الخارجية الأمريكية: بلينكن يشدد على ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات لزيادة المساعدات لغزة    "نرجو أن تنهي الجلسة هذه المهزلة".. نبيل الحلفاوي يعلق على أزمة نادي الزمالك قبل نهائي السوبر المصري    حظك اليوم| الأربعاء 23 اكتوبر لمواليد برج القوس    وزير الأوقاف: طلاب إندونيسيا بالأزهر أمانة في أعناقنا    رئيس جامعة دمنهور يستقبل رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق في إطار احتفالات الجامعة بالذكرى 51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    النائب العام يشارك في منتدى النواب العموم لمجموعة الدول العشرين    الرقابة المالية تصدر كتابا بشأن ضوابط حوالات المحافظ الائتمانية الخاصة بأنشطة التمويل غير المصرفي    تكريم أكرم حسني في احتفالية "الأب قدوة".. ويوجه رسالة ل وزيرة التضامن (صور)    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة فى الأبناء    تشكيل أستون فيلا ضد بولونيا.. دوران أساسيا فى دورى أبطال أوروبا    «خريجي الأزهر» تشارك بمعرض مطبوعات «البحوث الإسلامية»    الزمالك يعلن موقف عمر جابر من مواجهة الأهلي في نهائي السوبر    صندوق النقد الدولي: الأسواق العالمية ربما تقلل من شأن المخاطر الجيوسياسية    مصرع فتاة غرقا في ترعة الإبراهيمية أثناء غسيل الملابس بالمنيا    الذكاء الاصطناعي يستعد لإزاحة المحاسب والمبرمج.. 5 مهن قد تختفي قريباً    بالخطوات.. طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي 2024 وسدادها أونلاين (رابط مباشر)    كواليس الدورة الأولى لمهرجان هوليوود للفيلم العربى برئاسة دارين حطيط    القاهرة الإخبارية: 7 شهداء ومصابين إثر قصف استهدف مدرسة للنازحين فى بيت لاهيا    وزير المجالس النيابية: الواقع يؤكد الحاجة الضرورية إلى قانون ينظم أوضاع اللاجئين    هل الخير الكثير من الابتلاءات؟.. رئيس «العالمي للفتوى» يجيب    بعد انتهاء برغم القانون، عايدة رياض تستأنف تصوير "جودر 2" و"220 يوم"    غزل المحلة يتلقى خطابا من اتحاد الكرة بإيقاف الزنفلي 4 أشهر    المصري يختتم ودياته في معسكر المغرب ب لقاء شباب المحمدية غدا    المكسيك تمهل المدارس 6 أشهر لحظر الوجبات السريعة    لقطات من بروفة حنين الشاطر قبل حفلتها الليلة بمهرجان الموسيقى العربية    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    مصرع طفل غرقا أثناء السباحة في ترعة «الستين» بالعياط    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    كوريا الجنوبية: انشقاق 76 شخصا من الجارة الشمالية خلال الثلاثة أشهر الماضية    صندوق النقد الدولى يتوقع نمو الاقتصاد المصرى بنسبة 4.1% فى العام المالى الحالى.. تقرير آفاق الاقتصاد العالمى: تراجع التضخم إلى 21.2% نهاية يونيو المقبل.. ويؤكد: الاقتصاد العالمى سيحقق نسبة نمو بنسبة 3.2%    تأخير الساعة 60 دقيقة في تمام الساعة 12:00 صباحا.. اعرف الموعد    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    نقيب المحامين يوقع مذكرة تفاهم مع وفد من هونج كونج ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    بعد التحرش بطالبات مدرسة.. رسالة مهمة من النيابة الإدارية للطالبات (تفاصيل)    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    حيثيات الحبس 3 سنوات للمتهمين في قضية