تشهد مدينة الأقصر جدلا واسعا بعد إعلان طرح قصر توفيق أندراوس التاريخى للبيع والذى شهد أحداث ثورة 1919، بمدينة الأقصر ، وزاره زعيمها سعد زغلول. حالة الجدل بدأت بتردد معلومات عن نية الوكيل القانونى للوريث الأوحد لقصر توفيق بك أندراوس عضو مجلس النواب عن حزب الوفد وأحد أقطاب ثورة 1919 لطرح القصر الملاصق لمعبد الأقصر الفرعونى، والمطل على نهر النيل الخالد وسط مدينة الأقصر، للبيع، ليفجر سجالاً لا ينتهى على صفحات التواصل الاجتماعى بين المهتمين بالآثار المصرية، وبتاريخ ثورات البلاد. وبقدر ما كان الجدل واسعا ومتصلا، كانت المفاجآت فى واقعة الإعلان عن طرح القصر للبيع مدوية حينا، ومؤلمة أحيانًا. إذ كشف مصدر مسئول بقطاع الآثار القبطية والإسلامية فى الأقصر عن عدم قيام مسئولى الآثار بتسجيل القصر ضمن القصور التاريخية، على الرغم من قدمه ومرور أكثر من مائة عام على إنشائه، وأن أجزاءً من القصر التاريخى تعرضت للهدم. ومازاد القلق على القصر التاريخى تأكيد مسئول كبير بآثار مصر العليا على أحقية المالك الحالى للقصر أو من يقوم بشرائه وهدمه مما يؤدى لإزالة جزءً مهم من تاريخ الوطنية المصرية، دون وجود أى عائق قانونى يحول دون قيامه بهدم القصر فى أى وقت ودون الرجوع لأى جهة، وذلك نظرًا لأن القصر غير مسجل ضمن المعالم الآثرية، إلا أنه وبحسب المصدر لا يجوز لمالك القصر أو من يشتريه إعادة بنائه فى حال هدمه نظرا لوقوعه داخل حرم معبد الأقصر الفرعونى، حيث يحظر قانون حماية الآثار البناء داخل حرم المناطق الآثرية. لكن المفاجأة المدوية هى التى كشفها مصدر مطلع ، ومصدر آخر مقرب من الوريث الأوحد للقصر، هى أن بنات توفيق بك أندراوس اللاتى ورثن القصر عن والدهن وكن يقمن به إلى أن تعرضن للقتل فى حادث لايزال غامضا حتى اليوم، قد قمن قبل مقتلهن بتوقيع وصية جرى تقديمها لمحافظ الأقصر آنذاك الدكتور سمير فرج، ونصت الوصية على تنازلهن عن القصر لصالح المحافظة بعد رحيلهن، وأن تلك الوصية أودعت بإدارة الشئون القانونية بديوان عام محافظة الأقصر، وأنه كان يجب على سلطات المحافظة أن تطالب بملكية القصر بعد رحيل الوريثات الثلاث. وفى غضون ذلك طالب آثاريون مصريون بينهم الدكتور أحمد صالح عبدالله، وزارة الآثار المصرية بشراء القصر، وترميمه وتحويله لمتحف يعرض مقتنيات ثورة 1919. إلى ذلك أطلق أعضاء فى حزب الوفد بمحافظة الأقصر، حملة تطالب بوقف إجراءات عرض القصر للبيع، وحماية ما تبقى من معالمه. وقال أحمد الطيب جاويش عضو الهيئة العليا لحزب الوفد إنه يجرى دراسة اتخاذ حزمة من الإجراءات القانونية التى تهدف لحماية القصر من الهدم وترميمه ونقل ملكيته للدولة وتحويله الى متحف تاريخى. يذكر أن قصر توفيق أندراوس، يرجع تاريخ انشائه إلى عام 1897، وهو واحد من مجموعة القصور ذات القيمة التاريخية النادرة، وكان القصر يحوى مجموعة من القطع الآثرية التى نقلت إلى المخازن الآثرية فى الأقصر قبل حوالى عشرين عاما. ويعد توفيق باشا أندراوس صاحب القصر وواحدًا من رجالات الحركة الوطنية المصرية خلال ثورة 1919، ونائب الأقصر لثلاث دورات بمجلس الأمة ولم تنتخب الأقصر نائبا غيره حتى وافته المنية. ويشير السيد أحمد عبدالله الحجاجى أحد رموز عائلة الحجاجية الشهيرة فى الأقصر الى أن هذا المسيحى الثائر توفيق أندراوس «الذى انتخبته الأغلبية المسلمة نائبا لها فى البرلمان ثلاث دورات ولو بقى حيا ما انتخبوا غيره لم يكن فى حاجة للمال فوالده اندراوس باشا بشارة من أثرى أثرياء مصر لكن هذا الثراء لم يُكسب أسرته أنانية وتكبرا بل سخاء وعطاء وخيرية فقام والده بوقف مائة فدان لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة، ثم قام ببناء مدرسة الأقباط التى مازالت قائمة وبنى مسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين والعديد من المشروعات الخيرية، وتصدر توفيق اندراوس صفوف الثورة ووهب لها عمره، وحاول القصر الملكى أن يثنيه وعرض عليه احمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى وكان زميل له فى جامعة أكسفورد رغبة الملك فؤاد فى تعيينه سفيرا لمصر فى لندن على أن يترك العمل بجانب سعد زغلول ،فكان رده الرفض، وعندما نفت السلطات سعد زغلول ورفاقه علم أن أم المصريين صفية هانم زغلول تشكو من نضوب خزينة الوفد فما كان من توفيق اندراوس إلا أن باع مئات الأفدنة ووضع ثمنها تحت تصرف أم المصريين للصرف على الحركة الوطنية ، وخلال رحلة سعد زغلول النيلية إلى الصعيد استقبله توفيق اندراوس على رأس أهالى الأقصر وما حولها رغم كل محاولات الشرطة آنذاك لمنع وقوف باخرة سعد زغلول، حيث تصدى لهم توفيق باشا اندراوس واستقبل سعد بمنزله وكان اجتماعا تاريخيا مشهودا للوطنية فى الصعيد سنة1921 وأطلقت الجماهير هتافها المدوى يحيا سعد وهتف سعد زغلول بل يحيا توفيق اندراوس، وقد مات توفيق اندراوس فى ريعان شبابه ووافقت وفاته مناسبة لا تتكرر، وهى اجتماع عيد الفطر المبارك وعيد الميلاد المجيد فى يوم واحد فخيم على الأقصر الحزن العميق وخرجت جماهير الأقصر وقوص وأرمنت فى موكبه الحزين وشهدت جنازته العديد من الشخصيات منهم مكرم عبيد باشا سكرتير الوفد وتوفيق دوس وزير المواصلات ونقيب الأشراف محمد أبوالحجاج الحجاجى والعالم الجليل الحسين الحجاجى.