والتشبه يفقد الأشياء طعمها ومعناها ويشوه صورة المقلد خاصة لو كان انسانا.. واذا كان الغراب الذي حاول تقليد البلبل فراح يقفز متخيلا وؤهما انه الرشيق فظهر للعيان كالاعرج قد حاز علي كره وقبح وعدم قبول. وإذا كان القرد الذي لبس البدلة ووضع ال »بابيون« متوهما انه انسان قد حاز علي سخرية وضحك المشاهدين في السيرك. فإن المشاغبين في مصر الذين يحاولون التشبه بالمشاغبين في أوروبا قد تحولوا بالفعل إلي غراب أعرج أو قرد ب»بدلة«.. بداية لانهم أسموا أنفسهم بكلمة »التراس« وهو الاسم الذي يطلق علي المشاغبين في ملاعب بريطانيا وثانيا لاننا في شكلنا وعاداتنا وتصرفاتنا نختلف تماما عن الانجليز وعن الأوروبيين.. حالنا وظروفنا ووضعنا غيرهم تماما.. عاداتنا وإمكاناتنا وكل ما يحيط بنا مختلف كل الاختلاف. إذن فلماذا التقليد. ثم انه لو أردنا التقليد في شيء »كويس«.. فالتقليد في الهتاف والتصفيق والتشجيع واحترام الغير. فلنقلد في الصراحة والبعد عن الكذب والحقد والكراهية. بانتهاء المباراة والخروج من الملعب ينتهي كل شيء. فلنقلد في ان تتحول المباريات إلي مناسبات احتفالية. ولتكن المباريات فرصة للترويج عن النفس لا مكان لمعركة أو مسرح لتبادل الألفاظ البذيئة التي نسمعها في ميكروفون الاذاعة وما نراه من مناظر مؤذية علي شاشة التليفزيون.. الناس العاقلة هي التي تقلد الحلو وتتشبه به. ومن يفعلون العكس مثل ال »الالتراس« المصري يتحولون إلي غراب أعرج أو قرد ببدلة.