ملفات الطاقة، ومواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على دول العالم أجمع، وسبل حل القضية الفلسطينية، ودعم الحل السياسى فى اليمن ومواجهة الخطر الإيرانى، جميعها ملفات تصدرت مباحثات الرئيس الأمريكى مع القادة الفاعلين فى المنطقة، حيث شارك الرئيس الأمريكى جو بايدن في قمة مشتركة في الرياض بحضور قادة دول مجلس التعاون الخليجى، والرئيس عبدالفتاح السيسي، وملك الأردن، ورئيس وزراء العراق، وجاءت أهمية جولة الرئيس الأمريكى فى الشرق الأوسط، فى ضوء تزامنها مع العديد من المشاكل المتصلة والمتشابكة التى تعانى منها المنطقة . تامر عبد الفتاح وسبق الزيارة مقالة للرئيس الأمريكي جو بايدن، نشرتها "واشنطن بوست" الأمريكية، بعنوان «جو بايدن: لماذا أذهب إلى السعودية؟»، موضحا أن الزيارة ستفتح فصلا جديدا أكثر طموحاً من المشاركة الأمريكية فى المنطقة، وتأتي الزيارة فى وقت حيوي لتعزيز المصالح الأمريكية، موضحا أن الشرق الأوسط، أكثر أمنا وتكاملا ويفيد الأمريكيين بطرق عديدة.. وأضاف أن الممرات المائية فى الشرق الأوسط، ضرورية للتجارة العالمية، لسلاسل التوريد التي تعتمد عليها واشنطن، إلى جانب موارد الطاقة الخاصة، للتخفيف من تأثير الحرب الروسية فى أوكرانيا على الإمدادات العالمية، كما أن الشرق الأوسط، أكثر استقرارا وأمنا، الآن. تصحيح المسار وقال الدكتور أشرف سنجر أستاذ العلاقات الدولية، إن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط، جاءت لتصحيح مسار العلاقات الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط .وأضاف أن جو بايدن خلال الحملة الانتخابية أعلن أكثر من مرة أن منطقة الشرق الأوسط ليست على رأس اهتمامات الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة أن اهتمامات الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبحت موجهة نحو الصين وزيادة نفوذها. ولفت أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن منطقة الشرق الأوسط كانت دائما منطقة مهمة للطاقة وهناك مراكز قوى كبيرة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لها اهتمامات بأمن إسرائيل والوصول لحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، فهناك اهتمام أمريكى بحل أزمة الطاقة وحل الدولتين. وأوضح أن القضية الفلسطينية تصدرت ملفات الجولة، عبر زيارة الرئيس الأمريكى إسرائيل ورام الله، ولقائه مسئولى الجانبين، معتبرًا أن اللقاء المباشر بين «بايدن» وقادة الطرفين يضع النقاط فوق الحروف للعديد من المشاكل فى هذا الملف. دول محورية واعتبر أن لقاء الرئيس الأمريكى مع الرئيس عبدالفتاح السيسي وقادة مجلس التعاون الخليجى، إلى جانب العراقوالأردن، هو أمر موفق للغاية، فى ظل أن جميعها دول محورية فى المنطقة. وشرح: «مصر تتمتع بثقل سياسى واقتصادى واجتماعى وثقافى، والأردن لها اتصالات جيدة مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا، وتمتلك رؤية ثاقبة بالنسبة للقضية الفلسطينية، بينما لا يزال العراق واقعًا تحت تأثير إيران وتتعرض منها إلى ضغوط قوية، لذا فإن حضورها كان مهما للغاية». وتابع: كشفت الحرب الروسية الأوكرانية أهمية المنطقة والوزن الاستراتيجي لدول الخليج والدول العربية بشكل خاص وتأثيرها فى عملية إعادة تقييم لمعالجة التوترات فى العلاقات الأمريكية وإعادة التوازن لها انطلاقاً من أن مصالح واشنطن قد تتضرَّر أكثر فى حال استمرار هذا التوتر. تعزيز الشراكة وقال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الزيارة مهمة جدًّا للطرفين، الولاياتالمتحدةالأمريكية تبحث طي الخلافات والبحث عن تعزيز شراكتها مع المنطقة، خاصّةً فى ظل الأوضاع التي تشهدها بالداخل قبيل انتخابات مرتقبة. وأضاف أن واشنطن تعاني من معدل تضخم عالٍ وارتفاع أسعار البنزين، وهو أمر له أهمية سياسية بالغة بالنسبة إلى المواطن الأمريكي، وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية فى غاية القلق من تأثير ذلك على شعبيتها وعلى فرصها «الضئيلة» للاحتفاظ بالأغلبية فى مجلس النواب وعدد نوابها بالشيوخ فى انتخابات التجديد النصفي فى نوفمبر المقبل. وقال إن القمة تناولت «أسعار الطاقة وكيفية العمل معًا من أجل توفير الأمن الغذائي على ضوء تداعيات حرب أوكرانيا، وتهديدات إيران»، مشيرا إلى أن واشنطن تعمل على إعادة صياغة العلاقات مع دول المنطقة. دلالات الزيارة وقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، وخبير العلاقات الدولية، إن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، هي الزيارة الأولى له، وتأتي فى ظل الظروف والأزمات والتداعيات المتعلقة بالحرب بين روسياوأوكرانيا. وذكر أن الدول العربية أكدت على أن الشراكة مع أمريكا، يجب أن تكون على نفس مستوى الندية، والواقعية السياسية، موضحا أن أمريكا لم تحصل فى هذه الزيارة على "شيك على بياض" من