في عالم الأدب الكلمة هي الحكم، بصرف النظر عن كاتبها، فالإبداع يخرج من صاحبه إلي الورق مباشرة، بصرف النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه، ولكن الغريب في الأمر هي تلك الدراسة التي قامت بها الحملة الأمريكية "فيدا"، لتكشف اختلالا مريعا في التوازن بين الجنسين في عالم النقد والإبداع، وتؤكد الدراسة أن الكتاب الذكور لهم الهيمنة شبه الكاملة علي سوق الكتاب في بريطانيا وأمريكا. اختلال التوازن بين الكتاب الرجال والنساء قد أصاب قلب المؤسسة الأدبية البريطانية والأمريكية، هكذا تقول الدراسة التي أكدت أن المجلات الأدبية الرائدة تركز تغطياتها وعروضها علي الكتب التي كتبها رجال، كما أنها تستكتب رجالاً أكثر مما تستكتب نساء. الإحصاءات التي أعدتها بها "فيدا" وهي منظمة أمريكية للمرأة في الأدب والفن، وجدت هذا الاختلال في المعالجة والعرض في كل المنشورات الأدبية العريقة بما فيها "عرض لندن للكتب"، "الملحق الأدبي للتايمز"، و"عرض نيويورك للكتب"، وقد أظهرت مجلة عرض كتب لندن أنها عرضت 68 كتاب لسيدات، مقابل 195 كتاباً رجال، في 2010،ما يعني أن الرجال يحظون ب74% من الاهتمام، و78% من الكتب المعروضة كتبها رجال، أما في الملحق الأدبي للتايمز فقد كان 75% من الكتب المعروضة فيها كتبها رجال، و72% ممن قاموا بعرضها رجال. في مجلة "جرانتا" التي لا تعرض كتب وإنما تقدم مساهمات أصلية من الكتاب وجد أنها قدمت كتابات ل26 كاتبة مقابل 49 كاتباً في 2010، أي أن الرجال مثلوا 65% من إجمالي الكتابات. في الولاياتالمتحدةالأمريكية أظهرت "عرض نيويورك للكتب" تحيزا أكبر للرجال، فمن بين المؤلفين الذين عرضت المطبوعة أعمالهم 83% رجال(306 كتاب رجال، مقابل 59 كاتبة امرأة )، وينطبق التحيز نفسه فيمن قاموا بعمل العروض للكتب،وعددهم 200 رجل مقابل 39 امرأة، أما صفحة الكتب في صحيفة النيويورك تايمز فقد شهدت أوضاعا أفضل من حيث المحررين الذين قاموا بالعرض وكانوا 60% فقط رجال،كذلك استعانوا بمؤلفين رجال نسبتهم 65% فقط. "الحقيقة أن هذه الأرقام لا تكذب" هكذا قالت الدراسة التي تساءلت خلالها منظم فيدا: إن كنا نعلم أن النساء تكتب، وتقرأ، ولكن السؤال هو لماذا لا تعكس الإحصاءات والأرقام عام 2010 هذه الحقائق بإنصاف؟ وتعليقا علي تلك الدراسة استعانت صفحة الأدب في صحيفة الجارديان بجون فريمان رئيس تحرير مجلة "جرانتا" ليقول رأيه بشأن تلك الدراسة فأكد أنه قلق من ذاك الاختلال النوعي بشدة، ولفت إلي أدوار عظيمة لكاتبات نساء مثل فيرجينا وولف، ومارغريت أوتوود، أعرب أنهن ساهمن في تنمية تذوقه الأدبي الخاص. وأكمل: رغم أهمية تلك الأرقام والرسوم البيانية، إلا أنني لاي أميل إلي نظرية المؤامرة والسؤال الأهم. الذي يجب أن نسأله ليس هو : لماذا هناك اختلال، ولكن علينا أن نسأل: هل يؤثر الجنس في انطباعنا عن القص؟، فكثيرا ما كنت في لجان جوائز معظم من فيها نساء، وتديرها نساء، ولكنهن كن يعطين أصواتهن لكتاب رجال، والأهم ممن جنس من يكتب هو نوعية ما يتم كتابته ومدي جودته. يبدو أن النتيجة لن تختلف كثيرا إن تم تطبيق هذه الدراسة هنا في البلدان العربية حيث لم تزل السيطرة شبه الكاملة للذكور علي سوق النشر والكتابة والنقد والإبداع.