تطورات محسوبة فى أكثر من اتجاه يشهدها الملف السورى ما بين الوصول إلى توافق يدعم الحل السياسى وتفعيل مسار التفاوض انطلاقا من بيان جنيف واحد الذى يدعو إلى إنشاء هيئة حكم انتقالى كاملة الصلاحية، أما مسألة تنحى الرئيس السورى بشار الأسد فالتشاور يدور بشأنها وصولًا إلى توافق ليكون جزءًا من الحل فى بدايته ثم يترك الحكم بعد نقل صلاحياته إلى هيئة الحكم، لكن دمشق تراهن على بقاء الأسد خاصة فى ظل الدعم الإيرانى المطلق إضافة إلى المساندة الروسية والصينية، وكذلك توقع فتح حوار مع واشنطن تؤكد من خلالها أن بقاء الأسد يحافظ على وحدة الدول السوريا ومؤسساتها – إلا أن السيناريو النهائى للحل السياسى مازال فى بدايته وهذا ما سوف تكشفه الأسابيع المقبلة. ثمة مرونة بدت فى الموقف السعودى ينتظر أن يقابلها إجراء إيجابى من دمشق بعد إعلان وزير الخارجية السعودى عادل الجبير أنه يمكن للرئيس السورى بشار الأسد البقاء فى السلطة إلى حين تشكيل حكومة انتقالية فى سوريا. لكنه شدد فى نفس الوقت إلى تنحى الأسد بعد تشكيل الهيئة الحكومية الانتقالية»، وأضاف «يجب ألا يكون للأسد أى دور فى الحل السياسى»، مشيرا إلى أنه يستطيع البقاء خلال عملية تشكيل السلطة الانتقالية «ولكن ما إن تشكل هذه الهيئة وتصبح قادرة على الحكم، لا دور للأسد حينها». وتابع «إذا تم الأمر اليوم أو بعد أسبوع أو خلال شهر، الشعب السورى هو من يقرر، ولكن الواضح منذ بداية (النزاع) أن لا مستقبل للأسد فى سوريا ويبدو أن حوار المجتمع الدولى مع المجموعات العربية بدأ فى ترسيخ هذا الحل وهو تشكيل هيئة انتقالية تضم ممثلين للنظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى الإشراف على المرحلة الانتقالية والإعداد لانتخابات فى سوريا. لكن هذه الخطة تبقى حبرا على ورق حتى اقتناع الأسد نفسه بذلك لأنه يراهن على تحول الموقف لصالح من خلال حوار تتوقعه دمشق وتنتظره من الإدارة الأمريكية وقبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى عام 2016 وفى ظل إعادة ترتيب أولويات المصالح الأمريكية. إن التوافق العربى والدولى حول الحل السياسى فى سوريا أمر لا يعد تدخلا فى شئونها وإنما البحث عن صيغة تلبى طموح الشعب السورى وتحافظ على مؤسسات الدولة. وقبل هذه التطورات الجديدة والتى جمعت بين المعارك السياسية والعسكرية التى تزاحمت فى الملف السورى قدم المبعوث الروسى ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف خلال زيارته لمصر رؤية بلاده للحل السياسى فى سوريا وأسباب التدخل العسكرى والتوقيت الزمنى لإنهاء العمليات العسكرية الروسية فى سوريا والتى تؤكد على ما أعلنه الرئيس الروسى فلادمير بوتين بأنه مهتم بالتنسيق والتعاون مع مصر والسعودية والإمارات فيما يتعلق بالملف السورى وأن الهدف النهائى لكل الدول هو وضع نهاية للحرب الدائرة وإنهاء الدور الذى تقوم به التنظيمات الإرهابية فى الداخل السورى والتى تحاول الانطلاق إلى دول أخرى فى المنطقة العربية، وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربى قد بحث مع ميخائيل بوغدانوف مبعوث الرئيس الروسى إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث جرى التداول فى مستجدات الأوضاع الخطيرة فى القدس والأراضى الفلسطينية المحتلة، وما يدور بشأنها من