الجانب العربي، مشيرا إلى أن اللقاء فى مجمله بروتوكولي، وله دلالات رمزية، ولا يهدف إلى الاتفاق أو الاختلاف، وإنما استعراض المواقف، وبالتالي ليس مطلوبا أن توقع الدول على شيء من أخذ قرارات أو ترتيبات، وإنما دلالات رمزية وعرض مواقف فقط. بايدن يسعى للدعم وقال الدكتور بشير عبدالفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زيارة «بايدن» إلى بعض دول الشرق الأوسط، تأتى فى توقيت مهم للغاية؛ لأن هناك الكثير من الأزمات العالقة، جديرة بالمناقشة، منها تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار الصراع العربى الإسرائيلى وتأزم الوضع فى اليمن والعراقوسوريا وليبيا، بخلاف أزمة الطاقة العالمية، ورغبة واشنطن فى أن تزيد منظمة «أوبك» إنتاج النفط لمنع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى الوضع الملتهب فى فلسطين، لذا فإن الزيارة جاءت فى توقيت بالغ الحساسية، سواء فيما يتعلق بعلاقة الدول العربية مع الولاياتالمتحدة أو على صعيد الأزمات التى تمر بها المنطقة. وأوضح أن «بايدن» اختار الذهاب لإسرائيل والأراضى الفلسطينية؛ لأن العلاقة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة خاصة جدًا، ويحرص كل رئيس أمريكى على تطوير العلاقات بين الجانبين، خاصة أن «بايدن» يفكر فى الترشح لولاية رئاسية ثانية، لذا يحتاج إلى دعم اللوبى الصهيونى داخل الولاياتالمتحدة. وأشار إلى أن واشنطن تدعم إسرائيل رغم انشغالها بمواجهة الصينوروسيا، وسبق أن وعد «بايدن» بإصلاح العلاقات بين واشنطنوفلسطين، وأن يبعث برسالة لإعادة التوازن فى العلاقات معها، وأنه يدعم الحل السلمى للقضية الفلسطينية، لذا عكست الزيارة الاهتمام الأمريكى بإسرائيل والحرص على الإبقاء على خيوط التواصل مع الجانب الفلسطينى. وشدد على أن زيارة لقاء «بايدن» مع الرئيس السيسي وأهم قادة دول المنطقة، تم خلاله مناقشة أكبر كم من القضايا، سواء قضايا النفط أو الصراع العربى الإسرائيلى، وكل ما يتصل بأزمات المنطقة وسبل التعاون بشأنها وبحث العلاقات الأمريكية مع هذه الدول. أسعار الطاقة وقال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأولى إلى الشرق الأوسط، بعد مرور عام ونصف على دخوله البيت الأبيض تكتسب أهمية كبيرة، حيث تتزامن مع الارتفاع الحاد فى أسعار موارد الطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. وأكد أن القمة العربية الأمريكية وضعت عددا من الملفات السياسية والاقتصادية على أولوياتها، وتصدرت المناقشات السياسية حل الدولتين الفلسطينيه والإسرائيلية، والوضع فى اليمن، وتزايد الدور الروسي والتركي فى سوريا وأيضا الاضطرابات فى ليبيا. وأوضح أن وضع حدّ للارتفاع الحاد فى أسعار النفط وتقليل اعتماد العالم على الصادرات الروسية من موارد الطاقة عن طريق زياده الإنتاج العربي، كان هو الجانب الاقتصادي فى القمة العربية الأمريكية، حيث إن الولاياتالمتحدة أدركت أنه لا غنى عن نفط الخليج لما يشكله من كتلة كبيرة فى السوق قادرة على رفع الأسعار أو تخفيضها، بالإضافة إلى حاجة حلفائها فى أوروبا اليوم للنفط العربي، خصوصا مع محاولتهم التخلص من واردات النفط والغار الروسي. وأكد أن مصر شريك حيوي واستراتيجي لأمريكا، وعنصر استقرار رئيسي وسط إقليم مضطرب يؤكده نجاحها فى تنفيذ مشروعات كبرى فى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع استمرارها خلال الوقت نفسه فى تطبيق سياسة نشطة لمكافحة التطرف والإرهاب وزيادة قدرتها العسكرية. دور مصر الإقليمي وشدد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية على دور مصر الإقليمي والمحوري فى قضايا الشرق الأوسط وأبرزها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والوصول إلى حل سياسي للوضع فى ليبيا، وكذلك فى السودان ولبنان وتدخل فى ذلك المبادرة المصرية الأردنية بتوصيل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأراضي السورية، إضافة إلى إقامة مصر علاقات وثيقة مع دول مجلس التعاون وكل من العراقوالأردن. وكشف عن تعاظم الدور المصري باكتشافات الغاز الطبيعي وإنشاء منظمة غاز شرق المتوسط، التي تضم فى عضويتها مصر والأردنوفلسطين وإسرائيل وإيطاليا وفرنسا وقبرص واليونان، وكلا من الولاياتالمتحدة ودولة الإمارات كمراقبين، كذلك سعيُ مصر لأن تكون مركزاً إقليمياً للغاز. ونوه مدير القاهرة للدراسات الاقتصادية، إلى أن القاهرةوواشنطن يتمتعان بعلاقات استثمارية وتجارية واسعة، حيث تتراكم الاستثمارات الأمريكية فى عده قطاعات أهمها الطاقة والاتصالات والبنية التحتية والصناعة والزراعة والبتروكيماويات. تابع: بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية 9.1 مليار دولار خلال العام الماضي 2021، حيث سجلت قيمة صادرات مصر لأمريكا 3.4 مليار دولار خلال العام الماضي، بينما وصلت قيمة واردات مصر من أمريكا 5.7 مليار دولار.