بعد تساؤلاته حول «لماذا يصفّق المصريون؟»، وماهية «استراتيجيات الإقناع والتأثير فى الخطاب السياسي»، وأشكال «البلاغة والتواصل عبر الثقافات» أصدر الدكتور عماد عبداللطيف كتابه الرابع « بلاغة الحرية .. معارك الخطاب السياسى فى زمن الثورة» عن دار التنوير اللبنانية، الذى يقدم من خلاله تحليلا عميقا للخطابات الثلاثة الكبرى التى استحدثتها الثورة على ساحة التواصل السياسى عبر ثلاثة أقسام الأول هو «خطاب الميادين» الاحتجاجى والثورى الذى شكلته المسيرات والهتافات والتغريدات العديدة على التويتر والرسائل العديدة على صفحات الفيس بوك، كذلك اللافتات والمليونيات متناولا عددا كبيرا من النصوص المؤثرة فى مسار الثورة المصرية، تشمل لافتات الميدان وهتافاته ونكاته وأغانيه وتسمياته، والثانى هو «خطاب الشاشات» الذى حاول إجهاض الثورة وتحجيم تأثيرها مستعينا بخطب مبارك ومرسى وبيانات المجلس العسكري، كما يحلل تغطية التلفزيون المصرى لأحداث الثورة على مدار الفترة الانتقالية، أما النوع الثالث فهو «خطاب الصناديق» الدعائى الحشدي، الذى كانت الغلبة فيه للقوى الإسلامية على حساب العديد من القوى الثورية، والذى خصصه لدراسة خطاب الدعاية الانتخابية فى الانتخابات النيابية والرئاسية التى شهدتها مصر بعد الثورة، محللاً بالتفصيل أساليب الإقناع والتأثير التى استخدمها المرشحون لحصد أصوات الناخبين. تشكل الخطابات الثلاث التى تناولها عبداللطيف وأفرد لها أقسام كتابه فصول المسرح السياسى الذى غيرت أحداثه ثورة «25 يناير»، الذى صور مصر كما يظهر بغلاف الكتاب الذى رسمه رسام الكاريكاتير كارلوس لاتوف بصورة امرأة جالسة تحمل شعلة الحرية ملتف حولها عدد من الفنانين الذين يمثل كل منهم توجها سياسيا معينا، يظهر بلوحته التى يرسمها لتكون مصر منتقبة فى لوحة وكرسى السلطة والحكم فى أخرى وفتاة عذراء عصرية ومبهرة فى لوحة أخرى. اصطلح عبداللطيف مصطلح «بلاغة الاستبعاد» وهو ما كان مزدهرا فى فترة الرؤساء الآلهة مثل معمر القذافى وحسنى مبارك وزين العابدين بن على وعلى عبد الله صالح، ثم يقدم مدخلا تاريخيًا إلى دراسة الخطب السياسية لمبارك على مدار سنوات حكمه. يقدم الفصل الأول من القسم الثانى تحليلا تفصيليا لخطب مبارك الثلاث التى ألقاها فى الفترة من 28 يناير 2010 إلى 10 فبراير 2011، مركزا على إجابة تساؤل حول قدرة الخطب الرئاسية على إجهاض الثورات والآليات الخطابية لتحقيق ذلك، كما تعرض لمحاولة التليفزيون الرسمى وأد الثورة فى مهدها باستخدامه عددا من الأساليب الخطابية المختلفة، منها طرق تمثيل ميادين الثورة خاصة ميدان التحرير، كذلك تغطيته لأحداث الاحتجاج الشعبى العارم عقب تبرئة مساعدى العادلى ونجلى المخلوع فى أوائل مايو 2012، كما تناول دور الإذاعات الحكومية فى تشويه الثورة، متخذا من إذاعة القرآن الكريم نموذجا. أما فى الجزء الذى خصصه ل«خطاب الصناديق» استعرض عبداللطيف قضية الاستغلال السياسى للخطاب الدينى بعد الثورة، كما استعرض وبالتفصيل الخطاب السياسى لمرشحى الرئاسة المصرية، وحروب الكلام التى نشأت بينهم سواء فى شكل مناظرات رئاسية أو فى شكل حروب كلامية ملتهبة، وملامح الخطاب السياسى لأول رئيس منتخب، يختتم الكتاب بإيجاز أهم النتائج التى يمكن أن استخلاصها من دراسة الخطاب السياسى فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر المعاصر.