اتصالات ومشاورات فى مجلس الأمن، وأكد الأمين العام فى هذا اللقاء على الموقف العربى الداعى إلى توفير الحماية الدولية للفلسطينيين والمسجد الأقصى وغيره من الأماكن المسيحية والإسلامية فى القدسالشرقية، وذلك من أجل وضع حد للاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة ضد أبناء الشعب الفلسطينى، الذى انتفض مدافعا عن حقوقه المشروعة فى مواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية لتهويد القدس والمسجد الأقصى. كما جرى فى هذا اللقاء استعراض لمستجدات الموقف فى سوريا، وعرض بوغدانوف على الأمين العام الأسباب والظروف التى دفعت بروسيا إلى زيادة حجم تدخلها العسكرى من خلال الغارات الجوية ضد مواقع تنظيم داعش الإرهابى، مؤكدا التزام روسيا بالعمل مع مختلف الأطراف المعنية من أجل إيجاد حل سلمى للأزمة السورية وفقا لما نص عليه بيان جنيف 1 الصادر عن مجموعة العمل الدولية فى 30 /6/ 2012. وأكد الأمين العام فى هذا اللقاء على ضرورة التحرك السريع من أجل توفير الأجواء الملائمة لإطلاق مسار مفاوضات بين المعارضة والحكومة السوريا تفضى إلى التوصل لوقف القتال والاتفاق على خطوات المرحلة الانتقالية وفقا لبيان جنيف 1، وبما يحقق تطلعات الشعب السورى فى الحرية والتغيير الديمقراطى، ويوقف نزيف الدماء والدمار والمعاناة القاسية التى يعانى منها كافة أبناء الشعب السورى بمختلف أطيافة وانتماءاته. ومن جانبه أكد المتحدث باسم الخارجية أن لقاء وزير الخارجية سامح شكرى والمبعوث الروسى عكس توافقا فى الرؤى حول ضرورة تفعيل الحل السياسى فى سوريا على أساس إعلان جنيف وكشف عن لقاء جمع بين المبعوث الروسى والمعارضة السوريا هدفه الاستماع إلى رؤية المعارضة ومطالبها خاصة بعد أنباء ترددت عن قصف القوات الروسية لمواقع المعارضة والجيش الحر. وأفاد المستشار أحمد أبو زيد أن اللقاء تناول بشكل مفصل تطورات الأزمة السورية، إلى جانب أهمية مواجهة التنظيمات الإرهابية باعتبار أن القضاء على الإرهاب فى سوريا يمثل خطوة هامة على طريق الحل السياسى. وأوضح أن اللقاء تطرق أيضًا إلى جهود المبعوث الأممى «ستيفان دىمستورا» وأهمية دعم جهوده وتفعيل مقترحاته، بما فيها تشكيل مجموعة اتصال دولية تسعى نحو إخراج سوريا من الأزمة الحالية، وباعتبار أن تلك الجهود هى التى ستسمح بتفعيل إعلان جنيف وصولاً إلى هيئة الحكم الانتقالية التى ستكون مهمتها الإشراف على التغيير السياسى والعمل على إعادة إعمار البلاد ومكافحة الاٍرهاب فى سوريا، وذلك فى إطار حل يحفظ سيادة سوريا ووحدة أراضيها. وتأتى زيارة المبعوث الأممى دى ميستورا لمصر فى سياق تفعيل الأفق السياسى للأزمة وعدم اقتصاره على ملف مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش وهو الدور الذى تقوم به قوات التحالف المعنية بمكافحة الإرهاب فى سوريا والعراق وتدخل روسيا العسكرى لاختصار الفترة الزمنية للخلاص من تنظيمات تحاول نقل عملياتها إلى عواصم عربية أخرى وفق إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بعدما تم تفسير التدخل الروسى بأنه للحفاظ على نظام الأسد إلا أن موسكو تؤكد أن عملياتها فى سوريا هى للحفاظ على مؤسسات الدولة فيما أكد رئيس الوزراء الروسى بأن تدخل بلاده يستهدف أيضًا الحفاظ على المصالح الروسية فى المنطقة.