تكشف «أكتوبر» أسرارًا جديدة فى أضخم أزمة هزت الإخوان من الداخل، بعد نشوب الصراع بين قيادات الحرس الحديدى المتمثل فى التيار القطبى الذى سيطر على الجماعة لعقود طويلة، وبين قيادات الحراك الثورى المتمثلة فى أجيال الصف الثانى والثالث داخل التنظيم.. ووفقًا للمصادر فإن الأزمة الحقيقية بدأت بسبب سيطرة المخابرات القطرية والتركية على مكتب الإرشاد الجديد الذى تم انتخابه فى فبراير 2014 بعد القبض على غالبية أعضاء مكتب الإرشاد القديم ومكتب شورى الجماعة، إضافة للقبض على عدة لجان أخرى تم تشكيلها لإدارة شئون التنظيم عقب فض اعتصام رابعة.وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن الإطاحة بالحرس الحديدى وعلى رأسهم محمود عزت، ومحمود حسين، وعبد الرحمن البر، ومحمود غزلان، وهو ما سلب سيطرتهم بالكامل على مقاليد حكم الجماعة. وتم انتخاب د. محمد كمال قائما بأعمال المرشد، وعضوية حسين إبراهيم، وعلى بطيخ، ومحمد سعد عليوة، وأحمد عبد الرحمن، ومحمد طه وهدان أمينا عاما للجماعة. وفى بداية عام 2015 قام مكتب الإرشاد الجديد بتشكيل ما يسمى «مكتب إدارة أزمة للمصريين بالخارج»، بهدف التواصل مع دول العالم وبرلماناتها وتفعيل ملف حقوق الإنسان مع المنظمات الحقوقية الدولية، وعقد مؤتمرات وندوات ضد الدولة المصرية. ويتكون مكتب الأزمة من 7 أفراد موزعين على الدول التى تحوى أكبر عدد من إخوان مصر الذين هربوا إليها مؤخرًا مثل تركيا وقطر وماليزيا والسودان ويتولى مسئولية هذا المكتب أحمد عبد الرحمن الذى اعترف فى تصريحاته بأن هذا المكتب هو الذى يدير الصراع داخل مصر حاليًا. وأوضحت المصادر أن المخابرات القطرية والتركية هى المتحكم فى كل تفاصيل الجماعة عن طريق مكتب الإرشاد الجديد ومكتب إدارة الأزمة وقاموا بتحويل صراعهم مع الدولة المصرية من خلال توجيه نشاط الإخوان داخل مصر وتنفيذ مخططات إثارة الفوضى. وأكدت المصادر أن قيادات التنظيم الدولى للجماعة وعلى رأسهم إبراهيم منير المتحدث الرسمى للإخوان بأوروبا والمتحكم الرئيسى فى أموال التنظيم أرسلوا تقارير لقيادات الحرس الحديدى تحذر من سقوط الجماعة فى أيد جهاز المخابرات القطرية والتركية، وهو ما ينذر بتلاشى الجماعة نهائيًا. ما دفع محمود غزلان، فى موقف هو الأول له بعد غياب قرابة 20 شهرًا عن المشهد، منذ فض اعتصام رابعة، لإصدار رسالة حملت عنوان «دعوتنا باقية وثورتنا مستمرة»، نشرها على موقع نافذة مصر، بعد رفض جميع منابر الجماعة الرسمية نشرها، وشدد فيها على ما أسماه ثوابت الجماعة والسلمية، وهذا الموقف اعتُبر فى أوساط الإخوان أنه نوع من التراجع عن مسار التنظيم ومقدمة للمصالحة مع الدولة المصرية. بعدها اضطرت قيادات الحرس الحديدى لعقد اجتماع عاجل داخل القاهرة، للبحث فى هذه التفاصيل خاصة بعد تأكيدهم بخضوع قيادات مكتب إدارة الأزمة ومكتب المصريين بالخارج للمخابرات القطرية، وانتهى اللقاء إلى إلغاء الانتخابات التى أجريت على اعتبار أنها تمت فى ظروف مؤقتة، وأنهم مازالوا أصحاب الكلمة الأول والأخيرة فى الجماعة كونهم من الرعيل المؤسس للتنظيم ويمتلكون خزائن أسراره، وتم الاتفاق على أن يستمر د. محمود عزت مرشدا مؤقتا للجماعة، ومحمود حسين أمينا عاما واحتفاظ جميع أعضاء المكتب السابقين بعضويتهم وفقا للوائح الجماعة، وإعلان ذلك على الملأ، محاولة منهم لتصدر المشهد مرة أخرى، بعد أن تواروا خلف الستائر على مدار الشهور الماضية. وبالفعل تم إبلاغ أعضاء مكتب الإرشاد الجديد بهذه القرارات، ما دفعهم للثورة على هذه الأوضاع خاصة بعد نشر محمود حسين هذه القرارات على صفحته عبر مواقع التواصل الاجتماعى. ولم تمض ساعات حتى أعلنت إحدى الصحف الإلكترونية والموالية للمخابرات القطرية بالقاهرة تفاصيل الأزمة وصورتها على أنها انقلاب متكامل الأركان، من جيل الشيوخ على اختيار وإرادة الشباب التى جاءت بالمكتب الجديد، وأن جموع الشباب ترفض هذه القرارات وتعترض من الأساس على تصدر مشايخ الجماعة للمشهد مرة أخرى، ولم تكتف الصحيفة بذلك بل قامت بنشر تقارير مصنوعة تحمل انتقادات حادة من الشباب وقيادات المكاتب الإدارية تجاه الحرس الحديدى وتتهمهم بأنهم المسئولون عما آلت إليه الجماعة من تخبط وكوارث. ونشر المتحدث الرسمى للجماعة محمد منتصر بيانًا أكد فيه أن قرارات محمود عزت ومحمود حسين مجرد هراء لا حقيقة لها، وأن المكتب الجديد هو المسئول الأول والأخير عن قيادة التنظيم فى الوقت الراهن وفقا للوائح الجماعة. وفى رد فعل استفزازى قام محمود عزت بنشر مقال على بوابة غير رسمية للإخوان وهى «نافذة مصر»، تحت عنوان «لا تراجع عن الثورة» ذيله بعبارة «القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين». وفى إطار الصراع على سدة الحكم داخل التنظيم أوضحت المصادر أن قيادات الحرس الحديدى قامت بالإبلاغ عن أماكن تواجد قيادات المكتب الجديد للخلاص منهم بعد شعورهم بالتهميش التام والخروج من دائرة صناعة القرار داخل الجماعة والانحراف بها نحو منعطف الحراك الثورى وتنفيذ مخطط المخابرات القطرية، حيث تم القبض على الأمين العام الجديد محمد وهدان أثناء تحركاته. ولم يجد قيادات المكتب الجديد الخلاص من الحرس الحديدى سوى رد الضربة بالإبلاغ عن أماكن اختباء د. محمود غزلان والدكتور عبد الرحمن البر فى شقة بالحى الثانى بمدينة 6 أكتوبر. اشتعال الأزمة دفع قيادات التنظيم الدولى إلى عقد اجتماع فى مدينة اسطنبول لحل الخلاف، حضره ممثلون عن الفريقين المتنازعين على تولى مسئولية مكتب الإرشاد، من بينهم محمود حسين الأمين العام السابق والهارب إلى تركيا، وأحمد عبد الرحمن مسئول المكتب الإدارى لإخوان الخارج، إضافة إلى يحيى حامد وزير الاستثمار الأسبق، وعمرو دراج وزير التعاون الدولى الأسبق، وأيمن عبد الغنى أمين الشباب بحزب الحرية والعدالة المنحل. كما شارك فى الاجتماع - عبر الهاتف - يوسف ندا القيادى الإخوانى المقيم فى سويسرا، والدكتور يوسف القرضاوى . وأكدت المصادر أن اللقاء أسفر عن إجراء انتخابات جديدة لمجلس الشورى العام على أن يقوم هذا المجلس باختيار مكتب إرشاد جديد يتولى قيادة الجماعة خلال السنوات المقبلة بعد الإقرار بأن اللجنة التى تدير التنظيم الآن هى «لجنة أزمة»، وليس لها صلاحيات مكتب الإرشاد. وتم الاتفاق على أن يُستبعَد طرفا الأزمة من الترشح فى الانتخابات الجديدة، لإتاحة الفرصة أمام وجوه جديدة لتتولى المسئولية فى هذه المرحلة الدقيقة. الحرب الدائرة بين الطرفين كشفت الكثير من الوجوه القبيحة للجماعة وشبابها، فقد انهارت عبارات تقديس القيادات والثقة فيها، والتمرد على مبدأ السمع والطاعة، وهو ما وضح فى الهجوم العنيف الذى شنه محمد ماهر عقل أحد شباب الجماعة عبر صفحته على الفيس بوك قائلًا: «دول ومن على شاكلتهم من القيادات والمطبلاتية بتوعهم، قادوا جماعة الإخوان ومصر وثورات الربيع العربى كله إلى الدرك الأسفل بأفكارهم المتقادمة، ونظرتهم القاصرة المكرسة لحماية التنظيم وإدارتهم الفاشلة والديكتاتورية للجماعة ولكل الملفات على مدار 3 عقود، ولم يعبأوا لا بدماء ولا أعراض ولا أوطان و لا مشاريع هوت بعد فشلهم». وأضاف: «لأ وراجعين بينازعوا على الكراسى والنفوذ والأفكار، وكأنهم حراس المعبد اللى لازم أجندة الجماعة ،وأفكارها تكون دايماً متسقة مع قناعاتهم وتوجهاتهم أياً كانت، دول مجموعة أقرب للمافيا وتجار الدم، القضية والثورة والناس اللى فى الشارع أشرف منهم كلهم ومواجهتهم هما وعُبّاد الكيانات والرموز اللى بيحاوطوا نفسهم بيهم». بينما كتب محمد الصنهاوى – أحد شباب الجماعة – على قيادات الجماعة عبر حسابه الشخصى على ال «فيس بوك» الكلام عن رفض تحركات محمود حسين وإخوانه ليس تأييدًا مطلقًا للمكتب الجديد، خاصة فى ظل فقر المعلومة، خاصة أن السنين الأخيرة أفقدتنى الثقة فى كل جهة من فرط ماشفنا خذلان وتخبط، لكن اللى أنا متأكد منه تمامًا أنه مش هينفع الناس القديمة تعود للمشهد وبهذا الشكل الفج الوقح.. ياراجل ده أنت مامعكش باسوورد حساب رسمى تكتب عليه البيان فبتكتبه على صفحتك الشخصية.. عيب حقيقى عيب». وأضاف: أنا مدرك تمامًا أن الناس دى كتير منها بيتحرك بدافع عاطفة و «أبوية» تصل للفوقية وإحساس عميق بامتلاك أسرار الدعوة وخوف على انحرافها - من وجهة نظرهم - على يد الشباب المتحمس اللى مش فاهم وماعندوش رصيد خبرة ولا خاض مواجهات تاريخية مع الدولة المصرية - باعتبار إن هما لما خاضوها نجحوا فى الحفاظ على جسد التنظيم ،وده معيار عندهم للأسف، لكن حتى العذر ده مش هينفع.. فيه ناس ممكن تقتل أولادها وهى متصورة إنها بتحميهم، الحقيقة إن الربانية ومصلحة الدعوة والشفافية والمسئولية كانت تقتضى إنك بعد 10 ولا 20 ولا 30 سنة فى موقع إدارى وتنفيذى كنت تتنحى جانبًا وتسلم الراية لجيل جديد وتتولى دعمه وتعليمه ومساعدته برصيد خبرتك ومعلوماتك وعلاقاتك، لكن الإحساس المفرط بإن ماحدش هيعرف يمشيها غيرك ده إحساس قمىء، وفوق إنه بيوضح شكل الطريق القادم فهو بيوضح قد ايه انت فشلت أصلًا فى تربية كوادر تقدر تسد وقت الشدة وتشيل الشيلة بدليل إنك مش واثق فى حد يمشيها غيرك.