بكلمات صادقة ومفردات متناسقة دائما ما يحادثني الدكتور حاتم الشريف ذلك المثقف العربي العروبي الذي لم يأخذ حقه علي المستوي العربي بالشكل الذي يستحقه، ابن الخليل الذي عاش في بلاد الشام وبلاد الخليج سنوات وسنوات كلها مرت بحلاوتها ومرارتها لكن لم يبق في قلبه وعقله سوي مصر.. فترة من عمره عاشها في مصر المحروسة حفرت في قلبه وعقله ذكريات وذكريات جعلته يرتبط بمصر ارتباطا لا يمكنني وصفه علي وجه الدقة، إنه عاشق لكل حبة تراب في أرض الكنانة، شرب من نيلها وتنفس من هوائها واستلهم من مخزون حضارتها ما جعله يقرأ شخصيتها بعناية ودقة كما جمال حمدان، يعيش في مدينة عمان وفي منزل يعد قبلة للمفكرين والمثقفين وأصحاب الرؤي والآراء، دائما ما تكون مصر حاضرة في جميع جلساته ولقاءاته وطرفا مشتركا في جميع أحلامه وطموحاته وأمنياته، يحلم بوطن عربي كبير ينعم بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، يحلم بسيادة العلم والعمل والمساواة، كثيرا ما تحادثنا وكثيرا ما حلمنا وكثيرا ما جمعتنا طموحات وأمنيات رغم قلة لقاءاتنا وجها لوجه، بيد أني اسهبت في مقدمتي لكني أحاول أن اشرك قارئي الحبيب وأقربه من هذه الشخصية العربية الرائعة، اتصل بي كثيرا خلال الظروف الراهنة التي تمر بها مصر وكان كلما هاتفني باغتني بهذه العبارة التي وضعتها عنوانا لهذا المقال "طمني علي مصر" اشعر بقلبه يخفق حبا واحتراما لأرض الكنانة، في آخر مكالمة قال لي أتدري فيما أفكر الآن.. واستطرد قائلا.. أفكر في وحدة عربية حقيقية، وحدة تتحقق برغبات الشعوب لا برغبات وأهواء الحكام، أحلم بوحدة تبدأ فورا وتجمع كلا من مصر وتونس كمرحلة أولي ثم تستكمل رويدا رويدا بانضمام دولة دولة، حيث توقع أن تنضم ليبيا ثم اليمن وهكذا، فكل دولة تستطيع أن تختار حاكمها اختيارا حرا مباشرا تستطيع أن تقبل التحدي وتدخل في مشروع وحدوي حقيقي تصنعه الشعوب بإرادتها بعيدا عن أهواء الحكام، بيد أن نجاح الثورة المصرية قد فتح شهية الجميع الي أن طاقة الأحلام والطموحات يمكن أن تنفتح علي مصراعيها دون تخوف أو حرج، بالفعل إذا أرادت مصر أراد كل العرب، وإذا انتفضت مصر انتفض كل العرب، وإذا قررت مصر وافق كل العرب، لكن مصر هذه المرة هي مصر الأرض.. مصر الشعب.. مصر الحضارة.. مصر الثورة، مصر التي الهمت العالم كل معاني الحضارة والرقي والنبل، إننا نعيش لحظات تاريخية فارقة، انتصرت فيها ارادة الشعوب علي ارادة الحكام، وبدأت رياح الحرية تهب علي المنطقة بشكل بات مثيرا وعجيبا، وكما يري الدكتور حاتم الشريف فإن الظروف الحالية قد تكون مهيأة لقيام مصر بدورها الرائد في جمع كافة العرب الأحرار في بوتقة واحدة بأحلام وطموحات جديدة وبقوة ثورية غير مسبوقة.. يقول الرجل علي أنقاض الجامعة العربية الحالية يجب أن تشرق شمس جديدة بروح جديدة وبرؤي جديدة مستلهمة كل مبادئ الثورة المصرية الرائعة ومدفوعة بتلك القوة الكامنة في الشخصية العربية، بيد أن الأمة العربية علي موعد مع حضارة جديدة قائمة علي قواعد الحرية التي بناها الثوار الشباب والتف حولها الجميع.