من طالبان إلى داعش، يبدو أن أفغانستان أصبحت مسرحا للجماعات المتطرفة، التى تمارس عملياتها الإرهابية داخل تلك الدولة، التى يبدو أنها لن تشهد استقرارًا قريبًا. فبعد انتهاء الوجود الأمريكى فى أفغانستان، وإجراء الانتخابات الرئاسية التى شهدت فوز الرئيس أشرف غنى، وقرار طالبان- غير المعلن- بعدم تنفيذ عمليات ضد المدنيين، واختصار تحركاتها الميدانية على مواجهة القوات الأفغانية والأجنبية، كان من المفترض أن تشهد أفغانستان فترة من الاستقرار والهدوء، ولكن ما حدث مؤخرا يؤكد أن ذلك سيظل حلمًا بعيد المنال، حيث شهدت أفغانستان الأسبوع الماضى تفجيرا انتحاريًا كبيرًا فى مدينة جلال آباد، مما أدى لمقتل 35 شخصا، وإصابة أكثر من 100 آخرين، وأعلن ما يسمى «تنظيم داعش فى ولاية خراسان» مسئوليته عن الهجوم، معلنًا أنه يستهدف أركان الحكومة والعاملين فيها. ويعتبر هذا الهجوم أول عملية مسلحة للتنظيم، منذ إعلان الأجنحة المنشقة عن طالبان باكستان، وقادة محليين فى أفغانستان ولاءهم ومبايعتهم لأبى بكر البغدادى قبل أشهر، وتسمية كل من باكستانوأفغانستان ولاية خراسان التابعة لداعش. وفى هذا الإطار، ذكرت تقارير إعلامية أن موفدين من داعش، بدأوا فى تجنيد أفراد، والاتصال بقادة محليين من الصف الثانى فى طالبان، لتجنيدهم أيضا مقابل مبالغ مالية ضخمة. وكتبت صحيفة « الجارديان» البريطانية فى تعليقها على الهجوم، أن التفجير الانتحارى الذى وقع فى جلال آباد، هو أول هجوم كبير من قبل مسلحين ينتمون لداعش، يجعل الأمر محسومًا بشأن تواجدهم بأفغانستان. وأشارت الصحيفة إلى أن أفغانستان تستعد لموجة جديدة من العنف المتصاعد مع بدء فصل الربيع، ولكنها هذه المرة من جانب قوة ناشئة جديدة تربط نفسها بتنظيم داعش. ومن ناحية أخرى، وعلى الرغم من إعلان داعش تبنيها للهجوم، ونفى حركة طالبان أى صلة لها به، وتأكيد الرئيس الأفغانى أن داعش مسئولة عن تلك العملية الإرهابية، إلا أن العديد من التقارير والتحليلات المنشورة فى الصحف ووكالات الأنباء، ترى أنه من السابق لأوانه إعلان مسئولية داعش عن هذا الهجوم، وفى هذا الإطار ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية فى تقرير مطول لها، أن مراقبين يعتبرون أن السلطات الأفغانية ترغب فى تضخيم خطر تنظيم داعش للحصول على مزيد من المساعدات من الدول الغربية، وإبقاء الأنظار مركزة على أفغانستان، مع تراجع دور الحلف الأطلسى عنها. وفى هذا الإطار يقول أمر الله صالح الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات الأفغانية «إن ما يقوم به تنظيم داعش فى أفغانستان هو أقرب إلى الحرب النفسية منه إلى الحرب الفعلية، وللأسف وقع الرئيس غنى بالفخ، إما عن غير قصد، وإما بسبب الجهل»، وتابع قائلا: «هل تبنى أبو بكر البغدادى مسئولية اعتداء جلال آباد؟ لا، وباستثناء تبنى أحد المنشقين عن طالبان، هل لدى السلطات الأفغانية أى دليل على أن تنظيم داعش يقف وراء الاعتداء؟ إذا كان لدى غنى دلائل فليعلنها». ولم يختلف كثيرًا تعليق «جرايمى سميث» الخبير فى مجموعة الأزمات الدولية، والذى ذكر أن أفغانستان بعيدة جغرافيًا وأيديولوجيًا عن تنظيم داعش، مضيفًا، أنه من الصعب معرفة أين تقع أفغانستان على لائحة أولويات تنظيم داعش. من جهته يقول «جى إم برجيه» وهو صاحب كتاب نُشر مؤخرًا عن داعش، إن هذا التنظيم بات موجودًا بالفعل فى أفغانستان منذ بعض الوقت، إلا أن هذا لا يعنى مسئوليته عن اعتداء جلال آباد، مضيفًا «علينا أن نبقى حذرين، طالما لم يصدر شىء عن وسائل الإعلام المعروفة للتنظيم».