صدق حيدر العبادى رئيس الوزراء العراقى عندما تعهد بتحرير مدينة الرمادى خلال أيام، وقال إن هذا هو «الخيار الوحيد» أمام حكومته. تصريحات العبادى واجهت نوعًا من عدم التصديق على نطاق واسع، إلا أن انطلاق عملية عسكرية الثلاثاء الماضى لاستعادة السيطرة على محافظة الأنبار أعادت المصداقية لتصريحات العبادى. وكان مسلحو «داعش» قد سيطروا على أجزاء كبيرة من الأنبار أوائل العام الماضى، ثم استولوا على الرمادى عاصمة المحافظة أوائل شهر مايو الحالى. واعتبر سقوط الرمادى هزيمة كبيرة للقوات العراقية وأعلن بيان لمكتب رئيس الوزراء أن القيادة المشتركة للقوات العراقية بدأت عمليات تحرير الأنبار. وقالت مصادر أمنية فى الأنبار إن القوات المشتركة من القوات الأمنية والحشد الشعبى ومقاتلى العشائر تشارك فى العملية وطوقت الرمادى من ثلاثة محاور وواصلت قصف معاقل «داعش» فيها. وأضافت المصادر أن هناك غطاء جويا مستمرا سيساعد القوات البرية. وكان نائب الرئيس الأمريكى جون بايدن قد طمأن العبادى مؤكدًا التزام الولاياتالمتحدة تجاه معركة العراق ضد «داعش» بعد أن شككت تصريحات لوزير الدفاع الأمريكى فى إدارة القوات العراقية للقتال. وأقر بايدن بالتضحيات الهائلة والشجاعة التى أبدتها القوات العراقية خلال الأشهر ال18 الأخيرة. عودة سليمانى من جهة أخرى نشر موقع «روز نو» صورة حديثة للواء قاسم سليمانى قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى، وهو يقف إلى جانب قيادى فى ميليشيات «الحشد الشعبى» يلقب ب «أبو عزرائيل» وذكرت مصادر أن سليمانى موجود فى العراق للإشراف على المعارك ضد «داعش» منذ الثلاثاء قبل الماضى. وكان سليمانى قد غادر العراق بعد تحرير تكريت إبريل الماضى بعدما تزايدت الانتقادات ضد «الحشد الشعبى» و«فيلق القدس»الإيرانى حول انتهاكات واسعة ارتكبت ضد المدنيين فى تكريت وتهدف إيران إلى تقوية نفوذ ميليشيات «الحشد الشعبى» التى تتولى تمويلها وتسليحها، وتثبيت وجودها عسكريا على الأرض بحجة محاربة «داعش». وكان النائب فادى الشمرى عضو كتلة «المواطن» التابعة للمجلس الأعلى الإسلامى قال: إن على سنة العراق الاختيار بين شرعية الدولة أو القتل على أيدى المتطرفين. وكانت طمران قد سارعت على لسان على أكبر ولاياتى مستشار على خامنئى فعرضت استعداد إيران لمواجهة «داعش» قائلًا:«إذا طلبت العراق بشكل رسمى كبلد شقيق أن نقوم بأى خطة للتصدى.. فإن طهران ستلبى مثل هذه الدعوة». وكانت تقارير أمريكية قد أكدت أن إيران أرسلت جنودًا ومدفعية ومعدات حربية ثقيلة إلى العراق، وشاركت فى معركة استعادة مصفاة بيجى من تنظيم «داعش»، كما استخدمت طائرات بدون طيار لرصد تحركات التنظيم. من جهة أخرى دعا قائد سلاح البر الإيرانى الجنرال أحمد بوردستان البرلمان إلى زيادة موازنة القوات المسلحة للتصدى ل«داعش» فى الدول المجاورة وقال:«علينا مواجهة شكل جديد من التهديد فى المنطقة، فالمجموعات الإرهابية موجودة قرب حدودنا، ونرى وجودًا ل «داعش» فى أفغانستان وباكستان وخلال هجوم «داعش» على الموصل وصل الإرهابيون إلى جلولاء على بعد40 كيلومترا من الحدود مع إيران». غياب الثقة لم يستطع العبادى حتى الآن استعادة الثقة فى صفوف السنة، ولم تستطع الحكومة تسليح العشائر السنية رغم كل وعودها، وقد حملها شيوخ العشائر مسئولية المكاسب التى حققها «داعش». ويزيد من غياب الثقة والشكوك التى تحوم حول أسباب انسحاب قوات الجيش من الرمادى، من أجل وضع الجميع أمام خيار وحيد هو قوات «الحشد الشعبى» كمنقذ وحيد، وبذلك تصبح معظم العراق تحت الهيمنة الإيرانية. وبذلك فإن المسار الذى تأخذه الحرب ضد «داعش» فى العراق يعزز الصراع المذهبى. لقد راهن التحالف الدولى وأمريكا على الجيش العراقى كقوة برية تستطيع هزيمة «داعش» بمساندة ودعم الغارات الجوية، لكن هذا الجيش أثبت فى معركة الرمادى ومن قبلها معركة الموصل أنه دون الطموحات التى علقت عليه، وأن الفوضى فى صفوف القوات العراقية وليس قوة «داعش» وراء سقوط الرمادى. والنتيجة المباشرة أن الحكومتين العراقية والأمريكية الآن أمام خيار وحيد فى قتال «داعش» وهى قوات «الحشد الشعبى» التى تتلقى الدعم والتمويل والتدريب والأوامر أيضًا من الحرس الثورى الإيرانى. فالعبادى يتوجه مرغمًا إلى «الحشد الشعبى» بعدما كان يعول على المؤسسة العسكرية الرسمية فأصبح تحت رحمة الميليشيات الشيعية المرتبطة بمصالح إيران. وبدا واضحًا أمام السنة أن العبادى سيصبح مثل المالكى وأن التهميش بل الظلم سيستمر، وهو الأمر الذى سيطيل فى عمر «داعش» ويجعله يصمد فى وجه الحرب التى يشنها التحالف الدولى.