ليس هناك قانون فى تركيا اليوم، الديمقراطية معلقة حالياً، والدستور لا يعمل به، نحن نواجه انقلابا مدنياً.. هكذا علق زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهورى كمال كيلتشدار أوغلو على إعلان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عن إقامة انتخابات برلمانية مبكرة فى الأول من نوفمبر المقبل. وحطم أردوغان كافة الأعراف والتقاليد التركية وضرب بها عرض الحائط، عندما أظهر انحيازه لحزب العدالة والتنمية أثناء الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى يونيو الماضى فى الوقت الذى يلزمه الدستور بالحياد كونه رئيساً للجمهورية، والآن بالإعلان عن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة قبل انتهاء المهلة الرسمية لتشكيل حكومة ائتلافية، بالإضافة إلى امتناع أردوغان عن تكليف حزب الشعب الجمهورى ثانى أكبر الأحزاب التركية شعبية بتشكيل الحكومة. وحاول أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الملكف بتسيير الأعمال تشكيل حكومة ائتلافية بالتعاون مع حزب الشعوب الديمقراطى ذى الأغلبية الكردية بعد دخوله البرلمان للمرة الأولى فى تاريخه حاصدا 80 مقعدا، وسعى لإغرائه بالعديد من الحقائب الوزارية، إلا أن الحزب الكردى رفض فكرة الاتحاد مع حزب أردوغان «العدالة والتنمية» بشكل قاطع، قبل أن ينقلب عليه الأخير ويتهمه بالإرهاب والتطرف وأنه الذراع السياسى لحزب العمال الكردستانى فى محاولة لدفع الناخب إلى عدم التصويت لحزب الشعوب الديموقراطى، من أجل طرده من البرلمان وعودة العدالة والتنمية مجدداً إلى الحكم منفرداً محاولاً إقناع الرأى العام التركى والعالمى أنه يخوض حربًا ضد داعش، حيث يهدف أردوغان إلى إثارة الحس القومى لدى الناخب، لكسب المزيد من أصوات الناخبين القوميين الذين هجروا حزبه وحكومته فى الانتخابات الأخيرة، ولينشغل المواطن التركى فى الوقت الراهن بأخبار عودة القتال بين الجيش وحزب العمال الكردستانى، فلا يجد وقتا للاستماع لشكاوى المعارضة أو مطالبتها بفتح ملفات فساد الحكومة أو التجاوزات الدستورية لأردوغان. ويقول إمام تارجى عضو حزب الشعوب الديمقراطى إن أردوغان أراد الانتقام من الأكراد على عدم التصويت لحزبه العدالة والتنمية فى الانتخابات الأخيرة تحت أكذوبة «الحرب على داعش». كما انتقد كمال كيلتشدار أوغلو، أردوغان وحكومته وحزبه، لاتباعهم سياسة الدم للفوز فى الانتخابات المبكرة المقبلة، مؤكدًا أن حكومة أردوغان تسعى لنيل أصوات المواطنين بإتباعها منطق «امنحونى أصواتكم لأخلصكم من الفوضى التى تشهدها البلاد». ويشير محللون ومعارضون أتراك، إلى أن أردوغان كان يعتبر فى السابق، حين كان يفوز حزبه بالأغلبية البرلمانية، أن الحديث عن انتخابات مبكرة خيانة للوطن، وإهدار لمقدراته، ولكنه عندما فقد الأغلبية المريحة تنكر لكل ذلك، واتخذ قراره منذ ذلك الحين لإفشال كافة المحاولات لتشكيل حكومة ائتلاف من أجل انتخابات مبكرة يراهن من خلالها على تعديل المشهد السياسى الحالى والإمساك بالغالبية البرلمانية من جديد عن طريق إحدى ثغرات الدستور التركى والمتعلقة بتمثيل الأحزاب فى البرلمان فقط عندما يتجاوز ما يحصل عليه كل حزب حاجز 10% من الأصوات، وفى حال فشل الأحزاب فى الحصول على تلك النسبة تذهب كل الأصوات التى حصلت عليها لمصلحة الحزب الأكبر. ويرى كريستيان باركل مدير مؤسسة «هاينريش بول» التركية، أن نتيجة الانتخابات المقبلة لن تختلف عن سابقتها حيث سيفوز حزب العدالة والتنمية مرة ثانية بغالبية كبيرة، لكنه لن يستطيع الحصول على الغالبية المطلقة، فى الوقت الذى يرى فيه مركز «جيزيجى» للدراسات واستطلاعات الرأى أن الانتخابات المبكرة ستقلل من نسبة أصوات حزب العدالة والتنمية لتصبح أدنى من 35?. ولم يخف المحلل السياسى نشأت أوزغلان، احتمالية عودة الجيش التركى إلى المشهد السياسى، مؤكدًا أنه يراقب المشهد جيداً ويعانى حالة استياء من الأوضاع السياسية الداخلية التى آلت إليها البلاد، مشددًا على أن الجيش التركى يتحين اللحظة المناسبة والمتوقع لها بداية عام 2016، حينما تعجز الأحزاب عن التوافق لتشكيل حكومة ائتلافية ودخول البلاد فى أتون من الصراع الداخلى.