكن الموظفين بمكتبة "وزعونا" وقابلونا بطريقة سيئة، وقالوا لنا "احمدوا ربنا أنكوا اشتغلتوا"، وحينما تساءلنا عن توزيعنا بهذه الطريقة علي قطاع الفنون التشكيلية، ولماذا لم نوزع علي البيت الفني للمسرح لأنه مجالنا، فأجابوا بأن أعدادنا كثيرة، مع العلم أن دفعتنا 25 شخصًا فقط!!، وقالوا أنه تم توزيعنا بشكل عشوائي علي كل قطاعات وزارة الثقافة، وكل قطاع له ميزانيته وراتبه الخاص. واصلت نهي: ليس هناك أي ضمانات لنا في هذه الوظيفة، ولم يتم تعيننا حتي بعقود كضمان لحقوقنا، وقدمت شكوي للوزير لكنه لم يرد عليها، وحاولت الاتصال به أكثر من مرة والحصول علي موعد لكن مكتبه كالحائط يفصل بيننا ولا نعرف الوصول إليه، كما أن وزير التعليم العالي وعد بتعيين أوائل الدفعات الجامعية، ونحن الأكاديمية الوحيدة التابعة لوزارة الثقافة وليست لوزارة التعليم العالي، ونحن لو ارتضينا أن نوظف في قطاع الفنون لابد من وجود مقابل مادي وضمانات، فكيف أعمل ب13 جنيها في اليوم بعد دراسة كل هذه السنوات، وكان تعليق مكتب الوزير "كلنا بدأنا بهذا المرتب"، لكن هذا بالطبع من 15 سنة مضت "علي أيامهم"، أهذا هو التغيير بعد الثورة؟! ونحن حاليا ننوي الاجتماع مرة أخري مع الدكتور أشرف رضا لنطلب منه خطة العمل. ومن جانبها قالت مروة فتحي: تم الإعلان عن الوظائف في صفحة الأكاديمية علي موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" تقديم أوراقنا في مكتب الوزير؛ حيث فتحوا باب التعيين لخريجي أكاديمية فنون مسرحية بأقسامها الثلاثة "الدراما" و"الديكور" و"التمثيل والإخراج"، وذلك بعد اعتصام عدد من الخريجين أمام مكتب الوزير ومطالبتهم بالتعيين، فقال لهم أن يتقدموا بأوراقهم، وقدمنا كلنا الورق، وقالوا لنا أن التوزيع عشوائي، فمنا من تعين في صندوق التنمية الثقافة، وفي البيت الفني للمسرح، وفي الثقافة الجماهيرية، والمجلس القومي للمسرح، ولم يتصل بنا أحد لاستلام العمل، لكن كلمنا أحد أصدقائنا، وقال لنا أن نحضر في المجلس الأعلي للثقافة للحصول علي ورق التعيينات، وذهبنا المجلس ووجدنا شخصًا من الوزارة اسمه هاني، معه كشف من الوزارة يوقع كل منا بالرقم القومي ليقول له أين توظف فسألته كيف تم التوزيع، فقال لنا نوقع ثم بإمكاننا الانتقال. وأكملت: ذهبت للقطاع يوم 18 مايو لأسأل عن التعيين فوجدت أن استلام العمل كان يوم 15 مايو ولم يبلغونا!! فكلمت كل زملائي كي يحضروا لاستلام العمل، وفوجئنا بعد ذلك بأننا سنعمل نظير أجر يومي 13 جنيها، في حين أن زملاءنا المعينين في صندوق التنمية يحصلون علي 20 جنيها يوميا، والبيت الفني 25 جنيها، والمركز القومي للمسرح تعينت واحدة ب 35 جنيها في اليوم. واصلت مروة: لم يكن عندي اعتراض علي قطاع الفنون التشكيلية، لكننا قدمنا ورقنا في وقت واحد، وكلنا خريجون، وأنا الثالثة علي دفعتي، فلماذا تم التوزيع عشوائيا بهذه الطريقة ولم يراع حتي الأوئل؟ ولم تكن هناك مساواة في الأجر!! وعندما ذهبنا لمكتب وزير الثقافي لنشكو، قال لنا العاملون في مكتبه أن الدكتور أبو غازي وقع علي أجر يومي لكل الموظفين الجدد 20 جنيها في اليوم في كل قطاعات الوزارة، وطلبنا مقابلته وتركنا تليفوناتنا للاتصال بنا، وقالوا لنا أنه مشغول وننتظر حتي اليوم ولم يتصلوا بنا، فقمنا بتقديم شكوي رسمية في مكتبه للمساواة في الأجور. وعن وظيفتها قالت مروة: وظيفتي حاليا ليس لها أي مسمي وظيفي!! لكن الدكتور أشرف رضا في اجتماعه لنا وعدنا أنه سيقوم بعمل هيكلة جديدة وإدارة لنا باسم إدارة "تطوير الأعمال"، ونقوم حاليا بعمل أبحاث ميدانية عن المتاحف التي تحتاج تطوير، وغير ذلك تسلمنا العمل منذ أكثر من أسبوعين ولم نفعل سوي الأبحاث. وعندما قلنا أننا خريجين أوائل قالوا لنا أن هذا ينطبق علي الثلاث سنوات الأخيرة لينفذ ما قاله وزير التعليم العالي، وإن كان لا يمكن تعييني في الأكاديمية، كيف لا أحصل علي تعيين في مكان آخر وأنا من الأوائل!! استطلعت "روزاليوسف" آراء بعض الفنانين التشكيليين، وأشار الفنان الدكتور عبدالوهاب عبد المحسن إلي أن خريجي أكاديمية فنون المسرح لا يتحملهم قطاع واحد فكان يجب توزيعهم علي قطاعات مختلفة، ورأي أن قطاع الفنون التشكيلية بإمكانه الاستفادة منهم، وليكن في عروض البيرفورمانس والحفلات المصاحبة للفن التشكيلي، فلا غرابة مطلقا أنهم يعملون في قطاع الفنون، لكن الأهم أنهم ماذا سيفعلون؟ وستكون مشكلة كبيرة إن لم يفعلوا شيئا ويستغل مجالهم، فالفنون التشكيلية ليست فنونًا تشكيلية فقط؛ ولذلك لابد أن يضم القطاع شعراء وموسيقيين ومهندسو ديكور، لكن الكثير من الأشخاص لا يفهمون تداخل الفنون وعلاقتها ببعضها وتكاملها، ويفهمون أن الفنان "يرسم وخلاص"، فمن الممكن أن هؤلاء الموظفين الجدد يحصلون علي دورات في إخراج حفلات الفنون وغيرها، ولا مانع أن يضيفوا لمسة للمعارض التشكيلية والفنان التشكيلي يتفرغ لإبداعه. ومن جانبه أكد النحات الدكتور شمس القرنفلي أنه غير منطقي أن يعين خريجو المسرح في قطاع الفنون التشكيلية، فهذا القرار يجب مراجعته؛ لأنه يوجد موظفون في القطاع بعقود يريدون التعيين، كما أن مفهوم خاطيئًا أن توظف أشخاصًا في الحكومة لردعهم عن المظاهرات، فهذا أيضا غير منطقي! ومن الممكن أن يكون قطاع الفنون ليست في احتياج لهم، فيصبحون عبئًا عليه وعلي إدارته، فيجب عدم النظر بمفهوم المجاملات -أنهم عاملين دوشة فيوظفوهم- كما أن خريجي فنون مسرحية من الممكن أن يبحثوا عن عمل في القنوات الخاصة فهذا مجالهم، كما أن لديهم فرص كثيرة سواء في مجال المسرح أو السينما، وكان أولي أن يوظف في القطاع مجالات يحتاجها، وليكن خريجو الآثار إن أراد مجالاً آخر يستفاد منه، فهذه تخصصات أولي أن يستعان بها القطاع.