كتب : زينب منتصر تتعدد الأسباب والغضب قائم.. وهو غضب مشروع لكونه صادراً من النخب الشابة التي ساهمت في إشعال ثورة 25 يناير.. أي الثوار الحقيقيين.. وقد تدافعوا بحشود ضخمة بلغت نصف المليون في ميدان التحرير ومئات الألوف في بعض ميادين مصر في محافظاتها القريبة والنائية.. غير عائبين بدعوات الترويع والتكفير والتخويف والتخوين التي سادت الأجواء السياسية المصرية في الواقع الافتراضي النت والواقع المعاش علي حد سواء! ونحن نتفهم أن تنطلق هذه الدعوات المغرضة من أعداء مصر الذين هم بالضرورة أعداء الثورة والثوار.. ونخص بالذكر الصهاينة والأمريكان بالتبعية، ناهيك عن الفلول والذيول للنظام البائد.. أما أن يدب الخوف والرعب في قلوب بعض الأشقاء والرفاق ممن ناصروا الثورة واشتركوا في اقامتها بعد عزوف وتردد وبالتحديد منذ موقعة «الجمل» في 2/2 التي تحملوا فيها النصيب الأوفي من الاذي والترويع والتكسير.. نعم إنهم الإخوان المسلمون الذين أبلوا بلاء حسنا في هذه الموقعة الغشوم!! لكن للأسف الشديد إذ بهم يتحولون رويداً رويداً وبخاصة بعد الاستفتاء الشهير علي تغيير بعض بنود في الدستور والذي كاد يشق البلاد نصفين!! ورغم أن عقلاء الأمة يؤكدون أننا مازلنا في البدايات من عمر الثورة وأهدافها فلم يتم نسف الحمام القديم أي النظام البائد وبالتالي لم يتم تشييد البناء الجديد في اقامة مؤسسات الدولة الديمقراطية المدنية إلا أن الإخوان بدوا وكأنهم يهرولون في اتجاه السلطة قبل الأوان بأوان!! ولأن الثورة والثوار والشعب ارتضوا أن يكون الجيش والشعب يداً واحدة.. فقد أوكل الثوار الجيش ليدير البلاد نيابة عنهم بعد أن احتضن الجيش الثورة واعترف بشرعيتها وبالتالي صار المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو الذي يدير البلاد في الفترة الانتقالية لأن الثورة لم يكن لها قيادة سياسية محددة. ربما من هنا أسرع «الإخوان» الخطي في بناء علاقة مع المجلس الأعلي.. علها تزيد من خظورتهم دون سواهم من الفصائل السياسية الأخري، وبعد أن جرت مياه في النهر إذ بنا نضبط الإخوان ومن واقع منشوراتهم وهم يوجهون سهام النقد التي تتطور بسرعة البرق إلي محاولة وقيعة بين الثوار والجيش أو علي وجه الدقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة المنوط به إدارة البلاد سياسيا وبالتالي يجوز مناقشته ونقد بعض ممارساته في ظل المناخ الديمقراطي المرتجي. والسؤال: لماذا يلعب الإخوان هذا الدور في تقليب القلوب، وفي طمس الشعار الدال والباقي السائد «الجيش والشعب إيد واحدة؟!» إن تاريخ الإخوان داخل الحركة الوطنية المصرية منذ بدايات القرن الماضي وحتي الآن يشي بأنها تبدأ بعلاقة سعيدة لكنها سرعان ما تنتهي إلي تعاسة واقصاء!! كان ذلك مع مصطفي النحاس قبل ثورة 23 يوليو أما مع عبدالناصر فقد بدأت متعاونة ومؤيدة وسرعان ما تحولت إلي محاولة لاغتياله ثم اقامة معتقلات بالجملة للجماعة!! ومع السادات كانت الانفراجة الكبري حتي قيل عنه إنه أخرج المارد من القمم.. يقصدون الإخوان من المعتقلات والشتات.. ولكنها تنتهي باغتياله! ثم مع الرئيس المخلوع إذ خضعت لمساومات أذاقهم فيها أسوأ أنواع الاضطهاد، أما مع ثورة 25 يناير فيرجع لها الفضل بالاعتراف بالجماعة كفصيل سياسي وطني بعد أن كان يطلق عليها المحظورة!! لعل هذه اللمحة التاريخية تجعلنا نتساءل: لماذا تتحول العلاقة مع الإخوان من الضد إلي الضد؟! هل لأن أحلامهم في لحظة أعلي من امكانياتهم ومكانتهم؟! هل لأن الغرور السياسي في لحظة يصبح سيد الرؤية والهدف والسلوك؟! هل لأنهم في لحظة لا يستطيعون قراءة الخريطة السياسية بالعمق الواجب حتي يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟! أسئلة عديدة تطرحها لحظتنا الراهنة التي تؤكد لهم ولنا أن تصرفات عدة أطلقتها مجموعة تنتسب للجماعة تضعها في دائرة من يحاول أن يصطاد في المياه المحتشدة بالغضب ولا نقول العكرة، لأن الغضب مشروع في الحالة الثورية، خاصة وهو قادم من الثوار وهم يرفعون مطالب لم تتحقق بعد من أمن مفتقد ودستور جديد قبل الانتخابات التشريعية وبالشفافية والمحاسبة لرموز النظام البائد وبالمشاركة في اتخاذ القرار والعدالة الاجتماعية. ولعل لحظة السيولة التي يعيشها المجتمع والتي تفتقد فيها للقوي التي تفتقد المنهج والرؤية والاداة تجعلنا نري الساحة كأنها مفتوحة علي جميع الاحتمالات وكأن الجميع ينظرون إلي اشارة المرور وهي مضاءة بالألوان الثلاثة دفعة واحد، وفي ذات الوقت فمن يريد أن يمر فليمر، ومن يريد أن ينتظر فلينتظر، ومن يريد أن يقف فليقف!! لكن ما حدث في يوم جمعة الغضب 27 مايو أحبط كيد الكائدين فقد أثبت الثوار في مشهد رائع، ومنضبط، ومتوهج يتكافأ مع المشهد الأول للثورة يوم 25 يناير.. أنهم متمسكون بالجيش وباليد الواحدة.. وأن لا مكان لدعوات الترويع والتخوين!! إن مصر ملك للجميع وليست لفصيل دون سواه، وكأن لسان حالهم يؤكد بعد أن أمنوا أنفسهم بأنفسهم في الميدان، فلننظر جميعا للدساسين في غضب ولنحاول إزاحتهم من مجري النهر الثوري لأن نجاح الثورة رهن بتواصل حميم ومبدع ومشروع بين الثوار والمجلس الأعلي للقوات المسلحة، حتي نرتب اشارات المرور المجتمعية وحتي يتم لنا العبور الآمن من اتجاه بناء مصر الناهضة والعفية التي تفزع أعداءها أما أبناؤها وأصدقاؤها وأشقاؤها فقد تكون أحسن من النسيم العليل عليهم.