فبركة سحر مؤمن زكريا (خاص)    الرعاية الصحية: انجاز 491 بروتوكولًا إكلينيكيًا ل الأمراض الأكثر شيوعًا    إصابة 3 أشخاص في حادث سير بالعريش    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    قبيل الانتخابات الأمريكية.. تحول تاريخى فى مراكز الدولار وتقلص الرهانات السلبية    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه بإرسال مواد إغاثية فورًا إلى غزة ولبنان    ضبط عاطل متورط في سرقة الأسلاك الكهربائية في المرج    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    نتنياهو يتهم ماكرون بمواصلة الضغط على إسرائيل    الأمم المتحدة تدين القصف الإسرائيلي العنيف للمناطق الحضرية والسكنية في لبنان    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عسكر مصر ووَهْم حماية الأرض والديار

أثارت الكلمات التي ترافع بها المستشار رفيق عمر الشريف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، الذي وكَّله كل من (عبدالفتاح السيسي رأس السلطة العسكرية، وشريف إسماعيل رئيس الوزراء، وعلي عبد العال رئيس البرلمان، وصدقي صبحي وزير الدفاع، وسامح شكري وزير الخارجية، ومجدي عبدالغفار وزير الداخلية.. مجتمعين)، أمام المحكمة الإدارية العليا في الطعن المقدم منهم "مجتمعين" ضد حكم محكمة القضاء الإداري بمصرية جزيرتَي صنافير وتيران وبطلان التفريط فيهما من قِبل السلطة العسكرية، أثارت الكثير من ردود الفعل الغاضبة والرافضة والمستهجنة لما قاله نائب رئيس هيئة قضايا الدولة الذي وصف مصر ب"دولة الاحتلال"، وقال إنها كانت "تحتل جزيرتَي صنافير وتيران السعوديتين"، بحسب قوله.
وهنا لزم التنويه بأنه لم يحدث في التاريخ أن أطلقت دولة على نفسها لقب "دولة احتلال"، فأي دولة قامت باحتلال دولة أخرى أو عدة دول كانت تُطلق التبريرات المختلفة التي تبرر وجودها في هذه الدولة، مثل حماية المصالح، أو حماية الرعايا، وغير ذلك من التبريرات التي لا تشوِّه صورتها أمام العالم وأمام مجتمعاتها، كما فعلت بريطانيا عند احتلالها مصر، وكما يفعل الكيان الصهيوني المُحتل لأرض فلسطين منذ عام 1948، لم يُطلق على نفسه أبداً دولة احتلال، رغم احتلاله لفلسطين وتشريده لأهلها وجرائمه بحقهم.
فنحن إذاً أمام واقعة تاريخية غير مسبوقة لم تحدث في التاريخ القديم أو الحديث، أن تُطلق دولة على نفسها اسم (دولة احتلال) لدولة أخرى، فما بالك إذا كانت هذه الدولة تتهم نفسها باحتلال أرضها المملوكة لها تاريخياً بل وتطعن على حكم ضد التفريط في أرضها، فهذا أمر من المضحكات المبكيات في نفس الوقت، مما دفع الموجودين في قاعة المحكمة للهتاف: (خائن.. خائن) و(عيش.. حرية.. الجزر دي مصرية) و(بالطول بالعرض.. إحنا أصحاب الأرض).
وهذا لا شك يجعلنا نفكر ملياً في دور الحكم العسكري المسيطر على حكم مصر منذ عام 1952 إلى الآن في الحفاظ علي أرض وحدود مصر منذ ذلك التاريخ إلى الآن؛ لأن اللافتة العريضة التي كانت ولا يزال هذا الحكم العسكري يبرر بها وجوده وانتهاكاته بحق هذا الشعب وتدميره لمقدراته وللديمقراطية منذ عام 1952 إلى الآن هي الحفاظ على الأمن القومي وحماية أرض مصر من الأخطار التي تتهددها في الداخل والخارج.. فهل تحقق ذلك فعلاً؟
من البديهيات في كل الدساتير أن مهمة الجيوش هي حماية أرض وحدود وسماء الأوطان، وعدم التفريط في أي ذرة من تراب الوطن، هذه هي مهمة الجيوش.
