في نقاش مع مثقف مطلع قال وقلت بعضا من التالي: هناك اتفاق مبرم ضد سوريا أطرافه روسياوإيران وأميركا وإسرائيل على تقسيم سوريا لفدراليات كردية وعلوية في الشمال وأكثر غرب سوريا، تكون تمهيدا لاستقلالها كدويلات وربما حتى الدروز ينالون فيدرالية، وهذا التقسيم ينهي سوريا كدولة لها قوة أو مستقبل موحد. وهذا يقتضي إبعاد الأتراك عن سوريا العربية السنية بحاجزين كردي وعلوي، وستحث هذه النتيجة أكراد سوريا والعراق وتركيا على مشروع وحدة ودولة كردية، وتنتهي طموحات الأتراك في دولة قوية وموحدة، بسبب نزوع علوييها وأكرادها لولاء مع الدويلات الناشئة وتصبح تركيا بلدا عرقيا صغيرا لا يمثل قوة ولا خطرا على إسرائيل ولا ينصر بقية الأتراك خارجه. أما إيران فسيبقى لها نفوذ في بقية سوريا، المهلهلة وبشرط استمرار مصالحها فيها وفي لبنان، غير أن إيران بقبول هذا الوضع والترويج له سوف تدق مسمارا في نعشها لأن الأكراد والعرب والبلوش سوف يطالبون بعد تحلل السلطة المرشدية قريبا بحقوق ذاتية وتتفتت وحدتها كالعراق وتركياوسوريا، فليست أكثر حصانة، وليس لدى شباب الفرس الجدد المتطلعين لليبرالية ومكدونلد وموسيقى الراب وحرية الجنس والدين أن يموتوا في سبيل أحلام إمامية عرقية، ولا أن يموتوا ليسعد الفقهاء؛ وبهذا تتحقق رؤية بعض السياسيين الغربيين ومنهم كيسنجر التي تقول إن العرب والمسلمين في إيران وأفغانستان والعراق مجرد قبائل وعشائر تعودت الحياة القبلية، وأجبرت على فكرة الدولة، واليوم على الغرب أن يعيدها طريقتها الأولى، مجرد قبائل متجاورة ومتحاربة ومتصالحة خارج السياق العالمي، وسوف تبيع وتعطي هذه القبائل ثرواتها لتجار الغرب والشرق بلا مشقة. ولعل أصحاب هذه الخطة يزودون داعش وحركات الجهاد بمبرر لمزيد من تجمع قواهم ومواجهة أعدائهم، يوم يتأكد عامة العرب أنهم يُبادون في فلسطينوسوريا والعراق ولا يوقف الإبادة أحد بل يكافأ كل معتد بما يود الحصول عليه وزيادة، وقد يكون من آثار ذلك جمع المتضررين تحت رايات مقاومة مستمرة لا يسلم منها غرب ولا شرق، وها نحن نرى قاصري النظر والجبناء يديرون عالمنا ويورطوننا وأنفسهم فيما لا يحتسب الجميع من مخاطر. استمر بيننا نقاش طويل، والمهم منه أنه لا يوجد لدى حكومات كثيرة رؤية تؤسس لحلول بديلة عن هذه المآسي، ولا تملك الجرأة لنقاش سياسي أو وطني أو إصلاحي، فقط يقودها المعصومون الأتباع لمهاوي الردى. هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه