رأت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية أن تقاعس الرئيس الأمريكي باراك أوباما إزاء الأزمة السورية ليس ترددا، وإنما يعبر عن نظرية يتبناها الرجل تشير إلى أن تبعات التدخل في الأزمة أكثر خطرا من التقاعس. ولفتت – في تعليق أوردته عبر موقعها الإلكتروني – إلى أنه رغم تزايد الضغوط على أوباما لتغيير نهجه إزاء الأزمة السورية إلا أنه حتى الآن لم يتزحزح عن موقفه الحاسم بحسب وصف المدافعين عنه. وعزت المجلة موقف القيادة الأمريكية إلى حقيقة أن إراقة الدماء وإنفاق الأموال في الحرب على العراق لم يتمخض عن فرض النظام في هذا البلد التعس، على حد وصف المجلة التي استبعدت استعداد الشعب الأمريكي لإهدار المزيد في سوريا. ونوهت المجلة إلى أن أوباما خلال جولات المحادثة المتكررة عن الأزمة السورية اتخذ موقف المحاذر المتطلع إلى الاقتناع أولا بأن الخيارات العدوانية الأكثر تشددا قد تثني الرئيس السوري بشار الأسد عن حساباته وتشبثه بالسلطة، وأن هذه الخيارات لن تزيد الأمور تعقيدا. إلا أن أوباما حتى الآن لم يقتنع بجدوى الخيارات المتشددة ولهذا لم يتخذ قرارا بتزويد قوات المعارضة السورية بأسلحة قاتلة، وهو ما وسع الفجوة بين موقف أوباما وموقف حلفائه، بحسب المجلة. وأسقطت المجلة على قضية السلاح الكيماوي؛ مشيرة إلى اتهام حلفاء أوباما بأن خطوطه الحمراء كانت مرسومة سلفا منذ العام الماضي لردع ما بدا كما لو كان استعدادا لشن هجمات وشيكة. وقالت "الإيكونوميست" إن دولا كبريطانيا وفرنسا، تحترم موقف أوباما المثابر إزاء الأزمة إلا أنها في الوقت ذاته تعرب عن قلقها من تفاقم الوضع إلى درجة يتحتم وقتها على الغرب أن يتدخل، ولكن ستكون التكلفة باهظة عن ذي قبل. ورأت المجلة البريطانية أن الأطراف الضاغطة على أوباما لتسليح المعارضة المعتدلة تهدف إلى ثلاثة أمور: أولا- دعم الجنرال سالم إدريس، رئيس هيئة أركان الجيش الحر، ثانيا- إعطاء الولاياتالمتحدة مبررا لمطالبة دول أخرى بالتنسيق مثل السعودية وقطر بدلا من تسليحها أحزاب المعارضة القتالية المفضلة لديها كما يجري في الوقت الراهن، وثالثا- إرسال رسالة إلى روسيا، الحليف الرئيسي للأسد بالأمم المتحدة مفادها التأكيد على الحاجة الملحة إلى انتهاج مسار دبلوماسي على نحو أكثر جدية. ورصدت المجلة في هذا السياق وصم العديد من المتشككين، ومنهم عناصر بوزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون ووكالات الاستخابارات الأمريكية، لوجهة النظر هذه بالساذجة: ذلك أن الجنرال إدريس لا يستطيع السيطرة على سير عمليات تدفق الأسلحة القاتلة، هذا بالنسبة للهدف الأول. أما بالنسبة للهدف الثاني فالسعودية وغيرها من الأطراف الخارجية الداعمة ليس لديها مصلحة في السير في مسار مع الأمريكيين يترك نظاما تعدديا مناصرا للغرب في السلطة السورية. وأخيرا بالنسبة للهدف الثالث، فإن واشنطن الأكثر تشاؤما متشككة فيما إذا كانت روسيا أكثر اهتماما بفشل أمريكا من تحقيق استقرار على الأرض السورية.