أنهت معظم المدن الأمريكية أمس 22 شهرا من السباق الرئاسى الذى بلغت تكاليفه مليار ونصف مليار دولار، وهو رقم قياسى فى تاريخ تكلفة حملات الانتخابات الرئاسية لاختيار الرئيس رقم 45 فى تاريخ الولاياتالمتحدة. شهد السباق مهرجانات انتخابية ومناظرات داخلية فى الأحزاب تلتها أربع مناظرات بين المرشحين الرئاسيين ونائبيهما، فضلا عن مئات الإعلانات الانتخابية التى غطت معظم شبكات التليفزيون والراديو ومواقع الانترنت فى عموم البلاد.
واشنطن هى أكثر الولايات ولاء للديمقراطيين، والوحيدة التى صوتت ضد الرئيس الجمهورى الراحل «رونالد ريجان» عندما فاز ب 49 ولاية أمريكية فى انتخابات العام 1984.
أوهايو ولاية ريادية محورية وتعتبر الفيصل فى نجاح أى رئيس أمريكى منذ عام 1944 ، حصل فيها أوباما على 50 ٪ مقابل 46٪ لرومنى فى استطلاعات الرأي.
أما ولاية الأريزونا التى يسيطر عليها الجمهوريون والتى ذهبت أغلبية أصواتها عام 2008 لجون ماكين من غير المتوقع أن تسير على نفس النهج وتؤيد رومنى الجمهورى ، أما لو أعطت لأوباما سيكون ثانى ديمقراطى يفوز بها منذ 1948.
ولاية فرجينيا ذو توجه ديمقراطى أعطت 48٪ لاوباما مقابل 46٪ لرومنى فى استطلاعات الرأي. أما فلوريدا أكثر الولايات المتأرجحة وتم إعادة فرز الانتخابات بها عام 2000 بعد مشاحنات قضائية انتهت بحكم قضائى بفوز جورج دبليو بوش ، تقدم فيها رومنى ب48٪ مقابل 47٪ لأوباما.
وفى السياق نفسه ، كشف استطلاع للرأى صادر عن مركز «بيو» الأكثر جدية والمحايد حزبيا تقدم أوباما ب 50 % مقابل 47 % لرومني.
وأشار الاستطلاع إلى تخوف مسئولى حملة أوباما وشعورهم بالقلق إذ أكدت الاستطلاعات أن 92 % من الجمهوريين ينوون الاقتراع ، مقابل 86 % من الديمقراطيين، وهو ما يتوافق مع قول الخبراء فى وقت سابق أن القاعدة الشعبية الجمهورية أكثر حماسة من نظيرتها الديمقراطية.
وكشف الاستطلاع عن أن رومنى هو المرشح المفضل بين البيض وكبار السن والمسيحيين البروتستانت، بينما يفضل النساء وصغار السن وغير البيض أوباما ليكون مرشحهم الرئاسي.
وقبل ساعات من بدء عمليات فرز الأصوات ، توقع عزرا كلاين الكاتب الصحفى والمحلل السياسى بصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فوز أوباما الساحق على منافسه الشرس رومنى بفارق 290 صوتا انتخابيا.
فيما تنبأ الساحر الكينى المحلى «جون ديمو» أن أوباما سيفوز فى الانتخابات بفارق كبير لولاية ثانية فى البيت الأبيض.
بالتزامن مع بدء التصويت فى الانتخابات الأهم على مستوى العالم ، حفلت وسائل الإعلام العالمية بآراء محللين حول تداعيات نتائج الانتخابات وتأثيرها على العلاقات السياسية الأمريكية العالمية.
فى تركيا ، أكد الكاتب الصحفى التركى سولى أوزل عضو الهيئة التدريسية فى جامعة (قادر هاس) على أن فوز رومنى سيؤثر سلبا على تركيا والعالم لفلسفة سياسته الاقتصادية، مضيفا أن فوز الديمقراطيين سيحقق نتائج إيجابية بالنسبة لتركيا لأن الإدارة الحالية برئاسة أوباما تتعاون مع تركيا فى جميع المجالات وفى مقدمتها السياسة الخارجية إضافة إلى استخدامها سياسة متوازنة مع تركيا فى إعادة بناء الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الاوسط.
فيما أكد أكيم البتكين رئيس جمعية رجال الأعمال التركية الأمريكية على وجود علاقة وطيدة واستشارات سياسية متواصلة بين أردوغان وأوباما وأن وصول رومنى قد يضعف العلاقات التركية الأمريكية لكنه شدد على أن نتائج الانتخابات أيا كانت لن تؤثر على العلاقات التركية الأمريكية.
أما اسرائيل، يترقب كبار المسئولين السياسيين فى إسرائيل نتائج الإنتخابات نظرا لأن هوية الرئيس الأمريكى القادم ستؤثر على الانتخابات الإسرائيلية وعلى مستقبل العديد من الملفات .
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو»، الذى يؤيد المرشح «رومني»، يخشى من فوز الرئيس الحالى «باراك أوباما» مجددا، حيث يخشى من الانتقام منه بسبب الخلافات فى المواقف السياسية بين البلدين فى ظل إدارته.
وفى باكستان، توقع أمريكيون بارزون من أصل باكستانى عدم حدوث تغيير كبير فى السياسة الأمريكية بشكل عام سواء بفوز المرشح الديمقراطى باراك أوباما أو الجمهورى ميت رومنى.
وعلى خلفية العلاقات الباكستانيةالأمريكية المستدامة، يرى ناشطون سياسيون أن الديمقراطية ستزدهر فى باكستان إذا فاز أوباما، حيث إن الإدارات الأمريكية الجمهورية من واقع التاريخ كانت تدعم الحكام الدكتاتوريين العسكريين.
من جهتها ، تساءلت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية هل سيعطى الناخب الأمريكى فرصة ثانية لأول رئيس أمريكى من أصول أفريقية خلال السنوات الأربع القادمة لاعتلاء عرش البيت الأبيض لتحقيق الطموحات التى كان قد وعد بها فى الانتخابات الأمريكية عام 2008 ولكن لم يتمكن من تحقيقها خلال السنوات الأربع الماضية أم أن الناخب الأمريكى قد سئم تجربة أوباما نحو التغيير ويرغب فى اختيار رجل الأعمال السابق والملياردير ميت رومني؟.
وبغض النظر عن نتائج الليلة، فإن العديد من التكهنات ترجح أن تكون وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، التى لاقى أداؤها فى الوزارة استحسانا كبيرا لدى الأمريكيين، مرشحة الحزب الديمقراطى للرئاسة عام 2016، حيث ستبلغ التاسعة والستين من عمرها فى الدورة الانتخابية المقبلة.
ومع أن خليفة الرئيس فى الترشح عادة ما يكون نائبه، إلا أن الخبراء استبعدوا أن يقوم جو بيدن بترشيح نفسه فى العام 2016 لأنه سيكون أصبح فى الرابعة والسبعين، وهو أمر من الصعب تجاهله أو تسويقه شعبيا.
أما الجمهوريون ، فقد سطع نجم عضو الكونجرس بول رايان المرشح لمنصب نائب الرئيس رومنى ، فهذا السياسى البالغ من العمر 42 عاما مازال فى أول الطريق، ومستقبله السياسى سيشهد ترشحه إلى منصب الرئاسة، ربما فى العام 2016، إن خسر السباق هو ورومنى الليلة.
رؤية أوباما لواشنطن: التغيير هو أن نطوى صفحة عقود من الحرب ونسد ديوننا
أشار الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى حديث الى شبكة «CNN» تناول فيه رؤيته المستقبلية لأمريكا حال انتخابه لولاية ثانية مشيراً الى ان «التغيير بأمريكا هو أن نطوى صفحة عقود من الحرب لنقوم ببناء الأمة من الداخل. طالما أنا القائد العام للقوات المسلحة، سوف نلاحق أعداءنا بأقوى جيش فى العالم. لكن حان الوقت لاستخدام مدخرات إنهاء حربى العراق وأفغانستان لسداد ديوننا وإعادة بناء أمريكا، إعادة بناء طرقنا والجسور والمدارس».