* "الدبلوماسية الاقتصادية" تقوي الأداء.. واستثمارات سعودية جديدة ب3.9 مليار دولار تبذل سلطنة عُمان جهودا مضنية لتعزيز اقتصادها الوطني وتنويع مصادره وتحقيق الاستدامة المالية، وفقاً للرؤية المستقبلية «عُمان 2040» التي انطلقت مطلع العام الجاري ولمدة عقدين من الزمن وفق خطط تنموية خمسية كل 5 سنوات، لتُصبح عُمان في مصاف الدول العالمية المتقدمة بحلول عام 2040م، وتُحقق بانتهاء الرؤية نمواً اقتصادياً مستداماً بمعدل 5% سنوياً مع زيادة متوسط دخل الفرد 90%.
ومنذ تولي السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان مسئولية الحكم في 11 يناير من العام الماضي، حمل على عاتقه تنمية وتطوير كافة القطاعات العُمانية بما يصب في خدمة ودعم رؤية 2040، وخاصة تنويع الاقتصاد باعتبار أن «الاقتصاد والتنمية» محور أصيل من محاور الرؤية، فقد أصدر السلطان هيثم بن طارق العشرات من المراسيم والقرارات على مدار الأشهر الماضية لخدمة أهداف الرؤية ومواكبة تنفيذها، كان آخرها إقراره خطة جديدة للتحفيز الاقتصادي لتحقيق معدلات نمو مرتفعة، تشتمل على العديد من الحوافز والمزايا لدعم جهود التعافي الاقتصادي وتعزيز أداء الأنشطة الاقتصادية وجلب الاستثمارات الأجنبية.. وجاءت خطة التحفيز الاقتصادي هذه، داعمة لإجراءات خطة التوازن المالي العُمانية متوسطة المدى (2020-2024م)، التي تم تطبيقها مطلع العام الجاري مع انطلاق الرؤية المستقبلية، وتهدف إلى تحسين المركز المالي وخفض الدين العام وتحسين التصنيف الائتماني للسلطنة.
جهود حكيمة لقد بدأت الخطط والإجراءات التي تنتهجها سلطنة عُمان لتحسين مستوى الاقتصاد الوطني، تؤتي ثمارها رغم الظروف الصعبة التي تعاني منها كل اقتصاديات العالم كنتيجة حتمية لتأثيرات جائحة كورونا.. وقد أعطت أكثر من مؤسسة دولية معنية بالجانب الاقتصادي، مؤشرات جيدة لنمو الاقتصاد العُماني، وآخر تلك التقارير الذي صدر عن وكالة "بلومبرج" الذي توقع نمواً بنسبة 2.3% للاقتصاد العُماني خلال العام الجاري، وهو الأمر الذي يؤكد نجاعة الإجراءات المتبعة وعلى وجه الخصوص خطة التوازن المالي وإعادة هيكلة الدعم الحكومي وفق أسس علمية للوصول إلى المستحقين له بالفعل. كما تكللت الجهود العُمانية الدؤوبة والحكيمة بالنجاح الباهر في تحسين تصنيف السلطنة الائتماني، وظهر هذا النجاح جلياً حينما كشفت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية العالمية مؤخراً، أن تصنيف السلطنة الائتماني عند «B+/B» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وتوقعت انتعاش الاقتصاد العُماني وتراجع الضغوطات المالية والاقتصادية على مسقط خلال العام الجاري .. وكانت هذه الوكالة قد خفضت في شهر أكتوبر الماضي تصنيفها الائتماني لعُمان على خلفية زيادة المخاطر الخارجية مع نظرة مستقبلية سلبية، لتنجح السلطنة بقيادتها السياسية الواعية وبجهود حكومتها الحثيثة من تحسين التصنيف الائتماني العالمي في وقت قصير. تحسن الإيرادات وأكدت عدة تقارير ودراسات اقتصادية، أنه إذا كان تحسن أسعار النفط منذ بداية الربع الحالي بدت تأثيراته واضحة على الاقتصاد العُماني مع تحسن الإيرادات، فإن السلطنة في المقابل تكثّف جهودها بشأن التنويع الاقتصادي وفق خطط وبرامج واضحة للنهوض بالقطاعات غير النفطية، والمستهدفة ضمن الخطة الخمسية الحالية .. وأشارت التقارير إلى البرنامج الوطني العُماني لجلب الاستثمارات الخاصة للسلطنة ومساندة الصادرات العُمانية في الأسواق الخارجية، الذي أُطلق بتوجيهات سامية من السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، كأحد مسرّعات المرحلة الأولى للخطة التنفيذية ل«رؤية عُمان 2040» والمرتبطة بمحور الاقتصاد والتنمية بالإضافة لبرنامج الاستدامة المالية، ليكون أحد المحفزات ضمن منظومة دعم الاقتصاد الوطني. كما أكدت التقارير والدراسات الاقتصادية أنه لضمان تحقيق الأهداف والنتائج المتوخاة من هذا البرنامج الواعد، فقد وُضع له إطاراً زمنياً على مدى ثلاث سنوات، ومؤشرات لقياس الأداء وهي الخطوة المهمة جداً بحيث تعكس وضوح الرؤية المستقبلية. وامتدادا لذلك، أطلقت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُمانية 50 فرصة استثمارية في القطاع الصناعي، لتتكامل مع خطة التحفيز الاقتصادي، إضافة إلى ذلك تشهد سفارات السلطنة حالياً تركيزاً في عملها الدبلوماسي على تشجيع الاستثمار في عُمان وترويجه فيما يعرف بالدبلوماسية الاقتصادية، وهذه خطوة مهمة سيكون لها مردود إيجابي بالنظر إلى الرصيد الكبير الذي تمتلكه مسقط من الدبلوماسية السياسية. مسقط والرياض وقد بحثت سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية منذ أيام قليلة، فرصاً استثمارية بما يقارب 150 فرصة، بقيمة تصل إلى 15 مليار ريال سعودي وهو ما يعادل 1.5 مليار ريال عُماني (حوالي 3.9 مليار دولار)، في قطاعات التطوير العقاري والصناعة والسياحة والثروة السمكية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات.