أعترف أنني أطور أسلوباً جديداً للكتابة بناء علي خبرتي في استخدام موقع «تويتر».. أحاول أن أستفيد من قاعدته الأساسية: أن ترسل عبارة لا يزيد طولها علي140 حرفاً. فكرة «تويتر» تقوم علي «التويته».. زقزقة عصفور.. لا تكون طويلة.. مكثفة جداً.. وقد اكتسبت «التويتات» سمعة إقليمية بعد أن وظفها أنصار موسوي ضد أحمدي نجاد.. فانضرم الغضب في الشارع الإيراني. قلت لنفسي لتكن مقالاتي عبارة عن فقرات «تويترية».. أجاهد من أجل التكثيف.. لكن القارئ العربي يفضل «الشرح».. ما نسميه أيضاً «رغي».. الموازنة بين الاختيارين صعبة جداً.. النقطة لها ثمن.. لن تبث الرسالة إذا كانت 141 حرفاً. ذات يوم.. بعد الأحداث الإيرانية.. دعيت إلي اجتماع سري في إحدي أمانات الحزب الوطني.. رأس الاجتماع شخص مهم.. الهدف هو: بحث إمكانية استخدام الشبكات الاجتماعية.. ومنها تويتر.. في السياسة. قلنا كلاماً كثيراً.. كنت متحمساً جداً.. بخلاف ثلاثة تقريباً من بين عشرة حضروا.. تمكنت منذ زمن من التعامل مع أدوات الإنترنت والشبكات الاجتماعية. قال لي قراء: إنني رئيس التحرير المصري الوحيد المتفاعل مع «فيس بوك».. أتقن مهارات الكمبيوتر منذ عام 2000. بدأت «بالتويتر» في يونيو 2009.. لدي أربع صفحات علي «فيس بوك». في الاجتماع تحدث خبير محترم عن استفادة أوباما من الإنترنت في حملته الانتخابية.. خصوصاً لجمع التبرعات.. استمع الحاضرون بانبهار.. لكن المعضلة لم تكن التبرعات.. بل مواجهة التحريضات. من جانبه أخرج أنس الفقي ملفاً ضخمًا ملون الأوراق.. تراقص علي المائدة بادعاء القدرة.. أصر علي أنه سوف يبني موقعاً إلكترونياً يحقق الهدف.. دخل الفقي السجن قبل أن يجهز الموقع الذي تعهد به منذ عامين. بعض من حضروا كانوا فاترين جداً.. لأسباب تقنية أو عمرية.. قال لي رجل فاضل: الإنترنت لن يؤثر في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية المقبلة في مصر.. في 2015 وعليك خير.. أضاف: هكذا تقول الدراسات! المفارقة: وقعت أحداث يناير في 2011. وأطاحت تقريباً بكل من كان في هذا الاجتماع.. وباستخدام أدوات الإنترنت.. وظهر تأثيرها نوعاً ما في انتخابات مجلس الشعب. تحول النقاش إلي استماع غير منظم.. بعضنا كان «يستعرض» للأسف بدون أن تكون لديه أي علاقة بالموضوع.. استغرقت الجلسة 3 ساعات.. كنت أصغر من في الاجتماع.. وقتها 43 سنة.. وهذا في حد ذاته خلل.. أين الشباب؟ مثل مرات أخري كثيرة.. انتهي الأمر بدون متابعة.. ربما لأن «تويتر» لم يسقط أحمدي نجاد.. وإن كان قد قض مضجعه.. فبادر قبل غيره في المنطقة إلي تعطيله.. لكن صفحة إنترنت دفعت مبارك لأن يتخلي عن موقعه. يوم 25 يناير تم إبطاء سرعة «تويتر» في مصر.. وضعت له معوقات تقنية.. سوف أشرحها فيما بعد.. يوم 28 تم تعطيله بالكامل.. الإنترنت كله كان منقطعاً.. وشبكات المحمول. أوباما في واشنطن كان يصرخ: افتحوا الشبكة.. النشطاء الأوروبيون الذين تجمهروا في القاهرة استخدموا وصلات القمر الصناعي في الوصول إلي «تويتر» وغيره.. فعل مثلهم مراسلو الوكالات الأجنبية. عادت الإنترنت بعد أيام.. تعطيلها لم يعطل الفعل الثوري.. فقط أفسح هذا فرصة كبيرة للمنشورات والفضائيات.. ظل «تويتر» غائباً.. حين عاد كان قد هجم عليه ألوف من المستخدمين الجدد.. الممنوع مرغوب. تصفحت الموقع فوجدت أغلب ما يكتب عن مصر بالإنجليزية.. لم يكن هذا حاله قبل 25 يناير.. ظل هكذا تقريباً إلي يوم 15 فبراير بعد تخلي مبارك عن الرئاسة بأربعة أيام.. بعدها عادت إليه عربيته.. أخلاه نشطاء أوروبا واقتصر علي المصريين. كان «تويتر» فعالاً جداً في ثورة تونس.. كان كذلك إلي حد ما في مصر.. دوره بعد 11 فبراير أكثر وضوحاً.. قامت ثورة ليبيا بدون أن تكون لها علاقة به.. كتب محللون كثر عن العلاقة بين الثورة والشبكات الاجتماعية. ليس شرطاً أن تثور من خلال «تويتر» الذي يبث الآن مليار «تويته» لمستخدميه في الأسبوع.. لكن الشركة التي تملكه ضجت من إقبال المستخدمين العرب في الأسبوع الماضي بعد تفجر احتجاجات سوريا. قالت «ديلي تليجراف»: إن المخابرات الأمريكية لديها دخول علي الشبكات الاجتماعية.. مراقبة وتحليلاً.. قال الأمريكيون تفسيراً دون أن ينفوا الخبر: نحن نحسن صورة أمريكا.. الله أعلم بما يجري. يسود انطباع بين كثير من المستخدمين العرب.. خصوصاً المتدينين.. بأن هناك جهات استخبارية دولية تتداخل فيما بين مستخدمي تلك الشبكات.. لكن عدد هؤلاء يتزايد كل يوم. رجاء أخير: لا تعد أحرف الفقرات ورائي.. فقد فشلت في الاختبار الذي فرضته علي نفسي.. أتمني أن أحصل علي «ثواب الاجتهاد.. أو «شرف المحاولة». كما أرجو ألا تطالبني بتفاصيل أخري مما وصفته بأنه أسرار.. لم يحن الوقت بعد كي أقول ما لدي.. أو أعلن كلمتي وأكشف روايتي تفصيلياً.. لكن تأكد أنها سوف تكون موضوعية تماماً. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]