على غرار اتفاق الدول الغربية لإنشاء تحالف دولى لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وبعد صراعات دامت طويلا، استقرت دول أفريقيا على مواجهة جماعة بوكو حرام الإرهابية التى تصاعدت حدة هجماتها فى نيجيريا منذ بداية العام الماضى. وأجاز الاتحاد الأفريقى تشكيل قوة قوامها 7500 جندى من نيجيرياوتشادوالكاميرون والنيجر وبنين لمحاربة بوكو حرام التى تهدف إلى إقامة دولة إسلامية فى شمال نيجيريا ووصولا لذلك استولت فى الفترة الأخيرة على العديد من البلدان والقرى شمال شرق نيجيريا وبدأت بتهديد دول الجوار حيث طالت هجماتها شمال الكاميرون التى تعانى من هجمات متواترة من قبل بوكو حرام التى استهدفت مدنيين وعسكريين، وهو ما دعا لتصدى الجيش الكاميرونى للمجموعة المسلحة غير أن الأخيرة كثفت من هجماتها وهو ما جعل مهمة الوحدات العسكرية الكاميرونية تزداد صعوبة، مما استدعى تدخل تشاد على خط المواجهة فتوجهت قافلة عسكرية تتكون من 400 سيارة عسكرية نحو الكاميرون تصدت للمسلحين فى عدة مناطق منها منطقة فوتوكول الواقعة شمال الكاميرون وألحقت بهم خسائر فادحة حيث قتل الجيش التشادى 123 مسلحا من جماعة بوكو حرام فى معارك دارت بين الطرفين شمال الكاميرون وطردت القوات التشادية أيضا مقاتلى بوكو حرام من بلدة مالام فاتورى بعد أن ظلت فى قبضتهم لأشهرعدة ، وذلك فى الوقت الذى فشلت فيه جماعة بوكو حرام فى الاستيلاء على مدينة مايدوجورى الاستراتيجية فى شمال شرق نيجيريا والتى تسعى إلى جعلها عاصمة للدولة الإسلامية. من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون عن تأييده لخطط الاتحاد الأفريقى الخاصة بإرسال قوة متعددة الجنسيات لمواجهة جماعة بوكو حرام الإرهابية التى ارتكبت فظائع مروعة ضد الإنسانية مشيرا إلى أنه لا يمكن لدولة وحدها أن تتصدى لهذه الوحشية. وقال مون: سنوفر الغطاء الشرعى لقوات حفظ السلام التى أعلنت عنها القمة الأفريقية لمحاربة بوكو حرام، وسنوفر لها كافة الدعم المطلوب وهناك اتفاق بين مجلس الأمن الدولى ومجلس السلم والأمن الأفريقى للقضاء على بوكو حرام. وبالرغم من أهمية قرار الاتحاد الأفريقى، إلا أن بعض المحللين وصفوا الاتفاق بأنه قرار ضبابى فى مجمله قائلين إنه رغم دخول قوات تشادية إلى الأراضى الكاميرونية واشتباكها برا مع عناصر لمجموعة بوكو حرام وقصف الطيران التشادى لمواقع للمجموعة الإرهابية داخل تراب نيجيريا، إلا أن هناك حاجة إلى تحديد ملامح وتفاصيل وتفويض وصلاحيات هذه القوات. كما يشير محللون إلى أن هذه القوة فى حاجة إلى دعم أممى، قانونى ودبلوماسى ولوجستى، بالإضافة إلى دعم مالى كأن تنشىء منظمة الأممالمتحدة صندوقا لتمويل هذه القوة الأفريقية وأن تزيد الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبى من تمويل العمليات العسكرية التى يقوم بها الاتحاد الأفريقى، عدا ذلك فإن هذه القوة ستبقى حبرا على ورق، فقد سبق وأن اتفقت كل من نيجيرياوالكاميرون والنيجر وتشاد وبنين فى أواخر عام 2014 على تشكيل قوة قوامها 3000 رجل لدحر بوكو حرام ولكن الخلافات بيت ابوجا وجيرانها حالت دون قيامها بعملياتها. فى الوقت الذى تساءلت فيه وسائل إعلام غربية عن تجاهل الحكومات الغربية لجماعة بوكو حرام رغم أنها لا تقل فى وحشيتها عن داعش. كما أظهر أيضا تحليل مقارن أجرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أنه فى الفترة بين 1 و28 يناير الماضى نشرت 24 وسيلة إعلامية غربية مهمة ما يقارب 3293 مقالة تتناول فيها تنظيم داعش فيما لم يصل عدد الإشارات إلى بوكو حرام أكثر من 544 مقالة على الرغم من أن التنظيم النيجيرى كان فى تلك الفترة منخرطا فى أفظع جرائمه مثل مجزرة (باجا) التى قتل فيها التنظيم أكثر من ألفى شخص، كما تسبب التنظيم فى نزوح 1,5 مليون مواطن نيجيرى وهو رقم يقترب من ال 1,8 مليون عراقى الذين هجرهم داعش من مناطقهم وقتل كذلك ما لا يقل عن 18 ألف شخص منذ عام 2011، وهو ما يفضح فى الحقيقة نفاق الإعلام الغربى، الذى لا يغطى سوى الأحداث التى تستهدف مباشرة المصالح القومية للولايات المتحدة وحلفائها، فيما تُترك التهديدات الأخرى، التى ربما تكون أكثر بطشاً ووحشية دون اهتمام ما دامت بعيدة عن المصالح الغربية.