تحدث الكاتب والروائي محمد المنسي قنديل في الجزء الثاني من حواره ل"روزاليوسف"، عن توقعاته بشأن مستقبل الرواية، وعلاقتها بالسينما، ومدي ما يمكن أن تسهم به التكنولوجيا في تطوير الرواية، كما تحدث عن رأيه في إقحام الجنس والسياسة في الإبداع. كيف تري علاقة الرواية بالسينما؟ وهل تعتقد أنها يمكن أن تقضي علي الرواية؟ - الرواية ببساطة هي واحدة من أشكال عديدة لرواية القصص، مثل القصة القصيرة والأفلام والمسرحيات، هل هي الوسيلة المثلي لرواية القصص، وكل شكل من الأشكال السابقة لها نقاط القوة والضعف، ربما يكون السبب المهم هو أن إنتاج الرواية أرخص كثيرا من إنتاج الأفلام، وربما لأن هناك بعض الحمقي من أمثالنا مازالوا يعتقدون أن إنتاج رواية جيدة هي أفضل بكثير من إنتاج أي فيلم مهما كانت جودته، ولكن من المؤكد أننا لم نستفد من الكومبيوتر كما استفاد صناع الأفلام. كيف تري الأوساط الأدبية الغربية مستقبل الرواية الورقية؟ - يتنبأ البعض أنه من المحتم علي الرواية أن تنتقل من الورق إلي سطح الكومبيوتر، ولحظتها سيتغير شكلها التقليدي، فعن طريق الوسائط المتعددة "الهايبرميديا"، يمكن خلط النص الروائي بمقاطع من الأفلام، أو الموسيقي أو أي مادة مصورة أخري، ويمكن للقارئ أن يتحكم في ذلك بحيث يكون لكل واحد كتابه الخاص به، وربما تكون الخطوة التالية هي خلق الكتاب التفاعلي، بحيث تصبح شخصية القارئ جزءا من الحدث، تماما كما يحدث في الألعاب التفاعلية التي توجد علي الكومبيوتر الآن. وما الذي يمكن أن يتحقق من كل ذلك قريبا؟ - كل ما فات أعتبره خطوات بعيدة بعض الشيء، ولكن الشيء الذي أراه قريبا ومنطقيا، هو الرواية الجماعية التي يتفاعل فيها أكثر من مؤلف علي شاشة الكومبيوتر، فلكل مؤلف نقاط قوته، هناك مؤلف قوي في خلق الأجواء الخاصة بالرواية، ومؤلف بارع في رسم الشخصيات، وثالث له القدرة علي صياغة الحكاية والعقدة وآخر ماهر في صياغة الحوار، ماذا لو اجتمعت كل هذه الخبرات في عمل واحد بحيث يعطي كل أفضل ما عنده ويتيح الكومبيوتر من خلال إمكانياته المفتوحة الوسيلة لذلك، أعتقد أن رواية المستقبل سوف تسعي قريبا في هذا الاتجاه. حيث يمكن للكومبيوتر أن يزودنا بأشكال جديدة تزيد من قوة الشكل الروائي وتقلل من ضعفه، لكن حتي الآن يتعامل الكتاب مع الكمبيوتر كأداة كتابة فقط. هل تري أن هذه التكنولوجيا ستفيد أم ستضر الرواية؟ - إذا استفادت الرواية منها في تطوير شكلها، فسيمكن أن تصل لمرتبة تنافس السينما، التي تنافسها في حكي القصص، فكما يستخدم السينمائيون الكمبيوتر في العتبير عن عوالم خيالية وخارقة، لا تستطيع الكلمات أن تصفها، فالرواية أيضا يمكن أن تفتح لنفسها آفاقا جديدة باستخدام التقنيات الحديثة، كالصوت والصورة المتحركة، سيكون لها تأثير كبير في القصة التي تروي. هذا عن التنبؤات ماذا عن الواقع؟ - حدث تغير حديث حيث تخلق شكلاً جديدًا من أشكال الرواية أصبح واسع الانتشار، ففي مدينة مونتريال -التي أقيم فيها- هناك قراء نهمون، لا يكفون عطار القراءة حتي في المواصلات العامة، وهم يقرءون أنواع الكتب تقريبا، ولكن أكثرها انتشارا بين الشباب هي القصص المصورة، أو الكوميك، فبالنسبة لسكان المدن المعاصرين فإن قراءة الروايات البالغة الطول تعتبر نوعا من الترف، لذلك فالرواية المرسومة تجعل القراء الشاب يمتص قدرا كبيرا من المعلومات في وقت قصير، فالكلمة تمتزج مع الصورة، وكما يقال فالصورة تساوي ألف كلمة، ولعل هذا يفسر انتشار الروايات المرسومة بين الشباب، هذا ليس لأنهم لم ينضجوا بعد، ولكن لأنهم ببساطة مشغولون ولا يسمح وقتهم بقراءة الروايات التقليدية. هل تتعاطي مع الرواية المصورة؟ - نعم لكن ليس جيل الشباب. ما ملاحظاتك النقدية عليها؟ - معظمها تدور حول شخصية واحدة، هو السوبر هيرو، تلك الشخصية التي تأخذ أسماء عديدة وأشكالاً مختلفة، ولكنها في جوهرها تمثل نموذجا واحدا، هو ذلك البطل الذي يمتلك قوة خارقة تمكنه من إنقاذ العالم من الدمار، وقد ارتبط هذا النموذج مع روايات الكوميك منذ مولدها عندما كان يتم إنتاجها في هونج كونج في الستينيات والسبعينيات، فقد كانت تدور في معظمها حول عصابات الجريمة المنظمة، ومليئة بالمشاهد العنيفة للمصارعة والقتال، وهي نفس الثقافة التي أنتجت أفلام بروس لي، وقد أعطت هذه البداية انطباعا سيئا عن رواية الرسوم، وسببت عزوف العديد من القراء عنها، ولكن مؤخرا خرقت هذه القاعدة، عدة روايات مهمة ذات طابع إنساني وسياسي أيضا، مثل رواية بريسبوليس التي تتحدث عن فتاة تنمو في إيران أثناء الثورة الإيرانية، من تأليف مريم سترابي، وقد تحولت الرواية إلي فيلم أيضا من الرسوم المتحركة، وقد حرص منتجوه علي أن يحافظوا علي اللون الأبيض والأسود الذي نفذ به الكتاب الأصلي، والأمور منذ ذلك الحين لاتكف عن التغير، وقد بدأت ملامح رواية المستقبل في الظهور الآن. علي الرغم من وفائك للغة الكلاسيكية قراؤك من الشباب في ازدياد، فما تفسيرك لذلك؟ - لقد أعاد الشباب الحياة إلي قلمي، إنهم نفس القراء الذين تابعوني من خلال كتاباتي للأطفال وقد نضجوا الآن وأصبحوا يملأون الآن المواقع الافتراضية علي شاشة الكومبيوتر، لقد فوجئت بهم وبحفاوتهم، وفي الصيف الماضي عندما أقمت ندوة صغيرة ووحيدة في مكتبة بالزمالك فوجئت بالعديد منهم وقد جاءوا من الأقاليم خارج القاهرة وقد أدهشني ذلك وأثار مشاعري إلي حد كبير. ما رأيك في الرواية التي تستدعي الجنس عنوة؟ - ما المانع أن نستدعي الجنس، ما المانع أن نكسر كل التابوهات القديمة وأن ندخل إلي مناطق مختلفة لم تدخلها الرواية من قبل، إن الكاتب يحتاج إلي الحرية في مناقشة كل شيء خاصة في تلك الممنوعات الثلاثة الدين والجنس والسياسة. ما تقييمك لفكرة "أفضل مبيعات" التي اجتاحت الأوساط العربية أخيرا؟ - قوائم "الأفضل مبيعا" موجودة، وأرجو أن تستمر هذه الظاهرة، لانها تعكس مدي حماس الناس لقراءة الروايات، لأن هذه الوسيلة الوحيدة لتطور هذا الفن. كيف تتعامل مع الرؤي النقدية لأعمالك الإبداعية؟ - يجب أن يكون السؤال معكوسا، كيف تعامل النقاد مع أعمالي، حتي الآن تعاملوا معها بمنتهي الجدية وبقدر لا بأس به من المحبة والإعجاب، وقد حظيت بكتابات نقدية من الكثيرين في مصر وخارجها وأنا ممتن لهم جميعا.