دعت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إعادة النظر بشأن الخطر الذي تفرضه القاعدة مرة أخرى. وقالت – في تعليق على موقعها الإلكتروني- إن بواعث قلق الإدارة الأمريكية الشديد الذي تمخض عن قرار غلق نحو نصف مقار البعثات الدبلوماسية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى التحذير من السفر حول العالم، لا تزال غير واضحة تماما. وأضافت المجلة أن ثمة معلومات تشير إلى التقاط وكالة الأمن القومي الأمريكية اتصالات إلكترونية الأسبوع الماضي بين أيمن الظواهري، خليفة أسامة بن لادن ورئيس تنظيم القاعدة وناصر الوحيشي، قائد القاعدة بشبه الجزيرة العربية ونائب الظواهري. وطبقا لمن اطلعوا على ما دار بين الظواهري والوحيشي، فإن الأول أمر بشن هجوم أو سلسلة من الهجمات قبل نهاية شهر رمضان، فيما ستعتبر الهجمات الأكثر خطرا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقالت "الإيكونوميست" إن السبب غير واضح وراء لجوء الإدارة الأمريكية إلى مثل هذا الإعراب الدراماتيكي عن مخاوفها بدلا من استخدام المعلومات التي توفرت لديها لإحباط الخطة. ورأت المجلة أن هذا التصرف الأمريكي أسفر عن خسائر اقتصادية وأمنية أمريكية؛ حيث تتمثل الاقتصادية في تبعات إرجاء السفر. أما الأمنية فتتمثل في أكثر من محور: الأول، وقوف القاعدة على مدى القدرات الاستخباراتية الأمريكية وهو ما سيدفعها إلى اتخاذ مزيد من التدابير التأمينية مستقبلا. المحور الثاني، هو أن التنظيم قد يكون لديه خطة بديلة جاهزة للتطبيق وربما كانت هذه الخطة خارجة عن نطاق معرفة الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية. أما المحور الثالث، فيتمثل فيما تشير إليه هذه المعلومات من تفنيد لمزاعم الإدارة الأمريكية في وقت سابق من أنه بفضل جهودها أصبحت قدرة القاعدة على تنفيذ عمليات معقدة ضد أهداف غربية أمرا شبه مستحيل. وحاولت المجلة البحث عن تبرير للجوء الإدارة الأمريكية إلى هذا الخيار..مرجحة أن يكون ثمة تأثير في هذا الصدد للحادث المأساوي الذي شهدته القنصلية الأمريكية بمدينة بنغازي الليبية قبل نحو عام والذي أسفر عن مقتل السفير كريستوفر استيفنز مع ثلاثة أمريكيين آخرين. ونوهت "الإيكونوميست" في هذا الصدد إلى أن حادث القنصلية اللييبية سبقه بنحو 18 ساعة ظهور الظواهري في أحد الفيديوهات متوعدا بشن هجمات ضد أمريكيين في ليبيا في ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر..معيدة إلى الأذهان تعرض الإدارة الأمريكية غداة الحادث لهجوم حاد من الجمهوريين تضمن اتهامات بالتضليل. أما اليوم، فالوضع مختلف؛ حيث رصدت المجلة مبادرة بعض الأصوات الجمهورية، التي طالما اشتهرت بالعدوانية على الديمقراطيين، بكيل الثناء لجهاز الأمن الوطني الأمريكي ودعم الإدارة الأمريكية. ولكن، بينما يغبط البيت الأبيض نفسه على هذا التعاطي قصير المدى مع الأزمة، فإن ثمة تساؤلات طويلة المدى تطرح نفسها بحسب المجلة البريطانية؛ أول هذه التساؤلات يتعلق بتعزيز التدابير الأمنية حول البعثات الدبلوماسية في الأماكن غير الآمنة، كإحدى التوصيات التي أعقبت حادث قنصلية بنغازي. ثاني هذه التساؤلات، بحسب المجلة هو حول ما إذا كان ثمة احتياج لإعادة تقييم شامل للتهديد القائم الذي تفرضه القاعدة وشبكاتها المتزايدة. وقالت "الإيكونوميست" إن تعرض القيادة المركزية للقاعدة بمنطقة شمال وزيرستان على مدار الأعوام الأخيرة لهجمات جوية أمريكية، أدى إلى تنشيط فرع القاعدة بشبه الجزيرة ليصبح الأكثر نشاطا بين فروع التنظيم فيما يتعلق بالتخطيط للهجمات بالغرب. وتابعت المجلة البريطانية، أنه على الرغم من خفوت صوت تهديدات القاعدة على مدار السنوات الأخيرة مع بزوغ نجم "الربيع العربي"، إلا أن القاعدة أثبتت قدرتها على البقاء والتكيف.. مشيرة إلى سيطرة فرع القاعدة في اليمن على مساحة شاسعة من الأراضي وإلى قدرته على التواصل وجمع الأموال لباقي فروع التنظيم. كما لفتت المجلة إلى نشاط القاعدة في سوريا متمثلا في جبهة النصرة التي ترفدها القاعدة من العراق حيث تذكي نار الصراع الدامي بين أبناء المذهبين السني والشيعي. وأكدت "الإيكونوميست" أن اهتمام القاعدة يتجه في الوقت الراهن إلى الصراعات المحلية أكثر من اهتمامها بشن هجمات على العدو البعيد في الغرب، ولكن مقارنة بما كانت عليه القاعدة قبل 12 عاما، رصدت المجلة انضمام المزيد من المحاربين إلى صفوف القاعدة وبسطها النفوذ على المزيد من الأراضي.. مرجحة أن يستتبع هذا التغير تحولا في أولويات القاعدة. واختتمت المجلة تعليقها بالقول إذا كان يمكن لمحادثة بين الظواهري والوحيشي أن تثير هذا الكم من الارتباك، فإن على الرئيس أوباما أن يعيد التفكير بشأن القاعدة مرة أخرى.