دائما ما ترصد السينما تاريخ الأحداث المهمة التي تطرأ علي المجتمع، خاصة الأحداث الوطنية.. ولكن منذ انتهاء حرب أكتوبر واسترداد الأراضي المصرية بالكامل لم يتم انتاج أفلام وطنية غير التي تتحدث عن هذا الحدث، لعل ذلك يعود إلي عدم وجود أي حدث وطني ضخم يستحق تسجيله بالأفلام.. ولذلك ظل استخدام الأفلام القديمة التي تعكس الأحداث الوطنية السابقة هي الوحيدة علي الساحة والتي تقوم القنوات بعرضها كلما مرت ذكري ثورة 52 أو حرب أكتوبر أو حرب الاستنزاف. وقد تم انتاج أفلام وطنية قليلة في ظل النظام السابق وكانت تخدم بشكل غير مباشر مكانة الرئيس المخلوع حسني مبارك.. حيث إن هذه الأعمال كتبت وتم تنفيذها بعد موافقة النظام وقواته الأمنية لها وغالبا ما دارت مواضيع هذه الأفلام حول أحداث حرب أكتوبر والنصر الذي تحقق بفضل الضربة الجوية التي قامت القوات المسلحة بها. ومن هذه الأفلام فيلم «الطريق إلي إيلات» الذي تم انتاجه عام 1997 وفيلم «يوم الكرامة» انتاج عام 2005.. ومن أبرز الأفلام الوطنية التي كان سيتم انتاجها خصيصا للاشادة بأول ضربة جوية في المعركة والتي قام بها الرئيس السابق فيلما «الضربة الجوية» ليوسف معاطي والذي كانت تدور أحداثه حول تمجيد الرئيس مبارك بشكل مباشر.. وأيضا فيلم «وبدأت الضربة الجوية» من تأليف عاطف بشاي والذي تدور أحداثه حول المخططات التي كانت تدور داخل الجيش المصري قبل اندلاع الحرب بأيام والحروب النفسية التي كان يتعرض لها الجنود وقتها علي أن تنتهي أحداث الفيلم بالضربة الجوية التي كانت العنصر المشجع للجيش ليستكمل الحرب ويحقق النصر. وقد انشغل صناع السينما خلال سنوات النظام السابق بعرض المواضيع الرومانسية والكوميدية والأكشن بشكل خاص بعيدًا عن تناول الأفلام الوطنية التي كان أغلبها ضعيفًا لعدم وجود موضوع جديد في ظل الركود السياسي الذي كان موجودًا وقتها.. وقد برر الصناع تجاهلهم للأعمال الوطنية إلي أن مثل هذه الأعمال تحتاج لانتاج ضخم ومصاريف كبيرة وإجراءات مشددة ومقابل ذلك لن تجد لها جمهورًا يساوي جمهور الأعمال الأخري ليغطي تكلفتها. ولكن بعد اندلاع ثورة 25 يناير وجد أهل الفن فيها مادة خصبة للعودة بقوة لمناقشة الموضوعات الوطنية والتي ستجد اقبالا من الجمهور لتعلق كل مصري بما حدث.. فجاء العديد من صناع السينما بعدد كبير من الأفلام التي تدور حول هذه الفترة من تاريخ مصر وترصد ما حدث فيها من تسيب وأحداث قتل وتعذيب واستشهاد وغيرها من المصاعب التي مر بها الشعب وقت الثورة.. وتشمل هذه الأفلام أكثر من عشرة أفلام ما بين التحضير والتصوير والكتابة.. منها فيلم «الميدان» للمخرج مجدي أحمد علي والذي يعتبر أول فيلم عن الثورة وتم تصوير بعض المشاهد الحية من ميدان التحرير قبل إعلان تنحي مبارك بالاضافة إلي فيلم «18 يوم» والذي يشارك في اخراجه 10 مخرجين مصريين وهو عبارة عن 10 أفلام روائية قصيرة تدور أحداث كل منها حول جانب من جوانب الثورة فمنهم من يتناول مشكلة البلطجية ومنهم من يعكس ما حدث في الميدان من قوات أمن الدولة ومنهم من يعكس الجانب الإنساني للشباب المصري.. بالاضافة إلي فيلم «بعد الطوفان» تأليف واخراج حازم الحديدي وتدور أحداثه بعد إعلان تنحي مبارك مباشرة. وفيلم «بعد الموقعة» للمخرج يسري نصر الله والذي تدور أحداثه حول موقعة «الجمل» الشهيرة، وفيلم «بلطجية يناير» للمؤلف خالد مهران وتدور أحداثه حول انطلاق البلطجية في الشوارع وإثارتهم الرعب بين الناس ليلة جمعة الغضب. كما أن الثلاثي هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي يقومون حاليا بكتابة فيلم عن الثورة والوحدة الوطنية والأحداث الطائفية التي تلتها برؤية شبابية خفيفة.