"أرفض طرح عنوان (الشخصية القبطية في الأدب)، لأنه بالمقابل يفترض دراسة (الشخصية المسلمة في الأدب)، وبذلك نخضع الأدب لمقاييس دينية بحتة"... هكذا افتتحت الروائية سلوي بكر الندوة التي نظمتها ورشة الزيتون تحت عنوان "صورة القبطي في الأدب المصري". أضافت بكر: أفضل مصطلح "العالم القبطي في الأدب" لأن ذلك يسمح برؤية هذا العالم من زوايا متباينة، وكيف يري الكاتب هذا العالم وكيف يجسده ويصوره، وهذا مفيد للقارئ، لأن الشخصية ستكون جزءا من هذا العالم والجذر الأساسي في الشخصية القبطية هو شعور الأقلية وهو شعور تم تجذيره تاريخيا منذ الفتح الإسلامي لمصر عندما تم التعامل مع الأقباط باعتبارهم ذميين ويدفعون الجزية والضرائب، وكان الأقباط يرتدون ملابس معينة مثل الزنار الأصفر والنساء يلبسن مركوب بلون خاص، ويمنع الأقباط من ركوب الخيول ويسمح لهم بركوب البغال فقط. وتحدثت بكر عن روايتها "أدماتيوس الألماسي" التي تهدف الي إبراز هذا العالم الذي لا نعرف عنه شيئا وفكرة الوضوء نابعة من الكنيسة أي الاغتسال المنقولة عن جماعة يوجنا المعمدان وديانات ما قبل المسيحية وتكشف الرواية ان الكنيسة القبطية هي التي أدخلت العالم كله مرحلة العصور الوسطي المظلمة وهي المسؤلة عن انقطاع التواصل مع العلوم والمعارف الانسانية القديمة وحاربت الفلسفة والعلوم الطبيعية. وقال الشاعر شعبان يوسف إن الثقافة القبطية متغلغلة في نسيج الثقافة المصرية منذ القدم وحتي اليوم ما زال الفلاحون يستخدمون التقويم القبطي في تحديد مواعيد الزراعة والري والحصاد وحذر شعبان يوسف من ظهور شخصية اليهودي في الروايات كما في رواية "سانت تيريزا" لبهاء عبد المجيد حيث انتصر المؤلف لليهودي علي حساب المسلم والمسيح ولذلك لم أتعاطف مع هذه الرواية. وقالت الناقدة هويدا صالح إن تنامي ظاهرة الطائفية هو مخطط أمريكي أعلنت عنه كوندايزا رايس من قبل لتقسيم البلاد العربية والإسلامية إلي دويلات عرقية تلعب فيها إسرائيل دور السيد وهناك ردة أصولية في المجتمع بهدف إضعاف سلطة الدولة بفضل الاتجاه الوهابي الذي صنع حدودا صارمة بين الإسلام والمسيحية. وذكرت صالح عددا من الروايات التي تناولت العلاقة بين المسلمين والإقباط بنوع من الموضوعية مثل: "حافة الليل" لأمين ريان، و"شارع بسادة لسيد الوكيل، و"61 شارع عز الدين" لسعيد نوح، و"وديع والقديسة هيلانة" لغالب هلسا، فهذه الروايات قدمت تفاصيل المجتمع المصري فقط وعلي الكتاب أن يكتبوا كتابة حقيقية ولا يغازلوا الغرب بكتاباتهم من أجل الترجمة، فالرواية هي التاريخ الحقيقي للشعوب كما قال إدوارد سعيد. وتحدث الروائي عمرو علي عن روايته "إغواء يوسف" فقال: لقد اجتهدت في ضبط الايقاع بين المسلم والمسيحي فالبطولة يتقاسمها "مرشدي" المسلم، و"تادرس" المسيحي، وكل منهما لديه إشكالية وجودية في الدين وأسئلة تبحث عن إجابات، ولكن في النهاية يكتشفان أن هناك قواسم وجذورًا مشتركة في الديانتين تسمح بالتعايش التام بينهما. وقال الكاتب سامح سامي إن روايات نجيب محفوظ ويوسف إدريس تظهر فيها شخصية القبطي بدون ملامح شخصية تفرقه عن المسلم باستثناء الاسم وإشارة الصليب والذهاب للكنيسة، فالمسيحي يتميز بالدقة في العمل والأمانة كما بينه يوسف إدريس في رواية "الحرام"، لكن بعد محفوظ وإدريس ظهر التباين في روايات: "البشموري" لسلوي بكر، و"بنت من شبرا" لفتحي غانم، و"الله محبة" لإحسان عبد القدوس، بالإضافة للروايات التي تناولت الصداقة بين المسلم والمسيحي مثل: "لا أحد ينام في الإسكندرية" لإبراهيم عبد المجيد ، و"مزاج التماسيح"، و"بيضة النعامة" لرءوف مسعد.