واشنطن بوست: إيران نجحت في تجاوز دفاعات إسرائيل وضربت 3 منشآت عسكرية    معاناة طارق حامد مستمرة في السعودية    إصابة طفلة سقطت من سيارة بمدينة 6 أكتوبر    تكثيف الجهود لإنهاء مشروع إحلال وتجديد مياه الشرب والصرف بأسوان    في أكتوبر.. أرخص 5 سيارات جديدة بالسوق المصري    رئيس الدلنجات يشدد على التعامل الحاسم مع مخالفات البناء وفرض هيبة الدولة    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    أماكن منافذ بيع لحوم حياة كريمة في الشرقية.. أسعار مخفضة وجودة عالية    حصاد جلسات مجلس النواب خلال انطلاق دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الثاني    "المرصد العربي" يناقش إطلاق مؤتمر سنوي وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    باحث سياسي: الاحتلال الإسرائيلي عاجز عن دخول لبنان بريا    الكرملين: بوتين لا يعتزم إجراء أية محادثات مع رئيس وكالة الطاقة الذرية    القصف وصل لمنزله.. كواليس هروب نتنياهو إلى الملجأ خوفًا من القتل (فيديو)    وزير الأوقاف والمفتي يؤديان صلاة الجمعة بالمسجد الأحمدي بطنطا    مباشر دوري السيدات - الزمالك (0)-(0) الأهلي.. فرصة خطيرة    تشكيل الأهلي والزمالك لقمة الدوري المصري للسيدات    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    الصحفيين: فتح باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي للنقابة الفرعية بالإسكندرية 7 أكتوبر    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بالغربية    وزارة الثقافة تحتفي بنصر أكتوبر على مسرح البالون    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    غدًا.. حفل ختام مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته ال 40    تامر حسني وابنه يظهران بالجلابية البيضاء: «كنا بنصلي الجمعة»    ب«إهداء 350 كتابًا».. جامعة القاهرة تبحث مع «النشر للشعب الصيني» مجالات الترجمة وتبادل الثقافات    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    سلوت: اسألوني عن عقد صلاح بعد التوقف الدولي    نائب وزير الصحة: الدولة مهتمة بتعظيم الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء    خبير: بعض اتهامات القرصنة بين أمريكا والصين غرضها «الدفاع»    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    واعظ بالأزهر: «الوسطية» منهج رباني لإصلاح أحوال الناس    عاجل.. أول رد من الأهلي على عقوبات مباراة بيراميدز.. طلب خاص لاتحاد الكرة    تراجع أسعار الحديد اليوم الجمعة 4-10-2024 بالأسواق.. كم يسجل الطن الآن؟    حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن البحر الأحمر لإنقاذ حياة المرضى    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    الاستعلام عن حالة فتاة سقطت من شرفة منزلها بأكتوبر.. وأسرتها: اختل توازنها    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    «الأوقاف» تفتتح 25 مسجدًا في عدد من المحافظات اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    الأنبا عمانوئيل يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    ارتفاع أسعار البيض اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    في مباراة مثيرة .. تعادل بورتو البرتغالي ومانشستر يونايتد 3 - 3 بالدوري الأوربي    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله كمال يكتب: مصير امن الدوله

هناك أمور وملفات عديدة سيكون لها تأثير محوري في رسم صورة (مصر التالية) للمرحلة الانتقالية. النقاشات الدائرة الآن في كل أرجاء المجتمع تؤكد أن هناك رغبة في مراجعة كل شيء.. لدرجة أن نداءات المراجعة تصل إلي حد المطالبة بحذف مؤسسات من الوجود.. وليس فقط مراجعة أوضاعها ودورها وطريقة تفاعلها في إطار معادلات المجتمع.
المطالبات المتعجلة بنسف كل ما هو منتسب إلي عهد الثلاثين عاما الماضية تتجاهل أمرين.. الأول: أن هذا القديم هو (ركائز دولة) وليس (أدوات نظام). والثاني: أن غالبية تلك المؤسسات تنتمي إلي (دولة يوليو 1952) حتي لو طرأت عليها تغييرات في غضون العصور المختلفة خلال السنوات الستين الماضية.
سوف يهدأ الصخب، وتتريث المطالبات، حتي لو أدي هذا إلي بعض الخسائر.. التي لا يعتبرها المطالبون بنسف المؤسسات كذلك. وفي لحظة ما.. ربما في غضون عام أو يزيد قليلا.. سوف تستعيد هذه المؤسسات الملومة والمنتقدة دورها.. لأنها من ركائز أي دولة حقيقية.. والدور هنا يختلف تماما عن أسلوب الأداء الذي كانت عليه في السنوات الأخيرة.
إن عملية التجديد وإعادة صياغة النظام الجمهوري لا يمكن أبدا أن تتم وفقا لمنطق تصفية الحسابات.. كما لا يمكن أن تدار من خلال مطالبات يوم الجمعة. ولابد أنه سوف يحدث تريث ما وهدوء أكيد.. يكون فيه النقاش المجتمعي الحر هو أحد أهم أدوات إعادة النظر في دور هذه المؤسسة أو تلك.. ولن يكون ذلك عن طريق التخلص منها.
في أعقاب الكارثة المدوية التي ألمت بالولايات المتحدة في عام 2001 حين وقعت هجمات سبتمبر، جرت محاسبة علنية مدوية لكافة الأجهزة الأمنية، في ضوء أنها جميعا.. خصوصا المخابرات المركزية والمباحث الفيدرالية.. قد انتكست بطريقة رهيبة هددت وجود الدولة نفسها.. وقد كانت مختلف الصحف ووسائل الإعلام توجه لوما عنيفا وحاداً لكل الأجهزة الأمنية.. ولكن هذه المناقشات لم تؤد إلي المطالبة بإلغاء المباحث الفيدرالية أو المخابرات المركزية.
إن عملية إعادة تنظيم واسعة، جرت علي مستوي الجهازين، وعلي مستوي كافة الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة، ما أدي إلي نشوء وكالة أمنية جديدة علي مستوي الأمن الوطني وظيفتها التنسيق بين كافة الوكالات الأمنية في الولايات المتحدة. وقد خاض المجتمع نقاشا واسعا حول حدود حرية الفرد وضرورة الأمن. وخرجت كل الجماعات والقوي ضد أي تقييد علي حق الناس في حفظ خصوصياتهم.. وانتهي الأمر بالإقرار العلني بذلك مجددا.. بدون أن ينفي هذا أن أجهزة الأمن أصبحت أكثر قوة.. وقدرة.. ويمكنها الآن عبر وسائل العلم أن ترصد كل ما يقوم به الناس في أي وقت.. تليفونيا وفي داخل الغرف وبما في ذلك في كافة شوارع المدن.
حين قامت ثورة يوليو 1952 كانت سمعة القلم السياسي، وهو جهاز الأمن السياسي وقتها في الحضيض، فهو الأداة التي كان يستخدمها أمن المملكة المصرية لمواجهة كل الانشطة المناوئة له. وقد تم حل هذا القلم الذي كان علي كل حال إدارة في وزارة الداخلية ولديه ارتباط وثيق بأدوات أمن الاحتلال البريطاني. ولكن هذا الحل لم يؤد إلي اختفاء الأمن السياسي، بل إن الذي جري هو أنه تم تأسيس جهاز المباحث العامة.. الذي أصبح بمضي الوقت جهاز أمن الدولة.. ومن ثم زادت اختصاصاته واتسعت.. وأصبح ركناً ركيناً في حماية البلد.. كما تم استخدامه خلال الفترات المختلفة في حماية أمن الأنظمة المتتالية.
وبينما كان من أدوار القلم السياسي مواجهة الأنشطة الخارجية، فإن الثورة أضافت إلي أجهزة الدولة أداة أخري لها دور مختلف.. ولها ضرورة حتمية.. هي جهاز المخابرات العامة.
بكل ما له من أبعاد وطنية.. تطورت علي مدار السنوات الماضية.. والجميع يذكر دور علي صبري وصلاح نصر في تأسيس الجهاز العظيم. حتي لو كان صلاح نصر قد اتهم فيما بعد بالانحراف.. وهي مسالة محل جدل تاريخي.. فإن هذا الرجل كان ولم يزل صاحب مدرسة مؤثرة وتاريخية في أمن البلد.
الملاحظ في هذا السياق ان جهاز المباحث العامة - بديل القلم السياسي - لم يتخل عن بعض المهام التي كانت موكولة للقلم السياسي قبل الثورة. ومنها إدارات انشغلت بالأنشطة الصهيونية، والدينية، والشيوعية، والعمالية، وما شابه ذلك.. وهي مسائل جوهرية في مختلف أجهزة الأمن حول العالم.. والأمثلة عديدة جدا.
والملاحظ أيضا أن التغيير الذي أحدثه الرئيس السادات فيما بعد ما سمي بثورة التصحيح، وحرقه بنفسه لشرائط التسجيلات الصوتية التي كانت تقوم بها أجهزة الأمن، صاحب حملة موسعة هاجمت ما سمي بدولة المخابرات.. وقد سبق هذا في نهاية عصر الرئيس عبدالناصر محاكمات مشهورة لقيادات في أجهزة الأمن.. لكن هذه الاجراءات لم تنف بمضي الوقت وجود أجهزة الأمن.. وتطورها وقيامها بمهام مختلفة وحيوية وأساسية من أجل حفظ أمن البلد علي مستويات عديدة.
لدي كل دولة مفهومها الخاص بالأمن القومي، وهذا المفهوم لا يمكن حمايته وتطبيقه إلا من خلال منظومة أدوات متنوعة، تشغل فيها أجهزة الأمن حيزا رئيسيا، بخلاف عناصر أخري في إدارة تلك المنظومة، وإذا كانت أساليب الأداء فيما يخص جهاز أمن الدولة في السنوات الأخيرة قد انتجت ملاحظات جوهرية لابد من الانصات إليها في النقاش المجتمعي الدائر حاليا.. فإن ذلك لا يعني أنه يمكن الاستغناء عن عمل أجهزة الأمن.
لقد اطاحت الثورة الإيرانية - والقياس مع الفارق - بكل أجهزة الأمن التي خدمت في عصر الشاه.. لكن لدي إيران الآن بعضا من أجهزة الأمن المتعددة التأثير في مختلف المجالات الداخلية والإقليمية. هذا مثال من الواجب ذكره.
ماذا يجب علينا أن نفعل؟
المناقشة يجب أن تستمر، وهي علي كل حال لا يمكن لها ابدا أن تنتهي بجرة قلم، في ضوء الملاحظات العديدة المسجلة علي أداء أجهزة الأمن خصوصا مباحث أمن الدولة. ولكن هذا لا ينفي مجموعة من الملاحظات:
لن يعود جهاز أمن الدولة كما كان. علي الاقل من حيث الاسم والتكوين الإداري. إن لدي الكثيرين من العاملين فيه ملاحظات جوهرية علي طريقة أدائه. وهو يحتاج تنظيما وتدريبا وتمويلا وعملا علميا يتيح له حماية أمن البلد في ذات الوقت الذي يحافظ فيه علي قيم حقوق الإنسان ومراعاة حقوق الافراد.
لن يتم هذا بين يوم وليلة. والهجوم الذي يتم حاليا علي الجهاز لأسباب مختلفة لا ينفي ضرورته.. وحتي لو جاء رئيس إلي مصر وفي صدارة برنامجه أن يتم إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة.. فإن عليه بالضرورة أن يؤسس لجهاز أو أداة أخري واجبها ومهمتها حماية أمن الدولة.. أو الأمن الوطني.. أو الأمن الداخلي.. وإلا فعن أي أمن قومي سوف يدافع وبأي أدوات.
حتي لو كان هناك من يقول إن جهاز أمن الدولة يجب أن يكون واجبه فقط حماية مصر من الإرهاب. فإن هذا كلام رومانسي حالم.. لأنه ببساطة يغفل أن مكافحة الإرهاب تعني ان يكون اهتمامه بمصادره الفكرية.. وهي الآن دينية في الأغلب.. وأن هناك أدواراً مهمة يقوم بها جهاز الامن علي المستوي الاقتصادي منها مثلا جريمة غسيل الأموال التي لها علاقة بالجريمة المنظمة دوليا ومصر مرتبطة باتفاقات دولية محددة في هذا السياق ناهيك عن أمور أخري كثيرة.
المسألة التي يجب أن تخضع للتمحيص هي دور الجهاز الأمني بعد تطويره في الحياة السياسية وتفاعلات الديموقراطية. وتلك سوف تحددها قواعد التفاعل الديموقراطي.. وأسس المعادلات الجديدة. ومن المسلم به أن جهاز أمن الدولة أيا ما كان اسمه الجديد لن يكون مطلوبا منه أن يتدخل للقيام بدور سياسي حين تكون هناك أحزاب تتفاعل وتقوم بما عليها في إطار القانون. وعبارة (في إطار القانون) هذه تستوجب أن تكون هناك أداة أمنية تتأكد من أن الجميع يلتزم بالقانون فعلا. سواء كانت في أمن الدولة أو غيره.
www.abkamal.net - [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.