«كل شيء حولي صامت»، والجوار خالٍ، لم يكن سوي قارب صغير مربوط إلي جذع الشجرة، البيوت الآن بعيدة، والناس والدواب محتمون بقبضتها من هذا الصيف المداري بشمسه القاتلة ورعونته المطلقة، سرب الصمت إلي أذني هسيسًا خفيفًا، تلفت كي استطلع مصدره، كل شيء ساكن، لا هبة نسيم تلطف الأجواء، أو تحرك أوراق الشجرة، دوامات النهر بعيدة، خمنت أنه امتداد همس الدميرة للنهر». بهذه الطريقة السردية البالغة البساطة والممتلئة بتداعيات الصور اللامتناهية يأخذنا الروائي أحمد أبو خنيجر في مجموعته القصصية القصيرة والتي صدرت عن دار «نهضة مصر» في أكتوبر 2010 في 70 صفحة من القطع الصغير، ليتجول بنا عبر أكثر من اثنتي عشرة حكاية قصيرة في عوالم ربما لا يدرك مرارتها وفرحها إلا من عاشها أو كان قريبًا منها فأبو خنيجر المولود في أسوان عام 1967 استلهم في أقاصيصه ما عاشه في منبت رأسه «أقصي صعيد مصر» حيث راح يجول بنا في ستة أبواب يتضمن كل باب مجموعة من الحكايات فها هو يحكي حكايات في باب الجوع والذي يشمل ثلاث حكايات عن «عرق الجوع» و«دخان الجوع» و«نظرة الجوع» ثم يتبعها بتعقيب ثم في حكايات في باب السوق يأخذنا في عوالم السوق كما رآها أو بالأحري كما يريدنا أن نراها تحت عنوان «لأنه في كل صباح تشرق الشمس فقد طلعت كعادتها» ثم يتبعها بخاتمة ثم يتبعها بحكايتين في باب الوحدة «شجرة وامرأة وفتاة» و«الراديو» ويليها حكاية في باب الشرف، وفي باب الوصال يحكي لنا عن «الشيشة» و«أصابع مريم.. شعر آمنة» و«في المقام» و«العربة» ثم يختم المجموعة بست حكايات قصيرة في «باب الموت» وهي «ذبابة الموت الزرقاء» و«مجرد غريب»، «مجذوب»، «لمسة»، «وحدة»، «ولادة». تحت كل هذه العناوين لأقاصيص أبو خنيجر نخلص بما يشبه «الكبسولة» المركزة من المشاعر والأحاسيس والصور البصرية والبلاغية التي إن دلت علي شيء فإنما تدل علي مدي وعي هذا الكاتب بموروثه الإنساني وبراعته في استخدام وانتقاء القليل من الكلمات ليضعنا معه فيما تجيش به نفسه أمور حياتية ولأحمد أبو خنيجر عدة مؤلفات تتنوع بين الرواية مثل «نجع السلعوة»، «فتنة الصحراء» خور الجمال وغيرها والقصة القصيرة مثل «حديث خاص عن الجدة»، «غواية الشر الجميل»، «مساحة للموت».. وغيرها كما أن له العديد من الأعمال المسرحية والدراسات الشعبية.