ظهرت لافتات ساخرة تبرر سبب طلب الرحيل مثل: "ارحل إيدي وجعتني" و"ارحل عايز احلق" و"ارحل مراتي وحشتني" و"ارحل عاوز اتجوز"، عن هذه الثورة الإبداعية، تحدث عدد من الأدباء والمثقفين عن رؤيتهم وتحليلهم الأدبي والفني والثقافي والنفسي لهذه الظاهرة. يري الكاتب صلاح عيسي أن وجود شعارت مصاحبة للثورات ليس جديدا، لنا تاريخ في النكتة والقفشة السياسية وكلها تتعلق بالاحوال العامة، فمثلا شعار ثورة 1805 كان "أيش تاخذ من تفليسي يا برديسي"، وكان شعار الثورة العرابية ضد الخديو توفيق كان "يا توفيق يا وش النملة من قالك تعمل ده العملة"، وفي مظاهرات 1977 كانت الشعارات مأخوذة من أشعار أحمد فؤاد نجم تقول: "هما بياكلوا حمام وفراخ واحنا الفول دوخنا وداخ"، وهذه الشعارات تعكس ثقافة المجتمع، وفي ثورة يناير عكست الشعارات ثقافة شباب "فيس بوك" فرأينا "انجز عايز اروح" والسبب الرئيسي في هذا الإبداع الشعبي الكوميدي يرجع إلي تأخر رحيل الرئيس وتنفيذ المطلب، كما أن تواجدهم في الميدان والانفعال الجمعي أوحي لهم بهذه اللافتات، التي لم تخرج في اي شعار عن هدف الثورة الرئيسي . ووصف الدكتور صلاح الراوي شعارات الثورة أنها نوع من الكوميديا السوداء الساخرة، قدمها الشعب بثقافته بشكل فكاهي، التي بلورت الروح المصرية الجماعية، نتاج حالة انفعالية جادة مع لمسة خفيفة من السخرية تميزت بالصراحة والوضوح، ولأن الشعارات لا تعبراً عن مطلب فردي، فلا يمكن أن نعرف من الذي صاغها لأنها شكلت الوعي الجمعي، واستخدام أدوات الفن اللغوي كسلاح، مثل: "أنا قلبي لجان شعبية"، "ارحل قبل الصعايدة ماييجوا"، و"الرئيس يتحدي الملل"، فقد كانت الشعارات بمثابة مغناطيس ثقافي يجذب الشعب للمشاركة في الثورة. وأكد الراوي أن جمع وتوثيق وتحليل ما صدر عن الجماعة الشعبية خلال الثورة واجب لا يقل أهمية عن توثيق الثورة بكل أركانها، والتقصير في ذلك التوثيق يصل إلي حد الجريمة لأن الشعارات هنا كانت "كشافا" عن الشعب الذي كنا نظن أننا نعرفه عن قرب، لكن الثورة أثبتت أن بأعماق الشعب المصري كنوزا. وقال الكاتب فؤاد قنديل: رصدت كل ما يدور في التحرير، حيث انطلقت ثقافات كثيرة، أعتقد أنها ستترك بصمة علي الإبداع في الفترة المقبلة، فتوجهت إلي من يكتب الشعارات واللافتات وجدته ينظر اي واحد من المتظاهرين يطلب شعارا يحمله ويسأله كاتب الشعارات عن المعني الذي يطلبه، فيقول له: "لازم يمشي احنا مش هانمشي"، وقوله كمان "ارحل يعني أمشي". وأكمل: من أول يوم للثورة كانت هناك شعارات ومطالب بإسقاط النظام، ومع كل خطاب للرئيس، كان الجمهور يصل إلي حالة انفعالية جماعية، فالإصرار علي عدم الرحيل بسهولة أفرز هذا الإبداع، وبدأ النقد الكاريكاتيري ينطلق بإبداع لغوي ومضمون سياسي فمثلا: "ارحل عايز ارجع البيت"، هذه الشعارات إبداع في المضمون، جمل هذه الشعارات مأخوذة من ثقافة معاصرة لتكنولوجيا لإنهاء ثورة علمية من بدايتها، وهذا ما أكده شعار "أرحل لقد نفد رصيدكم". قال الدكتور عماد عبد اللطيف: المبالغة في الفكاهة لا تقلل من الجدية التي لابد وأن يتسم بها فعل الثورة في عمومه. قامت شعارات الثورة بوظائف كثيرة منها تفنيد الخطابات المضادة للثورة والسخرية منها؛ مثل اللافتات التي تسخر من الشائعات التي روجها التليفزيون المصري عن وجبات الكنتاكي والعملاء الأجانب، مثل: " أنا زهقت من الكنتاكي ..ارحمني وارحل". كما عكست هذه الشعارات روح الفكاهة المصرية، كذلك استطاعت عشرات اللافتات الفكاهية التي يتجول بها الشباب في جنبات الميدان أن تقتنص ابتسامات الحاضرين وربما ضحكاتهم أيضًا، وكثير من هذه اللافتات كانت تدور حول أفكار بعينها، من بينها فكرة أن الشباب لن يغادروا الميدان إلا بعد انصياع الرئيس لطلب الشعب برحيله، وهو ما يرونه قريب المنال وإن بدا صعبًا، عبر عنها الشباب بلافتات منها "رئيس الجمهورية عفواً لقد نفد رصيدكم"، Game over، "لو كان عفريت كان انصرف"، بالإضافة إلي الإشارة إلي الحاجات اليومية الجسدية أو العاطفية للمتظاهرين.