أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية «بنيامين نتانياهو» عن تشكيل حكومة وحدة وطنية مع رئيس حزب «كاديما» بزعامة «شاؤول موفاز»، في خطوة مفاجئة وغريبة في توقيتها، ففي الوقت الذي أجمع فيه جميع المحللين الإسرائيلين أن نية «نتانياهو» ستخرج في انتخابات مبكرة لكسر حدة الانتقادات التي يلقاها من المعارضة الإسرائيلية، أعلن عن قيام حكومة وحدة جديدة مع رئيس الأركان الأسبق الجنرال «شاؤول موفاز»، وهو ما طرح سؤالاً مهماً: لماذا يلجأ «نتانياهو» لحكومة وحدة وطنية مع زعيم حزب حديث العهد بعالم السياسة، ليس لديه أي تدرج في المناصب السياسية أو المدنية أو حتي الإدارية، بالرغم من شغله منصب وزير الدفاع في إسرائيل إلا أن هذا المنصب ليس سياسيا بحتا كما هو الحال في دول العالم الغربي، فالإحتمال الذي يمكن أن يكون قريباً هو أن نتانياهو قد شكل «ائتلاف حرب» استعدادا لخوض معركة قادمة ، «متي» و«ضد من» لم يقرر بعد. تعيين «موفاز» مؤخرا نائبا لرئيس حكومة الوحدة ليس بالأمر الاعتيادي، خاصة أن موفاز قد وصف سلفا نتانياهو ب«الكاذب المتمرن» وهو ما يؤكد أن هذا التغيير علي الساحة الإسرائيلية نتاج للربيع العربي، وهل تستعد إسرائيل لخوض حرب ضروس قد تضطر لخوضها في ظل تصاعد نغمات العداء في المنطقة ضدها مع سقوط أنظمة اتسمت بالقمعية داخليا لكنها اتستمت بالاستقرار الخارجي. فمنذ بدء الثورة العربية ووصولها إلي مصر بدأ القلق يدب في قلوب الإسرائيليين، وتغيرت الكثير من الثوابت لدي ساسة تل أبيب، وبدي الموقف للكثير أشبه بسماع طبول الحرب، ودعا الكثير من الإسرائيليين بإتخاذ الخطوة الأولي، فمنهم من دعا بضرورة عودة احتلال سيناء مرة أخري جراء الهجمات المستمرة علي الحدود ومهاجمة خط الغاز وإطلاق صواريخ صوب إيلات، وآخر يمثل عضو الكنيست «ميخائيل بن آري» الذي دعا لاعتبار مصر بأنها تمثل كياناً إرهابياً وليس كياناً سياسياً مطالبا بضرورة الرد علي القاهرة إزاء مواقفها من الوضع الأمني في سيناء – وبرز هذا الاتهام في أعقاب إلغاء إتفاقية الغاز مع إسرائيل. يضاف إلي ذلك التحضيرات العسكرية العلنية للقوات الإسرائيلية علي الحدود مع مصر، بدءا من ما كشفت عنه الصحف عن وجود قاعدة استخباراتية كبري لإسرائيل جنوبا في صحراء النقب، للتنصت واعتراض الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وهي القاعدة الأكبر من نوعها، والأحدث أيضا ،في منطقة الشرق الأوسط، وزعم موقع الجيش الإسرائيلي «يسرائيل ديفنس» أن الدوافع وراء بناء تلك القاعدة الاستخباراتية هو حصول حماس علي أنظمة اتصالات صينية متقدمة من إيران، أيضا من أجل رصد مهربي الأسلحة والجماعات الإرهابية التي تعمل في سيناء دون رقيب – علي حد وصف التقرير، وتهريب الأسلحة لقطاع غزة، وجاء في نفس التقرير أن إسرائيل تولي الحدود المصرية الإسرائيلية اهتماما كبيرا لتأمينها وحمايتها . وهو ما يوضح أيضا إمكانية تتبع التحركات العسكرية للجيش المصري في سيناء وربما لما هو أبعد منها، فالأوضاع تغيرت بكل المقاييس بعد الثورة. وأكد التقرير ذاته أن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قد وسعت في الآونة الأخيرة من أنشطة مراقبة الحدود المصرية. سبق تلك الخطوات قيام القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي استبدال وحدات تأمين وحراسة الحدود المصرية بقوات من لواء جولاني، الذي يعد أقوي وحدات الجيش الإسرائيلي، عن الوحدات التي كانت تقوم بتأمينه وحدات حرس الحدود التابعة للشرطة وقوات من الاحتياط. نقطة أخري يمكن أن نربطها بالأحداث، حيث شهدت القوات الجوية الإسرائيلية تعيين قائد جديد لها هو اللواء «أمير اشيل»، الأمر طبيعي، لكن كون «اشيل» مبعوثا خاصا من الحكومة الإسرائيلية للقاهرة في أوقات عصيبة ليس بالطبيعي، ف«اشيل» كان مبعوثا لنتانياهو للقاهرة في الأوقات الحرجة التي عانتها إسرائيل منذ إندلاع الثورة المصرية، فقد وصل «اشيل» للقاهرة عقب تهديدات رئيس الحكومة السابق «عصام شرف» بسحب السفير المصري من تل أبيب أعقاب حادثة إطلاق النار علي الحدود المصرية الإسرائيلية والتي أسفرت عن سقوط قتلي من الجانب المصري . حيث وصل القاهرة وأجري محادثات مع مسئولين أمنيين وعاد لتل أبيب في نفس اليوم، «اشيل» الذي لمع نجمه خلال قيادة العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة.