يظل عنصر التوفيق خطًا فاصلاً في مسيرة أي إنسان والصحافة من المهن التي يلعب فيها التوفيق دورا مهما مكملا لعناصر أخري مثل الاجتهاد والمثابرة وتطوير وتنمية المهارات المهنية وتوسيع قاعدة المصادر وما إلي ذلك من أشياء يعرفها معظم الزملاء في الحقل الصحفي والإعلامي. وحالفني التوفيق بأن انهل من علم وخبرة الخبراء العسكريين والاستراتيجيين في أكاديمية ناصر العسكرية مؤخرا في فترة تاريخية من عمر مصر إذ تمكنت من اجتياز دورة المحررين العسكريين التي حضرها زملاء من مختلف الصحف القومية والحزبية والخاصة ذهبت إليها بترشيح من الأستاذ عبدالله كمال رئيس تحرير «روزاليوسف» وكان معي الزملاء أحمد إمبابي مساعد مدير تحرير الجريدة وأحمد عبدالعظيم المحرر العسكري للجريدة والزميل رجب المرشدي رئيس قسم الأخبار بالمجلة وحصلت علي الترتيب الثاني علي الدفعة بتقدير امتياز وتقدمني في الترتيب الزميل عبدالجواد توفيق الصحفي بالأهرام، وخلال هذه الفترة لم أتعلم فقط المسائل المتعلقة بالعلوم الاستراتيجية أو إدارة الأزمات وقضايا الأمن القومي ولكني كنت علي موعد يومي مع رجال يعشقون تراب مصر.. قامتهم عالية.. منضبطين في كل شيء.. رأس مالهم هو الحفاظ علي مصر ومن أجلها جاهزين للدفاع عنها بأرواحهم دون تردد. ومن أجل هذه الغاية كان دورهم المشرف في أحداث ثورة 25 يناير وإلي الآن ومستمرون في هذا الدور دون كلل أو ملل، ومناسبة هذا الحديث وما دفعني إليه هو تلك الحملة التحريضية علي الجيش التي نشاهدها في بعض الكتابات داخل الصحف أو مواقع الإنترنت وتأخذ من الشرطة العسكرية مدخلا لهذا الهجوم والهدف ليس الشرطة العسكرية ولكن الهدف هو الجيش وزعزعة الثقة في الجيش لأن بعض المسمومين كانوا يحلمون بأن تسقط مصر مع سقوط مبارك وأحزنهم أن مصر ظلت باقية بمؤسساتها الوطنية وزادت عافيتها رغم الظروف الصعبة لأن أكثر من 80 مليون مصري أصبح لديهم القدرة علي الحلم بعدما غابت جودة الحياة عنهم لسنوات والجيش أعلن أنه ضامن وحامٍ لأحلامهم منذ اللحظة الأولي. ويقود هذه العملية في توقيت إقليمي مزعج لأمن مصر القومي ما بين جبهة تستوجب الانتباه الدائم في الشرق وعمل عسكري دولي يجري حاليا في جبهة الغرب وجبهة الجنوب يعاد تشكيلها وتبزغ فيه دولة جديدة، ونحن أيضا علينا أن ندرك ذلك وأن نساعد ونعمل وننتج ونحافظ علي مؤسساتنا ونبني بلدنا لأنه إذا كان رحيل النظام رغبة شعبية تم تحقيقها فإن رحيل الدولة لا يجب أن يكون ولن يسمح به تحت أي دعوي، ويجب أن نفهم أن الشرطة العسكرية نزلت إلي شارع فوضوي بلا أمن به آلاف الهاربين من السجون وتتحمل ضغطًا استثنائيا لعدم جاهزية وزارة الداخلية التي لم تستعد كامل لياقتها الأمنية والشرطية حتي هذه اللحظة، إن القدرة علي الهدم أسهل كثيرا من قدرة البناء وإذا كان العالم يتغني الآن بأن مصر أم الدنيا فعلينا أن نتعامل مع مصر علي أنها أمنا أولا قبل أن تكون أم الدنيا.