الصحابي ثابت بن قيس ..هو ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث الخزرجي الأنصاري، الذى بشره النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة وبالشهادة، خطيب الأنصار، وخطيب النبي ، لم يشهد بدرًا، وشهد أحدًا، وبيعة الرضوان وما بعدهما من المشاهد مع رسول الله. خشيته من الله لما نزل قول الله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ"، أغلق ثابت عليه داره، وطفق يبكي، وافتقده الرسول فسأل عنه، ثم أرسل من يدعوه، وجاء ثابت، وسأله النبي عن سبب غيابه، فأجابه: "إني امرؤ جهير الصوت، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله، وإذن فقد حبط عملي، وأنا من أهل النار"، فأجابه الرسول : "إنك لست منهم، بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة"، فقال: (رضيتُ ببُشرى الله ورسوله، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول الله)، فنزلت الآية الكريمة: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}. خطيب الإسلام كان ثابت خطيب رسول الله والإسلام، وكانت الكلمات تخرج من فمه قوية، صادعة جامعة رائعة، ففي عام الوفود أذن له الرسول بأن يجيب على خطيب وفد بني تميم، فبعض مما قال ثابت: (الحمد لله، الذي السماوات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله، ثم كان من قدرته أن جعلنا أئمة، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمهم نسبا، وأصدقهم حديثًا وأفضلهم حسبا فأنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين. ثم كنا – نحن الأنصار – أول الخلق إجابة، فنحن أنصار الله، ووزراء رسوله). الجهاد فى سبيل الله شهد ثابت مع الرسول غزوة أحد والمشاهد بعدها، ولم يشهد بدراً، وشهد بيعة الرضوان، وكانت فدائيته من طراز فريد. في حروب الردة، كان في الطليعة دائما، يحمل راية الأنصار، ويضرب بسيفه، وفي معركة اليمامة، رأى ثابت الهجوم الذي شنه جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة فصاح بصوته: (والله، ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله )، ثم ذهب غير بعيد، وعاد وقد تحنط، ولبس كفنًا. وصاح مرة أخرى: (اللهم إني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء – يعني جيش مسيلمة – وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء – يعني تراخي المسلمين في القتال-.) وانضم إليه سالم مولى أبي حذيفة وكان يحمل راية المهاجرين، وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين، وأهالا الرمال عليها حتى غطت وسط كل منهما. الشهادة وهكذا وقف قيس بن ثابت ورفيقه، نصف كل منهما غائص في الرمال مثبت في أعماق الحفرة، في حين نصفهما الأعلى -صدرهما وجبهتهما وذراعاهما- يستقبلان الأعداء، وراحا يضربان بسيفيهما كل من يقترب منهما من جيش مسيلمة حتى استشهدا في مكانهما، وكان مشهدهما هذا أعظم ما جعل المسلمين يعودون إلى مواقعهم وانهزم جيش مسيلمة الكذاب. أوصى بعد موته وجازت وصيته بعد استشهاده ..رأى رجل من المسلمين ثابت بن قيس في منامه فقال له ثابت: إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل من المسلمين فانتزع مني "درعى" ومنزل هذا الرجل في أقصى العسكر وعند منزله فرس يستن في طوله وقد أكفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رحلاً واذهب إلى خالد بن الوليد فليبعث إلي درعي فليأخذها منه، فإذا قدمت على خليفة رسول الله فأعلمه أن عليَّ من الدين كذا ولي من المال كذا وفلان من رقيقي عتيق، وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، فأتى هذا الرجل "خالد بن الوليد" فأخبره بالقصة، وذهبوا إلى مكان الدرع فوجدها كما ذكر، ثم ذهب إلى الخليفة أبو بكر الصديق فأخبره، فنفذ أبو بكر وصيته بعد موته، فلا نعلم أحدًا جازت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس بن شماس.