أول مرة شاهدت فيها طفلة اسمها شيريهان كانت فى مسلسل ردىء بكل معنى الكلمة اسمه «المعجزة» أذيع فى السبعينات. كنت تقريبا فى مثل سنها، ولكنى لم أحبها، ولم أحب الحلقات التى لعبت فيها دور طفلة اسمها «عبير»، كنت أحب أى مسلسل يقوم ببطولته صبى أو طفل كما حدث مع ممدوح عبد العليم فى حلقات «وليد وراندة فى الفضاء»، ولكن لم يبق فى ذاكرتى من مسلسل «المعجزة» سوى أغنية المقدمة الساذجة: «عبير.. عبير.. عبير.. أنتى مين يا عبير؟!! أنا أختكم عبير.. أو بنتكم عبير.. أو صاحبتكم عبير»، ومشهد لصلاح السعدنى ويونس شلبى من أسخف ما شاهدت، كان العمل من إنتاج والدة شيريهان، وبدعم من شقيقها عازف الجيتار الأشهر عمر خورشيد. ظل هذا الإنطباع السلبى عن شيريهان فى ذهنى طويلا، مجرد بنوتة تغنى وترقص وتمثل بفلوسها، مررت سريعا على دور تليفزونى آخر شاهدته لها فى مسلسل بعنوان «الليل والقمر»، كانت تلعب فيه دور نعيمة ، وكان المغنى الراحل عمر فتحى يلعب دور حسن. ظلت فى أدوارها الأولى فى السينما، التى شاهدتها فيما بعد، مجرد مراهقة تحاول أن تتخلص من طفولتها بلا جدوى، فلا هى امرأة ولا هى بنوتة، هكذا كانت مثلا فى «الخبز المر» و»قطة فوق صفيح ساخن»، فى المسرح لم تكن قد نضجت بعد وهى تقف أمام محمد صبحى فى»المهزوز» و»إنت حر»، وهى نصوص قوية، ولكنها كانت تتفوق فقط فى المشاهد التى تناسب سنها، وفى تجربة فؤاد المهندس الناجحة «سك على بناتك» كانت هناك لمسة افتعال واضحة رغم مناسبة الشخصية لسنها. ولكن نظرتى لشيريهان اختلفت تماما بعد ذلك بسبب دوريها الكبيرين فى «الطوق والإسورة» و «عرق البلح»، والعملان من أفضل أفلام السينما المصرية، ومن أفضل مخرجيها. يرجع الفضل الى خيرى بشارة أولا فى أن يرى فى شيريهان ملامح صعيدية، كأنك أمام ممثلة أخرى غير التى عرفناها، ثم قدمها رضوان الكاشف فى مرحلة أنضح لتحمل فيلم «عرق البلح» على كتفيها، بل إنه استغل موهبتها الإستعراضية فى تقديم أغنية بيبة التى أصبحت من أفضل الأغنيات السينمائية. تفجرت موهبة شيريهان فى عالم الإستعراض، وقدمها فهمى عبد الحميد فى الفوازير، وأصبحت الوحيدة التى يمكن مقارنتها بموهبة نيللى كفنانة استعراضية، كما تفوقت بحلقات «ألف ليلة وليلة»، وشخصياتها الأسطورية عروسة البحور والأميرة ورد شان، لها فيلم اسمه «كريستال» عبارة عن استعراضات تبحث عن دراما، ولها أدوار مميزة على فترات متباعدة كما فى «شارع السد» للراحل محمد حسيب، و»يوم حار جدا» مع محمد خان»، و»ميت فل» مع رأفت الميهى»، ولها مسرحيات متواضعة دراميا، بعضا مما قدمت يكفى تماما لكى نتحدث عن موهبة رائعة، وربما تسنح الفرصة لكى تعود فى دور جديد كبير.