تسلَّم العسكر حكم مصر بعد انقلاب عسكري على الملك فاروق (ملك مصر والسودان)، (ملك وادي النيل)، في 23 يوليو/تموز عام 1952، وكانت غزة وسيناء والسودان كاملة إلى أعالي النيل تحت السيادة المصرية، فماذا حدث؟
تاريخياً كان الشعبان المصري والسوداني يؤمنان بأنهما شعب واحد ونسيج مترابط بينهما النيل والحضارة واللغة والدين والتاريخ، وكان هذا الإيمان يدفع الشعب السوداني دائماً إلى الثورة على الاحتلال البريطاني، مطالبين بعودة الوحدة كاملة مع مصر بعيداً عن الحكم الثنائي الذي فرضته بريطانيا عام 1899 على السودان، وبسبب السودان تعثرت جميع المفاوضات التي جرت بين مصر وبريطانيا منذ عام 1924؛ حيث كانت بريطانيا تتمسك دائماً باستمرار الحكم الثنائي (مصر - بريطانيا) في السودان، الذي كان محل رفض المصريين جميعاً حكومة وشعباً.. وكان الملك فاروق قد رفض أي مفاوضات حول السودان وأوقفها نهائياً مع بريطانيا، وأضاف لنفسه لقباً جديداً غير ملك مصر والسودان "بأن أطلق على نفسه لقب (ملك وادي النيل) في إشارة واضحة لوحدة البلدين ومصيرهما المشترك.
وجاء عبدالناصر ومَن معه مِن العسكر؛ ليتنصلوا من كل ذلك، فأعادوا المفاوضات مع بريطانيا بشأن السودان مرة أخرى، وتعامل العسكر مع السودان تعاملاً سيئاً، وما فعله صلاح سالم، مبعوث جمال عبدالناصر، خير دليل على ذلك؛ حيث ألب قبائل الجنوب عن طريق الرشاوى، ورقص عارياً في أحد محافلهم في فضيحة مدوية، أطلقت عليه وقتها صحف العالم (الجنرال العاري)، وأسفر كل ذلك عن انفصال السودان عن مصر نهائياً في يناير/كانون الثاني عام 1956 وكانت هذه أولى الثمرات المُرة للحكم العسكري الذي ملأ الدنيا ضجيجاً بشعارات حماية الأرض والعرض (التفريط في السودان كاملة فأصبحت مصر منذ عام 1956 بدون السودان عمقها الاستراتيجي الأهم).
ثم تسبب العسكر بعد ذلك في نكبة 1967 التي احتُلت على أثرها أربع دول عربية؛ لتضيع معها غزة وسيناء، فأصبحت مصر بدون غزة وبدون سيناء، وخاضت مصر حرب العاشر من رمضان عام 1973 لتحرر جزءاً من سيناء بدماء أبنائها الأطهار، ثم يواصل الحكم العسكري بعد ذلك مفاوضاته مع الصهاينة، ويُوقع معاهدة كامب ديفيد لتعود سيناء، ولكن بشروط جعلت سيطرة مصر على سيناء ضعيفة فلا تنمية ولا جيش يهدد أمن الكيان الصهيوني، وفقدت مصر غزة إلى الأبد.
وبعد الانقلاب العسكري على الحكم المدني في 3 يوليو 2013، قام الجيش المصري بنفسه، وليس الصهاينة، بشن حرب شعواء على أهالي سيناء من أجل إفراغها من سكانها لمصلحة الصهاينة، بل وتحدث الإعلام الصهيوني عن عرض عبدالفتاح السيسي على نتنياهو إعطاءه 1600 كم من شمال سيناء لتوطين الفلسطينيين بها، ولم يكذب الحكم العسكري في مصر هذه الأخبار.
وقام العسكر بالتفريط في ثروات مصر في غاز شرق المتوسط بالتوقيع على إتفاقية الكالاماتا مع قبرص واليونان في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 بل وإعادة ترسيم الحدود البحرية مع الصهاينة، وقام العسكر بالتفريط في جزيرتَي تيران وصنافير الاستراتيجيتين والمصريتين منذ القدم، بحسب كل المواثيق والخرائط، عند مدخل خليج العقبة، لمصلحة السعودية، لأنه يخدم مصلحة الكيان الصهيوني الغاصب بلا أدنى شك، مما يثبت بالدليل والبرهان أن الجيش المصري ومنذ استيلائه على السلطة عام 1952 لم يحافظ على أرض مصر ولا حدودها ولا سيادتها بشكل صارخ وفاضح مهما تستر العسكر وراء شعارات الوطنية والأمن القومي والحفاظ على الأرض، فالواقع يكذب كل ذلك ويدحضه..
فرَّط العسكر في السودان وسيناء وغزة وصنافير وتيران ولا أحد يعلم ما الذي يمكن أن يفرط فيه العسكر بعد ذلك لو استمروا فترة أطول.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.