صعّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا، من سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى، بتقاسم الأدوار بين ذراعها المتقدمة "الشرطة"، والجماعات اليهودية المتطرفة المنضوية في إطار "منظمات الهيكل" المزعوم، وبات اتباع سياسة الإبعاد بحق العاملين في الأقصى، وروّاد المسجد سياسة ثابتة تأخذ منحىً تصاعديًا؛ لمعاقبة المرابطين والمرابطات، دون تفريق بين رجل وامرأة، وبين كهلٍ طاعن بالسن وشبلٍ قاصر صغير، وبين عاملٍ وحارسٍ ومسؤول. وفي رمضان عام 2014، بدأت شرطة الاحتلال بفرض قانون "إبعاد جماعي صباحي للنساء" عن المسجد الأقصى، وذلك خلال الساعات التي يتم فيها تنفيذ الاقتحامات للمسجد الأقصى، بحيث بات ما يقارب 500 طالبة من طالبات مصاطب العلم يمنعن يوميًا من الدخول إلى المسجد الأقصى. وقد اتبعت سلطات الاحتلال، سياسة إبعاد متدرجة عن المسجد الأقصى، بدأت بإبعاد المرابطات جماعيًا. وحين فشلت بذلك، بدأت بالإبعاد الفردي عن الأقصى أولًا، ثم عن محيطه، ثم عن البلدة القديمة ذاتها. وتهدف سلطات الاحتلال، من هذه الإبعادات الممنهجة، إلى إفراغ الأقصى؛ لتهيئة الأجواء للمتطرفين باقتحامه متى أرادوا؛ لتكون لهم فرصة لأداء صلواتهم التلمودية بحراسة من الشرطة الإسرائيلية دون أي مضايقة أو وجود إسلامي فيها. وتزداد قرارات سلطات الاحتلال بالإبعاد في فترة الأعياد اليهودية؛ والتي أصبحت موسمًا لإغلاق معظم أبواب المسجد الأقصى المبارك، أو في أعقاب حدوث مواجهات تسميها سلطات الاحتلال "إخلال بالأمن العام"؛ حيث تتراوح فترة الإبعاد من أسبوعين وحتى عدة أشهر. وتشير إحصاءات "مركز معلومات وادي حلوة" في سلوان، إلى أن سلطات الاحتلال أبعدت خلال عام 2014 عن المسجد الأقصى 300 فلسطيني، مع ملاحقة موظفي المسجد الأقصى من الخطباء والحراس، بالإضافة إلى اعتقال طلبة مصاطب العلم، بما في ذلك النساء والأطفال والشيوخ وفرض الغرامات المالية عليهم. وحسب مركز معلومات وادي حلوة، بلغ عدد المبعدين عن المسجد الأقصى خلال شهر فبراير 2015 الذين ما زالت قرارات إبعادهم حيز التنفيذ 24 مبعدًا ومبعدة، ولفترات تراوحت بين (20-60 يومًا)، بينهم (23) سيدة وطالبة من طالبات مدارس الأقصى الشرعية. وتحاول سلطات الاحتلال إصدار قانون يحظر "الرباط" في المسجد الأقصى المبارك، ويعتبره خروجًا على القانون!. تحريض على الحركة الإسلامية وتتهم "إسرائيل"، الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني التي يتزعمها الشيخ رائد صلاح، بالوقوف وراء "الاضطرابات" المتصاعدة في القدس والمسجد الأقصى، وتهدد باللجوء إلى سياسة الاعتقالات الإدارية ضد قادته. وقالت القناة الثانية الإسرائيلية، إنه حسب المعلومات المتوفرة لدى الشاباك وشرطة الاحتلال في القدس، فإن "النواة القاسية للمشاغبين تضم ما بين 30 و50 شابًا عربيًا". وأن التحريض والتوجيه في كل ما يتعلق بما يحدث في الأقصى يصل من جهة الحركة الإسلامية، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيعقد، قريبًا، جلسة خاصة للتداول في سبل مواجهة الحركة. وكثيرًا ما تفرض سلطات الاحتلال قيودًا على دخول المسجد الأقصى من المسلمين، في حين تسمح للمستوطنين بالدخول دون عقبات. وسلم الاحتلال الدكتور سليمان اغبارية، رئيس دائرة القدس والأقصى في الحركة الإسلامية، أمرًا بإبعاده 15 يومًا عن المسجد الأقصى. وأكد "اغبارية" -في تصريح له- أن هدف الإبعاد تفريغ المسجد الأقصى من المسلمين، مضيفًا "لن تزيدنا هذه القرارات إلا إصرارًا وعزمًا للالتحام مع المسجد الأقصى والمقدسيين من أجل الدفاع عنه، كما أننا سنتواجد بشكل دائم على بواباته وسندخله في الوقت الذي نراه مناسبًا". وأشار "اغبارية" إلى أنه تجري حاليًا دراسات لكيفية التعاطي مع أوامر الإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى وأنه سيتم في الأيام القريبة اتخاذ موقف بهذا الشأن. ودعا كل الأهل في القدس والداخل الفلسطيني للتواجد في المسجد الأقصى المبارك في هذه الفترة العصيبة والحرجة، التي تتزامن مع الأعياد اليهودية والدعوات لاقتحامه وتدنيسه برعاية القوات الخاصة والشرطة والمخابرات، ليكون الفلسطينيون خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى. سياسة ممنهجة ويشير الكاتب والمحلل السياسي، ياسين عز الدين، إلى أن قرارات الإبعاد هي سياسة قديمة، لكن كانت في السابق تصدر بشكل محدود، وفي العام الأخير تصاعدت بحيث أصبحت عملًا ممنهجًا للتضييق على المرابطين وتفريغ الأقصى منهم. وأوضح "عز الدين" -في تصريح خاص ل"رصد"- أن التضييق يشمل عدة نواحي: أولًا: الاعتقال على خلفية مساعدة المرابطين وتوفير الطعام لهم أو الإمدادات والحكم بالسجن عليهم. ثانيًا: قرارات صادرة عن المحاكم للإبعاد وتتراوح بين أسبوعين إلى 6 أشهر. ثالثًا: في الفترة الأخيرة اتبعوا سياسة القوائم السوداء؛ حيث تعد الشرطة قوائم للنساء أو الرجال الذين يعتبرونهم مصدر إزعاج ويمنعوهم دون اللجوء إلى محاكم، والقائمة يتجاوز عدد الأسماء فيها ال60. رابعًا: منع دخول الفلسطينيين من الضفة وغزة إلى الأقصى إلا بأوقات وأعمار محدودة جدًا. خامسًا: أحيانًا يتم منع فئات بأكملها من الدخول؛ مثل منع النساء أو منع الرجال دون سن معينة، فعلى سبيل المثال في الأيام الأربعة الأخيرة تم منع دخول الرجال دون 50 عامًا إلى الأقصى بشكل تام. وأكد أن هذه السياسة تهدف بالدرجة الأولى لتسهيل عملية دخول اليهود إلى الأقصى دون أي معارضة؛ لأن المطلوب هو تقاسم الأقصى بين المسلمين واليهود. ورأى أن المرابطين وحدهم لا يستطيعون الصمود في وجه دولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، خاصة أنه تم إخراجهم مؤخرًا عن القانون بحسب الصهاينة. وحذر أنه "دون دعم فلسطيني وعربي وإسلامي، يتجاوز الدعم الإعلامي ليصل إلى الضغط السياسي، فالصهاينة سيحققون مرادهم في نهاية المطاف.