أى دين هذا الذى يحض على الكفالة؟ إنه الإسلام.. وها هو ذا محمد ? الذى أشار بأصبعيه السبابة والوسطى قائلًا "أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة يوم القيامة". هذا هو محمد ? الذى عاش الحياة يتيمًا لطيمًا بفقده أبويه وعاش مستقلًا بين كفالة جده عبد المطلب وكفالة عمه أبى طالب رغم الفقر وكثرة العيال. عاش حياته غير قادر على الاستئناس بالأبوة والأمومة. وعندما اختاره ربه نبيًا ورسولًا.. كفله بعناية وكان سندًا له على اجتياز ظروف الزمن. لكم قاسيت يا محمد.. وكيف تحملت وأنت تقف فى صحراء البادية طفلًا تحبو بلا حنان من أم ومساندة أب.. ولكن حنت إليك وعليك الأمة الإسلامية كلها.. ووقفت مراهقًا تتمنى أن يكون الأب إلى جوارك تستشيره فيما عن لك من أمور كنت تجهلها ووقفت تبكى شوقًا لرؤية والديك وقد منَّ الله عليك بالرسالة واختارك دون باقى خلقه لتحمل شرف وخاتم النبوه. هل كانت فى نفسه غصَّة الفقد؟ نعم فهو بشر.. ناهيك عن الرسالة ولأنه ذاق مرارة اليتيم واللطم طفلًا.. فكان حريصا به أن يناشد أهل البر والتقوى بكفالة من فقد أبويه أو إحداهما.. وزيادة فى الجائزة أن يكون الكفيل مع الرسول خطين متقابلين ملتقيين فى الجنة كأقرب إصبعين إلى بعضهما فى اليد الواحدة.. السبابة والوسطى. كم كانت رحلة عمرك شاقة يا رسول الله لم يكن معبدًا سهلًا مفروشًا بالورود وطريقك يا محمد. تألمت لفقد أبويك وتألمت لمرض أصابك وتألمت يوم شج رأسك وكسرت رباعيتك. وتألمت لفراق الأبناء والأحباب موتًا.. ولأنك رسول ونبى.. وجب عليك أن تكون الأشد ابتلاًء.. لأن الأشد ابتلاءً الأنبياء فالذين يلوونهم. ولم يكن يؤنسك إلا صوت هاجس داخلى يقول "يا محمد لا تحزن إننى أنا الله.. فاسجد واقترب".